الحكومة تصادق على مشروع قانون لحماية التراث الوطني وهذه أهم مقتضياته
من أجل تعزيز حماية التراث الوطني، صادق المجلس الحكومي اليوم الخميس، على مشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، والذي يهدف إلى تحسين الإطار القانوني الحالي وحماية التراث الثقافي المغربي من التهديدات المستمرة.
وتظهر أهمية هذا القانون خاصة في ظل المحاولات المتكررة للاستيلاء على بعض عناصر التراث المغربي من قبل دول أخرى، التي أظهرت رغبتها في تضمين مكونات مغربية ضمن لوائحها الثقافية الدولية، ما يبرز الحاجة الملحة إلى حماية هذا التراث المادي وغير المادي.
ويشمل مشروع القانون الجديد إنشاء سجل وطني لجرد التراث الثقافي المادي وغير المادي، بحيث يهدف إلى تسهيل متابعة وحماية التراث الوطني من جميع أنواع التهديدات سواء كانت داخلية أو خارجية، كما يتيح إمكانية التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالمحافظة على التراث الثقافي.
ومن أحد أهم المستجدات الأخرى في هذا القانون، هو إنشاء مخطط تدبير التراث، الذي يعد وثيقة استراتيجية تهدف إلى تنظيم عمليات الحفاظ على التراث، بحيث يحدد المخطط التوجهات الاستراتيجية المتعلقة بالتراث الثقافي، بالإضافة إلى تحديد الآليات العملية للتمويل والإدارة، مما يضمن التنسيق بين كافة الأطراف المعنية في هذا المجال.
ولم يقتصر القانون على حماية التراث الثقافي المادي فحسب، بل شمل أيضًا التراث غير المادي، خاصة أنه في الآونة الأخيرة، أصبحت بعض الممارسات الثقافية المغربية مستهدفة من قبل دول أخرى التي تسعى إلى ضمها إلى قوائم التراث العالمي.
وفي هذا الإطار، تضمن مشروع القانون تدابير خاصة لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، والذي يشمل الآثار التي تعود للوجود البشري، والتي تحمل طابعًا ثقافيًا، تاريخيًا، أثريًا، علميًا أو فنيًا، والتي بقيت مغمورة تحت المياه بشكل جزئي أو كلي، بما في ذلك البنيات، المواد، البقايا الآدمية أو الحيوانية، بالإضافة إلى حطام السفن والطائرات أو أي مركبات أو آلات أخرى مغمورة بالمياه داخل المياه الوطنية.
من جانب آخر، يتضمن القانون حماية التراث الطبيعي، الذي يشمل المناظر الطبيعية والمواقع البيئية التي لها قيمة علمية وجمالية، معتبرا أن التراث الطبيعي جزءا أساسيا من الهوية الثقافية المغربية، بحيث يعكس التنوع البيولوجي والجغرافي للبلاد، ما يجعل حمايته أمرا أساسيا في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية.
كما يشمل التراث الجيولوجي الذي يتضمن التشكيلات والمواقع الجيولوجية، العينات المعدنية، المستحثات، وأحجار النيزك، بالإضافة إلى الوثائق الجيولوجية التي تمثل أهمية تاريخية وعلمية في دراسة الأرض والحياة، خاصة تلك التي تعود إلى عصور ما قبل العصر الجيولوجي الرابع.
كما يتطرق كذلك إلى منظومة الكنوز الإنسانية الحية التي تمكن من نقل المعارف والمهارات عبر الأجيال ضمانا لاستمرار التراث الثقافي غير المادي المغربي والتي تتكون من ممتلكات عقارية مجتمعة، مبنية أو غير مبنية، والتي تكتسي أهمية بحكم طابعها المعماري أو حمولتها التاريخية أو تفردها أو انسجامها أو اندماجها مع محيطها مثل المدن العتيقة أو المدن المندثرة أو القرى أو القصور أو القصبات
وإلى جانب ذلك، أدرج المشروع مفهوم “منظومة الكنوز الإنسانية الحية” التي تساهم في نقل المعارف والمهارات عبر الأجيال لضمان استمرارية التراث الثقافي غير المادي، ولا سيما الممارسات، التمثلات، أشكال التعبير، المعارف، المهارات، بالإضافة إلى الأدوات، القطع، المصنوعات، والفضاءات الثقافية المرتبطة بها التي تعتبرها الجماعات والمجموعات والأفراد جزءًا من تراثهم الثقافي.
كما تطرق مشروع القانون إلى تصدير الأعمال الفنية المملوكة للفنانين المغاربة، مثل اللوحات والمنحوتات. وذلك بهدف ضمان حماية هذه الأعمال الفنية من التصدير غير المشروع والحفاظ عليها ضمن الحدود الوطنية، والحد من سرقة الأعمال الفنية والحد من تهريبها إلى الخارج، مع تسهيل الإجراءات القانونية للمعاملات المشروعة.
فضلا عن ذلك، شمل القانون أيضا إدخال مفاهيم جديدة تتعلق بإعداد مخططات لتدبير التراث، كما يتطلب إخضاع الأشغال الكبرى والأوراش المرتبطة بالتراث الثقافي أو التي تجري بالقرب منه لدراسة تأثيراتها المحتملة، وذلك بهدف تقييم الآثار السلبية والإيجابية على المجموعات التاريخية، مع تقديم توصيات وتدابير عملية للحد من الآثار السلبية التي قد تلحق بها.