التوفيق: العلماء فوضوا للملك في نهاية فتواهم حول “المدونة” ولكنه لم يخالف أي شيء مما نصوا عليه
دافع أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، اليوم الثلاثاء 24 دجنبر 2024، عن النموذج المغربي في إصلاح مدونة الأسؤة عن طريق عرض مقترحاتها من طرف الملك على المجلس العلمي الأعلى، لأخذ رأيه الشرعي، وقال إن هذا نابع من طبيعة النموذج المغربي المبني على البيعة بين إمارة المؤمنين والعلماء.
وقال التوفيق، خلال حديثه اليوم في لقاء تقديم المضامين المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة، إنه لا يمكن فهم هذا “الاستفتاء” من الملك للعلماء، في غشارة إلى طلب الملك لرأيهم حول المقترحات المقدمة لتعديل مدونة الأسرة، دون تحديد طبيعة النظام المغربي وخصوصيته.
وأوضح التوفيق أن النظام المغربي مبني على البيعة بين العلماء وأمير المؤمنين، وهي بيعة شرعية مكتوبة “ولا توجد مكتوبة في بلد خارج المغرب”، وهو نموذج حافظ عليه المغاربة تاريخيا، في بيعة تعطى جملة وتفصيلا عبر ممثلي الحواضر والبوادي قبل الأنظمة التمثيلية الحالية، وبالتالي “لا يمكن فهم هذا الاستفتاء خارج هذا الأمر”.
وأضاف التوفيق أن النظام المغربي، الذي حدد معالم هذا الاستفتاء لتعديل المدونة، مبني على المشروعية التي تعطيها الأمو لولي الأمر مقابل التزامه بأن يفي بالكليات الخمس،وهي أن يحفظ للأمة دينها ويحفظ لها الأمن، والنظام العام المعبر عنه بالعقل، والعيش والكرامة، ومعبر عنها في لغة الفقهاء بالعرض.
وشدد التوفيق، على أن الفتوى من قبل العلماء قائمة على الاجتهاد المبني على النظر في النصوص الشرعية، في عملية تخضع لقواعد علمية صارمة، حتى لا تنفلت عن القصد، وفي احترام لترتيب مصادر التشريع كما وضعها العلماء.
وعلى الرغم من تفويض العلماء في نهاية فتواهم الخاصة بالمقترحات المقدمة لتعديل مدونة الأسرة للملك، يقول التوفيق إن الملك “وإن فوض له الأمر لم يخالف أي شيء مما ذكره العلماء ونصوا عليه، وهو يحملهم المسؤولية الكاملة في ذلك، ويعطيهم المسؤولية والحرية والثقة”.
وأشار الوزير، إلى أن دور العلماء لا ينحصر في الإفتاء، بل هو مجهود تبليغي تخليقي “وإذا كانت علاقة المرأة بالرجل بالمعروف فإن الأمر لا يصل للنزاعات، ومطلوب من العلماء الحرص على علاقة الرجل بالمرأة التي بناها القرآن بالمعروف”.
وأكد الوزير، على أن العلماء، وهم يفتون، فإنهم واعون بالتحديات المرتبطة بالنظام الاقتصادي والاجتماعي والتي تطرح عددا من المشاكل الدينية والدنيوية.
وأكد الوزير على أن رأي المجلس العلمي الأعلى جاء مطابقا موافقا لأغلب المسائل السبع عشرة المحالة على النظر الشرعي بخصوص مراجعة مدونة الأسرة.
وقال التوفيق، أنه بعد إحالة الملك لسبع عشرة مسألة على النظر الشرعي، فقد جاء رأي المجلس العلمي الأعلى مطابقا موافقا لأغلبها، وموضحا سبل إمكان موافقة البعض الآخر منها لمقتضى الشريعة، ومبينا أن ثلاثا منها تتعلق بنصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد فيها، وهي المتعلقة باستعمال الخبرة الجينية للحوق النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب، والتوارث بين المسلم وغير المسلم.
وأضاف الوزير، بصفته عضوا بالمجلس العلمي الأعلى، أن المجلس أبدى موافقته الشرعية على مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة في ما يخص إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وتخويل الأم الحاضنة النيابة “القانونية” عن أطفالها، واعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، ووجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد عليها، وإيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما، ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، وبقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها.