الحليمي: استمرار الفساد بالمغرب ينخر معدلات النمو
أكد أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، على ضرورة العمل على خفض معدلات الفساد في المغرب بهدف الرفع من معدلات النمو السنوية التي سجلت تراجعا في السنوات الأخيرة.
وأوضح الحليمي في حوار خاص مع صحيفة “Médias24” أن كل هذه الموارد التي يتم تحويلها في بعض الأحيان من عقود الدولة أو ميزانيات المؤسسات العامة والسلطات المحلية أو حتى الأصول الاجتماعية للقطاع الخاص تغذي إلى حد كبير الإنفاق الاستهلاكي الباذخ أو المضاربة على الأراضي أو حتى التحويلات إلى الخارج.
وسجل الحليمي أنه بمقارنة الفترتين 2000-2010 و2011-2022، يظهر أن ”جميع المؤشرات الهيكلية وإمكانات التنمية في تراجع“. ويعني بذلك إمكانات النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل والمساهمة في نمو إجمالي. مضيفا أيضا أن إدارة الموارد آخذة في التدهور، في ظل تزايد المديونية، موضحا أن معدل النمو المحتمل انخفض من 5 بالمائة بين عامي 2000 و2009، إلى 1.8% الآن.
كما سلط الضوء على انخفاض معدل التشغيل بالنسبة لمعدل النمو، حيث انخفض من 32 ألف وظيفة تم إحداثها لكل نقطة من النمو الاقتصادي بين عامي 2000 و2009 إلى ما يقرب من 20 ألف وظيفة بين عامي 2010 و2019.
ولمواجهة هذه التحديات يؤكد المندوب السامي للتخطيط، على ضرورة “الرفع من مستوى محاربة الفساد والمحسوبية وأي تواطؤ بين السلطة والمال“، وأوضح الحليمي أنه “لا يجب أن تكون هناك هيمنة للمصالح الخاصة في إدارة حكومة البلاد”، مضيفا في ذات السياق “يعتمد ازدهار الأعمال التجارية وبقاؤها واستمراريتها على المدى الطويل على كل من رأس المال واليد العاملة. ويجب أن يبقى كل منهما في مكانه. ويجب ألا يشارك أصحاب العمل في القرارات المتعلقة بكيفية إدارة البلاد“.
وأردف الحليمي أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي هي اليوم أكبر مصدر للثروة وخلق فرص العمل وأفضل ناقل لنشر الممارسات التكنولوجية، غير ممثلة تمثيلاً كافياً في الحوار الاجتماعي على المستوى الوطني. مبرزا أن هذا الوضع يساهم في إخفاء حقيقة أن الشركات الكبيرة تستحوذ على موارد السوق على حساب حاجتها للوصول إلى التمويل والأطر والصفقات العامة التي تحتاجها للنمو والوصول إلى حجم الشركات الوسيطة التي تحتاجها البلاد.
وفي ذات السياق أبرز الحليمي في حواره أنه ”بالنظر إلى تدفق الاستثمارات التي من المقدر أن يشهدها المغرب خلال السنوات القليلة المقبلة، فليس من العدل ولا من الحكمة أن تتحقق هذه الإمكانيات الاستثمارية في ظل استمرار التشوهات“، مؤكدا أن الفساد يعوق الاقتصاد الوطني، وخاصة بعض القطاعات،حيث يتم الاستحواذ على نسبة من موارد السوق، من قبل اللاعبين الذين يرون أن ذلك يعني بقاءهم على قيد الحياة، بدلاً من أن تذهب إلى الأكثر كفاءة.
ودعا الحليمي إلى إدخال المنافسة الحقيقية في السوق، وكذلك إلى فرض رقابة مؤسسية دائمة وفعالة على الممارسات والوسائل المختلفة للاستيلاء على الموارد بشكل مسيء.
وقال المتحدث ذاته، “إن الخروج من الأزمات يكون من خلال الإصلاحات الهيكلية وليس من خلال العلاجات الطارئة”. مضيفا أنه على الرغم من صعوبة الوضع إلا أنه لا بد من مقاربته بطريقة مستوحاة من اقتراح أنطونيو غرامشي المعروف: “تشاؤم العقل في التحليل، وتفاؤل الإرادة في العمل“.
وفي سؤال حول الكلفة التي يتكبدها الاقتصاد المغربي نتيجة استمرار الفساد، قال الحليمي إن “عدم توصله إلى هذا الأمر يبقى أحد الأمور التي يندم على عدم تمكنه من القيام بها”