“البوليساريو” تعلن استعدادها لاستئناف المفاوضات مع المغرب حول الصحراء
كثّفت جبهة “البوليساريو” الانفصالية خلال الأيام الأخيرة من خرجاتها الإعلامية، معبرة عن استعدادها لاستئناف المفاوضات مع المغرب بشأن ملف الصحراء المغربية، خاصة بعد القرار الأممي 2797، الذي دعم مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية.
وقال “وزير خارجية” الجبهة، محمد يسلم بيسط، في تصريح لوكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” يوم الأحد 30 نونبر 2025، “إن البوليساريو مستعدة للعودة إلى طاولة التفاوض مع المغرب حول مستقبل الصحراء”، مضيفا أنهم ما زالوا ينتظرون تحديد جدول زمني لإطلاق العملية.
وأوضح بيسط، على هامش مؤتمر بالجزائر، أن الجبهة “لا تزال تنتظر” تواصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، “ستيفان دي ميستورا”، أو قيامه بزيارة لاستكمال المشاورات ووضع برنامج عمل.
وكان المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، قد أكد أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 سيشكل الأساس للمفاوضات المقبلة بشأن المنطقة المتنازع عليها، مشيرًا إلى أن “الأمم المتحدة تنتظر بشغف الاطلاع على تفاصيل الخطة المغربية الموسعة والمحدّثة التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطابه الأخير”.
وأوضح دي ميستورا، خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر الأمم المتحدة يوم الأربعاء 5 نونبر 2025، أن القرار 2797 الذي تبناه مجلس الأمن يوفر إطارًا للمفاوضات دون أن يحدد نتيجة مسبقة، موضحًا أن أي حلٍّ مستدام للنزاع لا يمكن أن يكون إلا ثمرة مفاوضات تُجرى بحسن نية بين الأطراف المعنية، مضيفا في الوقت داته أن “الانخراط في المفاوضات لا يعني قبول نتائجها، لكن الأهم هو المشاركة الفاعلة فيها.”
وأشار دي ميستورا إلى أن المرحلة المقبلة ستعرف دعوة جميع الأطراف لتقديم مقترحات وأفكار تُمكّن الأمم المتحدة من وضع جدول أعمال شامل لمحادثات مباشرة، أو عند الضرورة غير مباشرة، حول القضايا الأكثر أهمية، مؤكدًا أن “الأمم المتحدة ستأخذ بعين الاعتبار أيضًا وثيقة جبهة البوليساريو وغيرها من الأفكار ذات الصلة، كما ورد في القرار الأممي”.
وكان إبراهيم غالي “رئيس” الجبهة قد عقد، لقاء قبل أيام مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على هامش مشاركته في أشغال القمة السابعة للاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، مجددا حديثه عن “استعداد” الجبهة للانخراط في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة.
ويشار إلى أن مجلس الأمن الدولي اعتمد مساء الجمعة 31 أكتوبر الماضي قرارا جديدا يدعم مبادرة الحكم الذاتي بشأن قضية الصحراء المغربية، وذلك بعد تصويت سجل 11 صوتا مؤيدا وامتناع 3 دول، دون اعتراض من أي دولة دائمة العضوية، فيما لم تشارك الجزائر في عملية التصويت.
ويؤكد القرار، الذي قدّمته الولايات المتحدة الأمريكية، دعم مجلس الأمن لمقترح الحكم الذاتي الذي قدّمته المملكة المغربية سنة 2007 باعتباره الإطار المقبول والواقعي لمعالجة النزاع. كما قرّر المجلس تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لصالح تنظيم استفتاء في الصحراء (MINURSO) حتى 31 أكتوبر 2026.
وفي خطابها بعد التصويت، اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن التصويت على القرار تاريخي، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عازم على إحلال السلام، ودعم حل مقبول للطرفين في الصحراء المغربية.
ودعت كل الأطراف إلى الانخراط خلال الأسابيع القادمة في “الحوار على أساس اقتراح المغرب الواقعي للحكم الذاتي كأساس وحيد للحل الدائم والعادل للنزاع”.
و في نفس السياق دعا الملك محمد السادس في خطابه يوم الجمعة 31 أكتوبر الماضي مغاربة مخيمات تندوف بالجزائر إلى لم الشمل، مشدداً على عدم اعتبار القرار الأممي الأخير انتصاراً أو استغلاله لتأجيج الصراع.
وقال الملك، عقب تصويت مجلس الأمن لصالح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، “إن المغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارا ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات”.
وأضاف: “نوجه نداء صادقا لإخواننا في مخيمات تندوف لاغتنام هذه الفرصة التاريخية للم الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية وتنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد”.
وأكد الملك أن جميع المغاربة سواسية بصفته ملك البلاد “الضامن لحقوق وحريات المواطنين”، مشددا على أنه “لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن”.
ومن جانبه، أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، في حوار سابق مع قناة الغد، أن التنمية في الصحراء “لن تكون رهينة المفاوضات السياسية”، وأن كل مواطن صحراوي له الحق في العمل، الصحة، الأمن، والتعليم، كما أشار إلى أن المغرب يسعى لتمكين العائدين من مخيمات تندوف من العودة إلى أرضهم “بكرامة وضمانات دولية”.
وأشار هلال إلى أن المفاوضات المقبلة ستتم وفق المبادئ المتفق عليها، مع الحفاظ على “الثوابت السيادية” للمملكة، مثل الحدود والدفاع والعلم الوطني، مشددا على أن المغرب “لن يقبل أي تجاوز لهذه الثوابت”
وأوضح المتحدث أن المغرب مستمر في مد يده للتعاون وحسن الجوار مع الجزائر وجيرانه الإقليميين، مع التأكيد على أن الحل السياسي للنزاع يجب أن يكون “توافقيا ومتوازنا يحفظ حقوق جميع الأطراف”.
وخلص هلال إلى أن مجلس الأمن في قراره الأخير أقر بما قدمه المغرب، وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي “ليست أحادية”، و إنما تتيح لجميع الأطراف المشاركة في النقاش، مع الالتزام الكامل بالمبادئ الدولية وحقوق الإنسان.