الحو: توقيف لشكر يفتح النقاش بشأن العلاقة بين القانونين الدولي والوطني

يتواصل الجدل بشأن توقيف الناشطة ابتسام لشكر، على خلفية صورة لها بقميص مثير للجدل، وذلك للاشتباه في إساءتها إلى الدين الإسلامي، في وقت يثير الأمر نقاشًا قانونيًا حول الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه المتابعة.
في هذا الصدد، اعتبر المحامي صبري الحو أن الواقعة تطرح إشكاليات حول مدى انطباق مقتضيات الفصل 267/5 من القانون الجنائي المغربي، التي تجرم الإساءة إلى الإسلام، على ما صدر عن لشكر، مبيّنًا أن الملف يختبر القضاء أمام التقاطع بين القانون الجنائي المغربي والتزامات المغرب الدولية.
وقال الحو، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن السؤال في معرض البحث فيما أقدمت عليه ابتسام لشكر يدور حول طبيعة المكتوب على القميص والتغريدة المرافقة له، وعلاقتهما بأركان الجريمة والعقاب المنصوص عليهما في الفصل 267/5 من القانون الجنائي.
وأوضح أن المكتوب في القميص “يختلف اختلافًا بيّنًا عن التغريدة المرافقة له” عند البحث عن توفر أركان التجريم المشار إليه في الفصل المذكور من القانون الجنائي، والتي تعاقب على الإساءة إلى الدين الإسلامي. إذ أن التجريم والعقاب هنا في رأيه لا يمتدان إلى سب الذات الإلهية موضوع العبارة على القميص. وأضاف: “بيد أن النيابة العامة ستجد ضالتها من أجل المتابعة في التغريدة لتعميم المتابعة، لأنها غير ملزمة بالتفاصيل”.
ويعاقب الفصل 267/5 بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أساء إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو حرض ضد الوحدة الترابية للمملكة.
وترفع العقوبة إلى الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، بحسب الفصل ذاته، إذا ارتكبت الأفعال المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن والتجمعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم، أو بواسطة البيع أو التوزيع أو بواسطة كل وسيلة تحقق شرط العلنية بما فيها الوسائل الإلكترونية والورقية والسمعية البصرية.
وتوقف الحو عند الشرعية الدولية، مشيرًا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتزام الدستور المغربي في ديباجته باحترام هذا الأخير “بل والمساهمة في تطويرهه”.
ويرى صبري الحو، في هذا الصدد، أن ما يحمله القميص والتغريدة معاً “يخرج عن دائرة التجريم والعقاب” بالنظر أيضاً، حسب المتحدث، إلى سمو الاتفاقيات الدولية، التي تعالج الموضوع من منطلق حرية الرأي والتعبير، في التطبيق بالأولوية على القانون المغربي عند اختلافهما، تبعًا لمقتضيات الفقرة ما قبل الأخيرة من ديباجة الدستور المغربي بعد حصولها على شرط التوقيع والمصادقة والنشر.
وأضاف أن المكتوب في القميص والتغريدة “يعد في حد ذاته، وبمعزل عن مساسه بمشاعرنا كمسلمين، رأيًا وتعبيرًا عنه”. ومع ذلك، يشير صبري الحو إلى أن النيابة العامة “سيكون لها رأيًا آخر، وستميل حتمًا إلى المتابعة وتترك الفصل القاطع في النقاش لمحكمة الموضوع”.
وختم المحامي والخبير القانوني بالقول إن الرهان سيكون على محكمة الموضوع لتحديد حدود العلاقة بين القانون الدولي والقانون الوطني والدستور، لافتًا إلى أن “النقاش والجدال سيكونان على أشدهما”.
وكان بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط قد أعلن يوم الأحد أنه تم وضع الناشطة ابتسام لشكر تحت الحراسة النظرية، وذلك بعد نشرها لتدوينة تسيء للذات الإلهية، مشيرا إلى أن النيابة العام أمرت بفتح بحث في الموضوع.
وأفاد البلاغ الذي توصلت به صحيفة “صوت المغرب”: أن هذه الخطوة جاءت “على إثر قيام سيدة بنشر صورة لها بحسابها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي تظهر فيها وهي ترتدي قميصا مكتوب عليه عبارات مسيئة للذات الإلهية وأرفقت الصورة بتدوينة تتضمن إهانة للدين الإسلامي”.
وخلص البلاغ إلى أنه “سيتم ترتيب الأثر القانونيّ المناسب علي ضوء نتائج الأبحاث فور انتهائها”.
وكان المحامي والوزير السابق المصطفى الرميد قد طالب بالمسائلة القانونية للشكر، قائلا إن “مجال الحق في التعبير واسع وعريض، لكنه لا يتسع للاستهزاء بعقائد الناس، ولايحتمل أبدا، الإساءة البليغة الى دينهم”.
وتابع في تدوينة له: “لايسعنا إلا ان نقول : إن في المغرب قانون واجب التطبيق، وان في البلاد مؤسسات تحمي المقدسات، ولامجال لاي تسامح مع من فكرت وقدرت وأصرت على أن تقول في حق الله تعالى، مالم يقله أحد من العالمين، ملحدين أو كافرين”.
في هذا السياق، أشار المصدر ذاته إلى مقتضيات الفصل 267.5 من القانون الجنائي التي تحمي الثوابت الجامعة المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور.