الحركة الشعبية: الحكومة غائبة عن النوازل الاجتماعية وافقها السياسي محدود
وجه حزب الحركة الشعبية انتقادات حادة للحكومة، ولطريقة تعاطيها مع عدد من الملفات الحارقة، وذلك في تقييمه لحصيلة العمل الحكومي خلال الإعداد للدخول البرلماني والسياسي الجديد.
وقال الحزب في بلاغ نشره عقب اجتماع مكتبه السياسي أمس الإثنين، “إن ثلاث سنوات من عمر الحكومة الحالية ساد فيها عجز هذه الأخيرة عن استلهام السياسات العامة للدولة، وترجمتها إلى سياسات عمومية ناجعة وفعالة”، مسجلاً “غيابها عن مختلف النوازل الاجتماعية والمجالية ومحدودية أفقها السياسي والتنموي”.
وسجلت الهئية السياسية “ضعف المقاربات الحكومية في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة منذ ثلاث سنوات على تحملها مسؤولية تدبير الشأن العام”، رغم ما توفر لها من فرص سياسية وانتخابية جراء تزامن الانتخابات المهنية والجماعية والجهوية والتشريعية يوم 8 شتنبر 2021.
وأشار حزب السنبلة إلى “عدم استطاعة الحكومة ترجمة رصيدها الانتخابي محليا وإقليميا وجهويا ومركزيا إلى رؤية ناجعة ذات عمق سياسي حقيقي” يترجم فلسفة الدستور الجديد ويصنع فعلا وعلى أرض الواقع الفارق السياسي والتميز المنشود والموعود.
وأضاف الحزب أنه إذا كان من الواجب الاعتراف بنجاح هذه الحكومة، “فهو تفوقها في تغدية الاحتقانات المهنية والقطاعية والمجالية وتوسيع دائرتها في صفوف رجال ونساء التعليم والمحاماة، والمهن القضائية والصحة، وكل أسلاك الموظفين والأجراء، والاحتجاجات المجالية المتنامية”، فضلاً عن “عجزها البين في تدبير الملف الشائك لطلبة الطب والصيدلة وتقديم حلول ناجعة تصون حقوقهم المشروعة وتؤسس لإصلاح يواكب التطور البنيوي والهيكلي للمنظومة الصحية، وفق مقاربة تشاركية تشاورية”.
كما انتقد المصدر ذاته، “غياب الحكومة ميدانيا وسياسيا في مواكبة ضحايا الفيضانات” في جهات ومناطق بسوس ماسة وكلميم وادنون ودرعة تافيلالت والجهة الشرقية، “وعدم قدرتها على تقديم نموذج تنموي لمغرب الواحات المهدد بالتغيرات المناخية، على غرار تباطئها في تدبير مخلفات زلزال 8 شتنبر بالأطلس الكبير”، وكذا “غيابها المسجل في المواكبة والتفاعل مع رسائل أحداث الهجرة السرية والمعلنة لآلاف الشباب في أحداث الفنيدق وباقي المنافد الحدودية للمملكة”.
وسجل المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية ارتباك الحكومة في التنزيل الأمثل للورش الملكي الاستراتيجي المتعلق بالحماية الاجتماعية في ظل ارتهانها لدعم اجتماعي محدود مقابل زيادة غير مسبوقة في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية وكل السلع والخدمات والمحروقات، وفقدانها لرؤية تؤمن استدامة هذا الورش المجتمعي الكبير من حيث مصادر التمويل وبناء نموذج للتنمية الاجتماعية المستدامة.
وعلى مستوى تأمين الزمن المدرسي والجامعي، انتقدت ذات المصدر، “فشل الحكومة” في هذا القطاع من خلال اعتمادها على “إصلاحات ارتجالية خارجة عن بوصلة الإصلاحات الاستراتيجية التي أسس لها القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي، وحددتها الرؤية الاستراتيجية، وارتهانها لخيار إصلاح الإصلاح، وتأزيم المنظومة في مختلف أسلاكها”.
كما استهجن الحزب، “فشل الحكومة في إبداع حلول لتوسيع قاعدة رهان التشغيل في ظل وصول البطالة سقوف غير مسبوقة وطنيا وقطاعيا ومجاليا، واعتماد برامج محدودة وعابرة من قبيل أوراش وفرصة لم تنجح إلا في إنتاج ضحايا جدد لغياب حلول مستدامة في مجال التشغيل”.
وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أشار المكتب السياسي للحزب إلى “عجز الحكومة على تحريك عجلة الاقتصاد الوطني”، مسجلا “تقلص جاذبية الاستثمار الخارجي ومواصلة التوزيع غير المنصف اجتماعيا ومجاليا للاستثمارات العمومية، وتواصل إفلاس المقاولات الوطنية بمختلف أصنافها، وغياب سياسة مالية تواكب خيار الجهوية المتقدمة وتنصف مغرب المناطق القروية والجبلية والواحات”.
فضلا عن ذلك، انتقد الحزب “الفشل المتوالي في بناء حكامة مالية واقتصادية واقعية مبنية على فرضيات ومؤشرات ونسب قابلة للتحقق، وقادرة على الحد من واقع التضخم وغلاء الأسعار”، منتقدا “تعنت الحكومة” إزاء مطالب مراجعة السياسة الفلاحية المنتهجة وغير القادرة على تحصين الأمن الغذائي والمائي المهدد اليوم جراء التغيرات المناخية.
واستنكرت الهيئة السياسية، إصرار الحكومة على تنزيل “إصلاحات حقوقية ومباشرة ملفات ذات حساسية سياسية واجتماعية بشكل منفرد دون قدرتها على تبريرها والتواصل بشأنها”، من قبيل مشاريع المسطرة المدنية، والقانون الجنائي، وقانون الإضراب، ودمج مؤسسات التأمين الاجتماعي في أفق تنزيل الخيار الأحادي لإصلاح ملف التقاعد، “وكل ذلك في تغييب للشركاء الاجتماعيين وللأحزاب السياسية ولفعاليات المجتمع المدني، ولمنهجية الحوار الوطني المنتهج في كل الإصلاحات الكبرى ببلادنا”.
وشجب المكتب السياسي للحزب “تردد الحكومة” في تنزيل أحكام الدستور بخصوص الهوية الأمازيغية وباقي التعابير اللغوية والثقافية المنصوص عليها دستوريا واكتفائها بمقاربة مالية وإدارية غير مؤثرة، موضحا أن هذا الأمر يتجلى في “عجزها على إنتاج سياسة عمومية لغوية وثقافية منصفة ومتكاملة”.
وقال الحزب، إن هذا “المنظور القاصر” يتجسد في مجال الحقوق اللغوية والثقافية المؤطرة بمرجعية دستورية وقانونية حاسمة في “تهميش الأمازيغية في عملية الإحصاء الوطني وحصرها في مقاربة تقنية كمحرد ١لهجات للاستئناس في عينة محدودة لا تتعدى 20% من المشمولين بالإحصاء ، وبمنظور متخلف عن نص الدستور لا يستطع التمييز بين اللغة الوطنية واللغة الرسمية” مما يمهد لمؤشرات ونتائج تستهدف التقليص من مساحة الأمازيغية كهوية وطنية أصيلة في الشخصية المغربية وكدعامة لتخطيط مختلف السياسات العمومية.
وخلص المصدر ذاته إلى استنكار “غياب أي مبادرة حكومية” لتقوية دور الجماعات الترابية وتنزيل الجيل الجديد في مسار الجهوية المتقدمة بعد مرحلة التأسيس رغم تدبيرها لكل الجهات ولمجمل باقي الجماعات الترابي.