story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

التزموا الصمت فالعالم يشاهد

ص ص

“اسكتوا ولا تنتقدوا لأن أعداء المغرب يمكن أن يستعملوا انتقادكم لضرب صورة المغرب”، هكذا نطق أحد أعضاء عصابة حراس المعبد والمنصبين لأنفسهم مدافعين عن الدولة.
عندما رأيت هذه المناشدة تذكرت النقاش العمومي في دول ديمقراطية عديدة، وكيف يستطيع مواطنها أن ينتقدوا الدولة والرئيس والجيش والمخابرات والاقتصاد والمجتمع والدين وكل شيء آخر، دون أن ينعته أحد بالعمالة أو بأنه يخدم أجندة خارجية.
فهل وصل المغرب إلى هذا الحضيض الذي يريد من خلاله البعض الإطباق على آخر رمق من الحق في التعبير عن الرأي؟
المثير في الأمر هو أنه مهما كان نوع الانتقاد، فحراس المعبد هؤلاء لا يقترحون أن تحل التحديات محط الانتقاد، بل يقترحون أن نصمت ونترك الحال على ما هو عليه.
قالوا ذلك عمن ينتقد موقف المغرب من التطبيع مع إسرائيل، رغم أن النظام نفسه ترك المغاربة يعبرون عن آرائهم تجاه القضية في الشارع وفي الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقاموا بالشيء نفسه مع من قرر التعبير عن رأيه تجاه قضايا مختلفة خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب.
هؤلاء لا يحبون المغرب، ولا يحبون أن يتطور المغرب وينتقل إلى صرح الديمقراطيات، بل يريدون للمغاربة أن يغنوا بصوت واحد، وهو من المستحيلات. من لا يريد لإخوانه وأخواته في الوطن أن يعبروا عما يخالجهم بغض النظر عن مواقفهم ليس طرفا في بناء مغرب الحقوق والحريات ولا مغرب الخيار الديمقراطي الذي عبر ملك البلاد على أنه من ثوابت الأمة. المعادلة بسيطة: حرية التعبير هي جزء لا يتجزأ من الخيار الديمقراطي، والخيار الديمقراطي من ثوابت الأمة، إذن فمن يريد تطويق حرية التعبير هو ضد ثابت من ثوابت الأمة، تماما كمن هو ضد دين الأمة، أو الوحدة الترابية، أو النظام الملكي.
أما العذر الذي طفا إلى السطح مؤخرا، ألا وهو أن أعداء الأمة يستعملون كلام المنتقدين لضرب المغرب وصورته، فهذه آخر محاولة من أجل تخويف المواطنين عبر محاولة تخوينهم. فلنقارن بالدول الديمقراطية وما يحصل فيها كي نرى إن كانت هذه الفكرة ثابتة.
في أمريكا مثلا، يقوم الإعلام والمجتمع المدني بالترصد لأي هفوة من الحكومة لانتقادها وفضحها أمام الشعب وأمام العالم. كما تقوم الصحافة الاستقصائية بدور جبار في التحقيق في كل الأمور التي تخفيها الدولة عن المواطنين، دون أن يخرج أحدهم ويعتبر ما تقوم به الفعاليات المدنية من إعلام وجمعيات بأنها تخدم الأجندة الصينية أو الروسية. بل تعتبر أن ذلك هو دور الإعلام، وإن كان هناك من حل فهو من طرف الحكومة التي عليها أن تتخلى عن تلك الأفعال المنسوبة إليها.
في فرنسا كذلك، التي زار رئيسها المغرب مؤخرا وقال رئيس مجلس النواب المغربي الطالبي العلمي بأن فرنسا والمغرب يقتسمان انخراطهما في المسار الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، (في فرنسا) نرى كيف أن الإعلام يقوم بدور كبير في توفير فضاء من أجل التعبير عن كل الآراء، ولا يتورع عن فضح أي قضية تهم المواطنين مهما كانت صفة مقترف تلك الفضائح.
لذا يجب أن يتوقف أعضاء عصابة حراس المعبد في المغرب عن محاولة تلجيم أفواه المغاربة، فتعبيرهم عن رأيهم هو مصدر قوة للمغرب وليس ضعفا حتى أمام أعداء المغرب، خصوصا الأعداء الذين لا يستطيعون التعبير عن نفس الآراء في بلدانهم.
في الأخير، حرية التعبير تعني أن تسمح بالآراء المخالفة لك، وليس الآراء التي تحب سماعها فقط. وإليهم نقول بأن أنتم من عليكم أن تلتزموا الصمت إن لم يكن لديكم رأي تدلون به من أجل جعل المغرب صرحا ديمقراطيا كما يريده المغاربة ملكا وشعبا.