story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حوارات |

الحاخام وايس لـ”صوت المغرب”: الصهيونية خيانة لليهودية ومعاداة للسامية

ص ص

في مقابلة مثيرة من داخل المغرب، شنّ الحاخام الأمريكي يسرائيل دافيد وايس، المتحدث باسم حركة “ناتوري كارتا”، هجوما لاذعا على المشروع الصهيوني، واصفا إياه بأنه “خيانة دينية” و”تجسيد حيّ لمعاداة السامية”.

وقال وايس في مقابلة خاصة مع “صوت المغرب”، إن إقامة دولة باسم اليهود في فلسطين تمثل “تمردا على إرادة الله” و”اغتصابا لحق شعب آخر”، في إشارة منه إلى الشعب الفلسطيني.

ينتمي وايس، الذي يتحدر من عائلة نجت من المحرقة النازية، إلى تيار ديني يهودي أرثوذكسي يعتبر أن العودة إلى الأرض المقدسة لا يمكن أن تتم إلا بأمر إلهي صريح وبقدوم المسيح، لا عن طريق الحركة الصهيونية التي وصفها بأنها “قومية علمانية معادية للتوراة”.

وقال في مقابلته هذه: “النصوص التوراتية واضحة، اليهود نُفوا من الأرض المقدسة بسبب خطايانا، لا بسبب ضعفنا السياسي. وإلى أن يأذن الله بالعودة، يجب أن نعيش في المنفى ونكون مواطنين أوفياء للبلدان التي نعيش فيها. أما إقامة دولة يهودية قبل قدوم المسيح، فهو أمر محرّم بوضوح”.

وعرض الحاخام صورا تؤكد الطابع العلماني المؤسس لدولة إسرائيل، متسائلا: “كيف يُعلنون عن دولة يهودية في 1948 بينما لا يظهر على وجوه قادتهم أي أثر للتديّن؟ لا قبعة دينية، لا ذكر لله، لا احترام للغة التوراة”.

وحول علاقته بالمغرب، أعرب وايس عن امتنانه العميق لما وصفه بـ”كرم الضيافة الملكية المغربية” تجاه اليهود، مشيرا إلى أن “المغرب ظلّ طيلة قرون ملاذا آمنا لليهود الذين فرّوا من محاكم التفتيش والصليبيين”، مؤكّدا أن هذا التعايش التاريخي يدحض الرواية الصهيونية التي تزعم عداء المسلمين لليهود.

وختم الحاخام حديثه برسالة إلى قادة العالم مفادها أن “الوقوف ضد الصهيونية ليس معاداة للسامية، بل هو نصرة للحق والتوراة والإنسانية”، داعيًا المسلمين واليهود والمسيحيين إلى التعاون لإسقاط المشروع الصهيوني بالوسائل السلمية والدينية.

الصهيونية كفر بالعقيدة اليهودية

أكد الحاخام وايس أن الصهيونية ليست سوى حركة قومية مادية “تستغل اسم اليهودية زورا”، وأنها تأسست على يد غير متدينين “لا علاقة لهم بالتقوى ولا يبدون أي احترام لشرائع الرب”.

وأشار وايس إلى أن الصهيونية خالفت ما سمّاه “عهد المنفى”، والذي يفرض على اليهود أن لا يسعوا إلى إقامة دولة أو العودة جماعيا إلى فلسطين إلا بأمر من الله، قائلا: “الرب ألزمنا بعدم العودة، وبعدم التمرد على الأمم، وبعدم محاولة إنهاء المنفى. هذا ما تنص عليه نصوصنا”.

وأضاف الحاخام الأمريكي: “لقد أسّس الصهاينة دولتهم بناء على قومية عرقية، وليس وفقا للدين. لقد احتلوا الأرض بدعم من قوى استعمارية، وقتلوا شعبا بريئا عاش عليها لقرون، وهذا كله محرّم في ديانتنا”.

وذكّر وايس بأن جميع الحاخامات الكبار في العالم عارضوا المشروع الصهيوني منذ بداياته، مستشهدًا بالحاخام دوشينسكي، الذي وجّه رسالة للأمم المتحدة سنة 1947 يرفض فيها قيام دولة يهودية في فلسطين.

“حتى في أرض خالية، لا يجوز لنا إقامة دولة، فكيف إذا كانت مأهولة؟ كيف نحتل أراضي شعب أكرمنا لقرون؟”، يتساءل وايس.

يهود فاس ووزان ومراكش…

من على أرض المغرب، استحضر الحاخام يسرائيل وايس صفحات من التعايش اليهودي الإسلامي الذي عاشه أسلافه في فاس ووزان ومراكش، وقال: “هنا، وُلد كبار الحاخامات، من ابن ميمون إلى عمّار بن ديوان، وعاشوا وسط المسلمين في وئام حقيقي”.

وأكد وايس أن اليهود لم يكونوا في حاجة إلى حماية دولية أو منظمات حقوقية، لأنهم وجدوا في البلاد الإسلامية عامة، وفي المغرب خصوصًا، الأمان والازدهار.

“الصهاينة يزعمون أن المسلمين يكرهون اليهود. هذا كذب. نحن عشنا بسلام، وتعلمنا، وازدهرنا. والمغاربة احتضنونا كما لو كنا منهم”، يقول وايس.

ويحمّل الحاخام الأمريكي الصهيونية مسؤولية تفكيك هذا النموذج، قائلا: “لقد جاءوا باسم اليهودية، واحتلوا الأرض، وشوّهوا ديننا، ودمروا التعايش التاريخي الذي أثبت أن الدين لا يفرّق بين الناس”.

ويضيف المتحدّث نفسه: “في غزة، عندما التقيت الناس، بكوا وهم يتذكرون التعاون بين المسلمين واليهود. قالوا لي: نحن لسنا ضد اليهود، نحن ضد الاحتلال”.

يهود ضد الصهيونية

وكشف الحاخام وايس أنه يتعرض باستمرار لاعتداءات وتهديدات من الصهاينة، بسبب مواقفه، مشيرا إلى أن سيارته تعرّضت للتخريب مرارا، وأنه تلقى تهديدات بالقتل.

وقال المتحدّث نفسه: “عندما نخرج للتظاهر ضد نتنياهو أو أمام البيت الأبيض، نُواجه بالسبّ والعنف. الصهاينة لا يتحمّلون الحقيقة، لأنها تفضح زيفهم”.

ورغم ذلك، شدد المتحدّث نفسه على أن الجماعات اليهودية المتدينة متماسكة في رفضها للصهيونية، وأنها ترفض تلقي أي دعم من الدولة الإسرائيلية، حتى في خدمات أساسية كالصحة أو التعليم.

وأضاف: “نحن نبني مجتمعات مكتفية، مستقلة عن الدولة الصهيونية. نعلّم أبناءنا أن الصهيونية ليست اليهودية، وأن رفضها واجب ديني”.

وأشار إلى أن المئات من الشباب اليهود يرفضون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وأن هناك شبكات دعم سرّية لمساعدتهم على الصمود، قائلاً: “من يُضرب ويُسجن اليوم، سيكون فخورًا غدًا بأنه لم يشارك في الجريمة”.

صرخة ناج من الهولوكوست

في لحظة مؤثرة من مقابلته مع “صوت المغرب”، استعاد الحاخام وايس سيرة أسرته التي قضت في معسكرات النازية، قائلا: “والداي نجوا من المحرقة، ولكن معظم عائلتي قُتلت. واليوم، أرى شعبا آخر يُباد، والعالم يصمت مجددا”.

وتابع وايس: “يصنعون تذكارات للمحرقة كي لا تتكرر، ثم يصمتون أمام مجازر غزة. هذا نفاق أخلاقي رهيب”.

واعتبر الحاخام الأمريكي أن الصهيونية تسيء لليهود مرتين: مرة بقتل الفلسطينيين باسمهم، ومرة بجعلهم هدفا للكراهية، قائلا: “من يدعم هذه الدولة يزرع الكراهية ضدنا، ويشوّه ديننا. الصهيونية هي معاداة حقيقية للسامية”.