الباراغواي تعيد سفارتها في إسرائيل للقدس فهل يحتج المغرب؟
أعلن وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين، اليوم الأربعاء، عن اتفاقه مع باراغواي لنقل سفارتها في إسرائيل من تل ابيب إلى القدس، لتكون خامس تمثيلية دبلوماسية من هذا النوع في القدس المحتلة، وتمثل خطوة في طريق تحقيق الحلم الإسرائيلي لجعل القدس عاصمة، ضدا على القرارات الأممية.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إنه التقى أمس الثلاثاء، بالرئيس الجديد لباراغواي، سانتياغو بينيا بعد تنصيبه رئيسا جديدا للبلاد، وقرر الجانبان أن تقوم باراغواي هذا العام بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، على أن تفتح إسرائيل في المقابل سفارة في أسونسيون، عاصمة باراغواي.
وأوضح وزير الخارجية الاسرائيلي أن رئيس الباراغواي الجديد، سيفتتح بنفسه سفارة بلاده في القدس في وقت لاحق من هذا العام، مضيفا “سنواصل تعزيز المكانة الدولية للقدس كعاصمة أبدية لدولة إسرائيل. لقد دعوت رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا، للحضور هذا العام لزيارة رئاسية لإسرائيل وافتتاح سفارة باراغواي في القدس عاصمة اسرائيل”.
وأضاف الوزير: “إن افتتاح سفارة باراغواي في القدس وسفارة إسرائيل في أسونسيون سيعززان موقف إسرائيل الإقليمي والدولي والعلاقات القوية بين البلدين. وسنواصل ونقوي الصلة التاريخية المهمة مع دول أمريكا اللاتينية التي وقفت إلى جانب دولة اسرائيل والشعب اليهودي”.
حديث الباراغواي عن افتتاح سفارة لها في القدس المحتلة يبدو جديا هذه المرة بتحديد سقف زمني له، لكن تجدر الإشارة إلى أنها ليس أول مرة تثير فيها البلاد هذا النقاش، حيث سبق أن أعلنت وزارة الخارجية الاسرائيلية في ماي من سنة 2018 عن اعتزام الباراغواي افتتاح سفارة لها في القدس، وافتتحت بالفعل في نفس الشهر، لكن الباراغواي تراجعت بعد شهر، وأعادت سفارتها إلى تل أبيب.
انطلاق قطار نقل السفارات
انطلق قطار نقل السفارات في اسرائيل من تل أبيب إلى القدس المحتلة سنة 2018 بمبادرة أمريكية، حيث اتخذت واشنطن قرار نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، واقتفت أثرها 3 دول أخرى هي كوسوفو وغواتيمالا وهندوراس، في حين وعد سياسيون في دول مثل رومانيا بخطوات مماثلة.
وتنشط إسرائيل بقوة دبلوماسيا لإقناع مزيد من الدول بنقل سفاراتها إلى القدس المحتلة، وترى أن أي خطوة بهذا الاتجاه سترسخ أكثر ادعاءها بأن القدس “عاصمتها الموحدة والأبدية”، وذلك بعكس ما تنص عليه قرارات مجلس الأمن التي تعد القسم الشرقي من القدس -الذي يضم المقدسات الإسلامية والمسيحية- تحت الاحتلال.
إعلان الباراغواي عن عزمها نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب للقدس، جاء خلال مراسيم تنصيب رئيسها الجديد، وهي المراسيم التي حضرها رشيد طالبي العلمي رئيس مجلس النواب، بصفته ممثلا للمغرب
موقف المغرب
تحركت الدبلوماسية المغربية بنشاط، نهاية سنة 2017 مع اتخاذ الرئيس الأمريكي آنذاك لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لقرار الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها.
وتنوعت مواقف الرباط المنددة بالقرار، والمحذرة من خطورته، والمطالبة بالعدول عنه، لتشمل: رسالتين لترامب والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستدعاء للقائمة بأعمال السفارة الأمريكية بالرباط، ستيفاني مايلي، فضلا عن مشاركة في مؤتمر لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة، والقمة الإسلامية.
هل يتخذ المغرب قرارا ضد ناقلي السفارات للقدس؟
خلال أوج اتخاذ أمريكا لقرار نقل سفارتها في اسرائيل من تل أبيب للقدس، وخروج الشعوب في دول عربية وغربية للاحتجاج ضد هذه الخطوة، تحدث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن الموضوع خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب آنذاك، ودعا إلى اتخاذ القرارات اللازمة والعملية والقابلة للتطبيق على أرض الواقع، تلبية لانتظارات الشعوب العربية وحفاظا على مصداقية دولها، للرد على قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها بإسرائيل إلى القدس.
بعد يومين من قرار أمريكا، نقلت غواتيمالا سفارتها في اسرائيل من تل أبيب إلى القدس، ولما سئل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة عن موقفه من غواتيمالا، في تصريح خاص، قال إن المغرب لا يمكنه أن يكيل بمكيالين، لا يمكنه اتخاذ موقف ضد أمريكا وبالتالي لن يستقوي على غواتيمالا لاتخاذها النهج الأمريكي في التعامل مع القضية الفلسطينية.
ترجيح توجه المغرب نحو اتخاذ نفس موقفه مع غواتيمالا في تعاطيه مع خطوة الباراغواي، يغذيه كون هذه الأخيرة سحبت، في يناير من العام 2014، اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية، لتتبنى بعدها موقفا داعما للمسار الأممي الرامي إلى إيجاد حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
قرار أممي
يرى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 لعام 1980 أن جميع الإجراءات الإسرائيلية في القدس باطلة، في حين جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دجنبر 2017 دعوة جميع الدول إلى “الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية” في مدينة القدس.
ومع ذلك، لم تكتف إسرائيل بمشاريع الاستيطان والتهويد وتغيير الأمر الواقع في المدينة، بل سعت وتسعى إلى إشراك دول العالم في خرقها القانون الدولي، بالضغط على تلك الدول أو الطلب منها نقل سفاراتها إلى القدس.
ويرفض المجتمع الدولي اعتبار القدس، بشطريها الشرقي والغربي، عاصمة لإسرائيل. ووقع قسمها الغربي تحت السيطرة الإسرائيلية منذ نكبة عام 1948، في حين احتل الشق الشرقي منها في حرب عام 1967.
وتقر القرارات والمواثيق الدولية بأن شرقي القدس أرض فلسطينية تحتلها إسرائيل ويجب الانسحاب منها، إضافة إلى أن جميع التسويات الدولية المقترحة تشير إلى أن “القدس الشرقية” عاصمة لدولة فلسطين.