البوحسيني تستغرب تصريحات أحمد التوفيق.. وتؤكد: لسنا دولة علمانية- فيديو
عبرت لطيفة البوحسيني، المناضلة النسوية وأستاذة التاريخ في جامعة محمد الخامس بالرباط، عن استغرابها لتصريحات وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق التي قال فيها إن المغاربة علمانيون، وذلك أثناء تفاعله مع أسئلة النواب البرلمانيين في إحدى الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفهية بمجلس النواب.
وأضافت البوحسيني، خلال حلولها ضيفة على برنامج “من الرباط” الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أن هذا الوزير “وهو شخص لا يطلق الكلام على عواهنه، فهو بالإضافة إلى أنه القيم على الشأن الديني في المغرب، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، لا ننسى أنه باحث ومؤرخ وخبير يعرف خبايا تطور المجتمع المغربي، واشتغل على المجتمع المغربي. إضافة إلى أنه روائي، بمعنى أنه يحرص على انتقاء الكلمات والمفردات والألفاظ”.
لذلك، بالنسبة لي، تقول أستاذة التاريخ في جامعة الرباط، “فإن كلام التوفيق يطرح احتمال إطلاقه للتسويق الخارجي، وأعتقد هل كان الكلام للتسويق الخارجي؟ هل السياق لم يسمح بالتفصيل والتدقيق؟ وربما أعتقد أن السيد وزير الأوقاف له ما يكفي من المجال لكي يوضح ويدقق، ويُبيِّن ما كان المقصود من كلامه. ولكن على كل حال، بالنسبة لي واضح أننا لسنا دولة علمانية”.
وتضيف المتحدثة ذاتها، أن الدولة ليست علمانية، لأن المغرب دستوره واضح وهو أن النظام السياسي المغربي يستند على شرعيتين، أولا الشرعية السياسية، حيث يكون الملك رئيس الدولة، والشرعية الدينية بحيث يكون الملك هو أمير المؤمنين.
وعلى الرغم من علمنة الكثير من مظاهر الحياة، إلا أن البوحسيني تؤكد على أن ذلك “لا يعني بتاتًا تناقضها مع تدين الناس، فتدين الناس موجود ولا خوف عليه على كل حال، الذي ألاحظه شخصيا في الحقيقة، هو الحرص على أن تبقى الأمور الدينية تحت هيمنة الدولة، ولذلك أرى أنها في الحقيقة مسألة تستعمل وتوظف في اتجاهات السيطرة على المجتمع في عدد من الأمور”.
وعن النموذج الذي يمكن للمغرب أن ينهجه في العلاقة بين الدولة والدين، تقول الأستاذة الجامعية إن السياقات التاريخية هي محددة في تجارب المجتمعات، داعية إلى توسيع المدارك والتركيز في النقاش على أهمية الديمقراطية، واعتبارها المدخل الذي يمكن أن يبنى عليه تطور النموذج الذي ينفع المواطنة في هذا البلد ويحقق العدالة فيه، مشددة على ضرورة تجاوز النموذج الفرنسي، “لأن العلمانية من منطلق علاقة الدين بالمجتمع، لا تطرح مشاكل كبرى، لكن الإشكال الأكبر هو المتعلق بعلاقة الدين بالدولة، وهذا الذي طرح إشكالات كذلك في تصريحات الوزير”، تقول لطيفة البوحسيني.
وعادت البوحسيني للحديث عن ظهور مصطلح العلمانية وتطوره وتدرجه في السياق الغربي، موضحة أن بلدان معينة عاشت ثورات سياسية لإسقاط أنظمة قديمة “من أجل إقامة الديمقراطية”.
واسترسلت الحقوقية في حديثها، أنه “في البداية كان الصراع وكانت الثورات من أجل إقامة أنظمة ديمقراطية، وتدرجت فيما بعد في اتجاه اعتماد العلمانية التي اتخذت معاني متعددة ومتنوعة حسب السياقات، وتجسدت بأشكال متعددة، وعبرت عن نفسها بأشكال متنوعة”، مضيفة أنه “في نهاية المطاف يمكن التقاط قضية فصل الدين عن الدولة بمعنى الفصل بالشكل الذي لا تكون فيه هيمنة الدولة على الدين أو استثمار واستغلال الدين وتوظيفه”، مبرزة في ذات الوقت، أنه “في العمق كانت هذه هي الفكرة، ولكن أعطت تعبيرات مختلفة حسب السياق”.
وفي السياق المغربي، تقول البوحسيني، إنه تم التقاط تجربة فرنسا “بحكم أن العلاقة التي بيننا وبين فرنسا، علاقة الهيمنة الفرنسية على بلادنا”، مردفة أنه “من المصادفات أن التجربة الفرنسية هي أكثر التجارب تشدداً في موضوع العلمانية، ولذلك، بالنسبة لي، من المهم أن أسطر على أن هذا الرفض بل حتى تحريف معنى العلمانية في سياقنا المغربي ربما جاء من هذا الالتباس وهذا التوتر، بحكم علاقة الاستعمار وعلاقة الهيمنة والتبعية التي فرضها علينا الاستعمار الفرنسي”.
لمشاهدة الحوار كاملا يرجى الضغط على الرابط