الخطة العربية لإعادة إعمار غزة.. ترحيب فلسطيني ورفض أمريكي

اعتمدت القمة العربية الطارئة التي عقدت، الثلاثاء 4 مارس 2025 بالقاهرة، الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة على مدى 5 سنوات، والتي تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، منها 3 مليارات دولار من أجل التعافي المبكر خلال 6 أشهر.
وتركز الخطة العربية على الإغاثة الطارئة، وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية الطويلة المدى، وفق وثيقة رسمية اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منها.
كما أكدت ضرورة مراعاة رغبة سكان غزة، وحقهم في البقاء على أرضهم، معربة عن رفضها “خلق الظروف الطاردة لهم إمعاناً في ظلمهم، بما يهدد بمزيد من التوتر وتوسع الصراع وامتداده لدول أخرى في المنطقة”.
مراحل خطة الإعمار
وتشمل مهام مرحلة التعافي المبكر إزالة الركام في بعض المناطق وتأهيلها للسكن المؤقت، وترميم 60 ألف وحدة سكنية متضررة جزئياً لاستيعاب 360 ألف نسمة، وإنشاء 200 ألف وحدة سكنية مؤقتة لاستيعاب 1.2 مليون شخص.
أما مرحلة إعادة الإعمار فتنقسم بدورها إلى مرحلتين، تكلفة أولاها 20 مليار دولار بتقدير زمني يصل إلى عامين، وتشمل مهام إنشاء 200 ألف وحدة سكنية جديدة، وأعمال تطوير للبنية التحتية، واستكمال إزالة الركام وفرز الأنقاض، إضافة إلى إنهاء ترميم 60 ألف وحدة سكنية لاستيعاب 1.6 مليون نسمة، واستصلاح 20 ألف فدان، وإنشاء مرافق خدمية.
وتشمل المرحلة الثانية من إعادة الإعمار إنشاء 200 ألف وحدة سكنية إضافية لاستيعاب 1.2 مليون شخص، وأعمال تطوير للبنية التحتية خاصة بها، مع إنشاء المرحلة الأولى من المنطقة الصناعية على مساحة 600 فدان، وإنشاء ميناء الصيد البحري، والميناء التجاري، ومطار غزة، وذلك بتقدير زمني يصل إلى 2.5 عام، وتكلفة تقديرية بـ30 مليار دولار.
وترسم الخطة الهوية العمرانية للقطاع السكني والخدمي بشكل مستوحى من التراث العربي والإسلامي، بينما يعكس تصميم مباني القطاع الحكومي بيئة عمل حديثة ومستدامة، ويجمع تصميم المباني العامة بين الحداثة والهوية المحلية.
هذا ومن شأن الخطة العربية لإعادة إعمار غزة توفير 500 ألف فرصة عمل للفلسطينين في القطاع، موزعين على مختلف المجالات.
إدارة تكنوقراط انتقالية
وتشدد الخطة على أنه من الضروري البدء في التفكير في كيفية إدارة المرحلة المقبلة للتعافي المبكر بما يضمن الملكية الفلسطينية، والتعاطي مع القطاع بأسلوب سياسي وقانوني يتسق مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن كونه جزءاً لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.
وأفادت بأنه جاري في الوقت الحالي تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، وذلك بقرار فلسطيني، لغرض إدارة المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أنها ستكون لجنة مستقلة مكونة من تكنوقراط وشخصيات غير فصائلية، تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، تمهيداً لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة.
كما دعت المجتمع الدولي في الوقت الحالي إلى دعم هذه الجهود وتشجيعها لنجاح اللجنة الإدارية المشار إليها حتى تتمكن من إدارة المرحلة المقبلة.
إنهاء احتلال 1967
ويتعين على مجلس الأمن، وفقاً للخطة، النظر في نشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية، بما يشمل غزة والضفة، وذلك ضمن جدول زمني واضح لإقامة الدولة الفلسطينية.
وتعتبر الخطة العربية أن ما سمّته “معضلة تعدد الجهات الفلسطينية الحاملة للسلاح في غزة”، أمر من الممكن التعامل معه “بل وإنهائه للأبد، إذا تمت إزالة أسبابه من خلال أفق واضح وعملية سياسية ذات مصداقية تعيد الحقوق إلى أصحابها”.
وتشدد الخطة على أن جميع الجهود السابقة يجب أن تصب في اتجاه تنفيذ حل الدولتين، والعمل على إبرام هدنة متوسطة المدى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تشمل الضفة وغزة، إلى جانب وقف جميع الإجراءات الأحادية، مثل الاستيطان، وهدم المنازل، والاقتحامات العسكرية، مع الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة.
وترى الخطة العربية أن اتفاقيات السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في الرابع من يونيو 1967، والانسحاب الكامل لإسرائيل من جميع أراضي فلسطين، من المفترض أن يشكل نهاية جميع أعمال المقاومة الفلسطينية ذات الصلة، وجميع المطالبات الفلسطينية وكذلك الإسرائيلية، وبداية فترة انتقالية لتطبيع العلاقات يتم الاتفاق عليها بالتفصيل بين الجانبين.
حماس ترحب
ورحبت حركة المقاومة الإسلامية – حماس بخطة إعادة إعمار غزة، التي اعتمدتها القمة العربية، ودعت إلى توفير جميع مقومات نجاحها.
وقالت الحركة، في بيان، “نرحب بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية وندعو لتوفير جميع مقومات نجاحها”.
ودعت الدول العربية إلى “الاستمرار في دعم صمود شعبنا الفلسطيني في مواجهة العدو المجرم، والتصدي لأطماع العدو التوسعية وخططه للهيمنة على حساب فلسطين ودول المنطقة وشعوبها”.
وأكدت على أن دعم الشعب الفلسطيني بموقف عربي موحد قادر على إفشال محاولات التهجير والضم والتوطين. كما رحبت بما ورد في بيان القمة العربية بشأن بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية لتعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني، مشددة على أن هذه الأخيرة ستتحقق “عبر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أسرع وقت ممكن”.
رفض أمريكي
ومن جانبهما، رفضت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة.
واعتبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برايان هيوز أن الخطة “لا تعالج حقيقة أن غزة غير صالحة للسكن حالياً، وأن السكان لا يستطيعون العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة”، وشدد على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “متمسك بإعادة بناء غزة خالية من حماس”، مع “التطلع إلى مزيد من المحادثات لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة”.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن تبني الدول العربية خطة إعادة الإعمار المصرية في غزة يستند إلى رؤى “مازالت متجذرة في وجهات نظر عفا عليها الزمن” بعد 7 أكتوبر.
وأضافت أن الخطة “مازالت تعتمد على السلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا”، معتبرة أن كلاهما أثبتا “مراراً الفساد، ودعم الإرهاب، والفشل في حل القضية”.