الحكومة تستعجل تفعيل العقوبات البديلة لفك أزمة الاكتظاظ في السجون
تستعجل الحكومة تفعيل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، واضحة أجل خمسة أشهر لإخراج المراسيم التنظيمية المتعلقة به، مراهنة عليه لحل إشكال الاكتظاظ في السجون.
ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بالرباط، اجتماعا حضره كل من وزير العدل، والمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والمدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، تمت خلاله مناقشة آليات تفعيل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، حيث تم تدارس الاحتياجات التدبيرية والإدارية والمالية لتنزيل هذا الورش، بهدف الحد من الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وتفادي الإشكالات المرتبطة بالاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
وتم الاتفاق في هذا الاجتماع، على التصور وطريقة الاشتغال الكفيلة بتنزيل قانون العقوبات البديلة، من خلال تشكيل لجنة للقيادة ولجان موضوعاتية ستنكب على دراسة الإشكاليات التقنية والعملية المرتبطة بهذا الورش، في أفق إخراج المراسيم التنظيمية المتعلقة بالعقوبات المذكورة، داخل أجل لا يتعدى خمسة أشهر.
كما جرى كذلك وضع الإطار العام للاتفاقية التي ستجمع بين صندوق الإيداع والتدبير، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي سيكون من بين مهامها تتبع تنفيذ العقوبات البديلة، مركزيا أو محليا.
وحضر هذا الاجتماع أيضا كل من العام لرئاسة النيابة العامة، ورئيس قطب القضاء الجنائي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، ومدير التجهيز وتدبير الممتلكات بوزارة العدل، ومدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية.
وصدر القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة في الجريدة الرسمية، شهر غشت 2024 غير أن دخوله حيز التنفيذ رهين بصدور النصوص التنظيمية اللازمة لتطبيقه في الجريدة الرسمية في أجل أقصاه سنة، كما جاء في الوثيقة نفسها.
وسيمكن هذا القانون، الذي أثار الكثير من الجدل، من استبدال العقوبات السالبة للحرية بأربعة أنواع من البدائل، وهي “العمل لأجل المنفعة العامة”، و”الغرامات اليومية”، و”المراقبة الإلكترونية”، و”تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية”.
ويقصد بالعقوبات البديلة، وفقا لنص القانون المذكور، العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين حبسا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه، مقابل حريته، وفق شروط محكمة تراعي من جهة بساطة الجريمة ومن جهة ثانية اشتراط موافقته.
أولى العقوبات البديلة هي العمل لأجل المنفعة العامة والتي جعلها القانون أهم البدائل التي تبنتها السياسات العقابية المعاصرة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية خاصة القصيرة المدة.
القانون في العمل بهذا البديل، نص على ضرورة بلوغ المحكوم عليه سن 15 سنة كأدنى حد من وقت ارتكابه للجريمة، وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنتين حبسا”.
وينص القانون على أن العمل لأجل المنفعة العامة غير مؤدى عنه، ينجز لمدة تتراوح بين 40 و3600 ساعة لفائدة مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات، والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام.
وخص القانون المحكمة بصلاحية تحديد عدد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة، موازاة كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المحكوم بها لثلاث ساعات من العمل مع مراعاة الحدين الأدنى والأقصى لعدد ساعات العمل المنصوص عليها.
ومن العقوبات البديلة أيضا الغرامة اليومية، حيث يمكن للمحكمة أن تحكم على المدان بمبلغ مالي يؤديه عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها والتي لا يتجاوز منطوقها في المقرر القضائي سنتين حبسا.
وحدد مبلغ الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهما عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، تقدرها المحكمة حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتكبة بالضرر المترتب عنها.
كما يمكن أن تحكم المحكمة بالمراقبة الإلكترونية كعقوبة بديلة ثالثة، والتي تعتبر من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية، ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي، والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به.
وتقوم المراقبة الإلكترونية على إطلاق سراح السجين في الوسط الحر، مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته في تنفيذها إلكترونيا عن بعد، ويتحقق ذلك فنيا عن طريق ارتداء المحكوم عليه قيد إلكتروني يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية التي يحددها له قاضي التحقيق.
ومن العقوبات البديلة أيضا تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية. وتهدف هذه العقوبات إلى اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.
ويمكن للمحكمة أن تفرض تدابير رقابية أو علاجية واحدة أو متعددة على السجين، ومنها مزاولة المعني نشاطا مهنيا محددا أو متابعته دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا، أو إقامته في مكان محدد والتزامه بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة.