الانتخابات الألمانية.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب المستشار الفيدرالي

يتوجه الألمان، الأحد 23 فبراير 2025، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان فيدرالي جديد (البوندستاغ)، في إطار انتخابات تشريعية مبكرة تقررت عقب انهيار الائتلاف الحكومي للمستشار الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتس.
وسيكون على البرلمان الجديد انتخاب المستشار الفيدرالي المقبل، وهو المنصب الذي يتنافس عليه أربعة قادة سياسيين تمثل أحزابهم القوى الرئيسية في استطلاعات الرأي، وذلك قبل يومين من موعد الانتخابات.
ويتعلق الأمر بفريدريش ميرتس، رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي ومرشح ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي يتصدر نوايا التصويت بنسبة تتراوح بين 29 و32 بالمائة، وأليس فايدل، الرئيسة المشاركة لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، التي تحظى بتأييد يتراوح بين 19 و21 بالمائة.
كما يترشح أولاف شولتس، المستشار المنتهية ولايته وعضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي ذي التوجه اليساري الوسطي، إضافة إلى روبرت هابيك، ممثل حزب الخضر. ويحتل الحزبان المركز الثالث بنسبة متقاربة تقارب 14 بالمائة.
فريدريش ميرتس.. المليونير الأوفر حظا
يعتبر فريدريش ميرتس، البالغ من العمر 69 عاما، الأوفر حظا وفق استطلاعات الرأي. وهو مليونير يتولى قيادة الحزب الديمقراطي المسيحي منذ عام 2022، بعد مسار سياسي بدأه بعضويته في البرلمان الأوروبي (1989-1994)، ثم كنائب في البوندستاغ منذ عام 1994، حيث تولى في عام 2000 رئاسة الكتلة البرلمانية لائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي.
وبصفته محاميا، يدعو ميرتس إلى “القيم التقليدية”، وقد ركز في حملته الانتخابية على تشديد السياسات المتعلقة بالهجرة. وأدى هذا التوجه إلى تقارب غير مسبوق بينه وبين اليمين المتطرف، بهدف تمرير قوانين تهدف إلى تشديد مكافحة الهجرة غير الشرعية وضبط تدفق المهاجرين إلى ألمانيا.
وأثار هذا التقارب جدلا واسعا في البلاد، إذ اعت بر خروجا عن تقليد سياسي ساد منذ عام 1945، يقضي باستبعاد أي تعاون مع اليمين المتطرف على المستوى الفيدرالي. ورغم هذا الجدل، شدد ميرتس مرارا على رفضه أي تحالف مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” في تشكيل الحكومة المقبلة.
وينحدر ميرتس من ولاية شمال الراين-وستفاليا، غربي ألمانيا، ويؤيد تقديم دعم عسكري أكبر لأوكرانيا في صراعها مع روسيا، كما يدعو إلى تعزيز وحدة أوروبا، خصوصا في مواجهة الولايات المتحدة.
واقتصاديا، يعتزم ميرتس، في حال فوزه بمنصب المستشار، خفض الضرائب على الشركات وتقليص المساعدات الاجتماعية.
أولاف شولتس.. المستشار المنتهية ولايته الذي لا ينوي الرحيل
على النقيض من ميرتس، يدعو أولاف شولتس (66 عاما) إلى تعزيز الدولة الاجتماعية، من خلال خفض ضريبة الدخل وزيادة الضرائب على الثروات، كما يؤيد استثمارات عامة ضخمة في البنية التحتية، يتم تمويلها عبر الاقتراض.
وبحكم خبرته كوزير مالية سابق، يدعو شولتس إلى إصلاح “قانون الحد من الديون”، وهي قاعدة دستورية ذهبية تحدد سقف الدين العام عند 0.35 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد كانت هذه القضية السبب الرئيسي في انهيار ائتلافه الحكومي، مما أدى إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وينحدر شولتس من ولاية سكسونيا السفلى (شمال غرب ألمانيا). وخلال ولايته، واجه أزمة طاقة حادة وتضخما متسارعا، نتيجة التغيرات الجيوسياسية، خاصة الصراع في أوكرانيا، الذي أثر بشكل مباشر على الاقتصاد الألماني، الذي يعاني من الركود منذ عامي 2023 و2024.
وعلى الرغم من ولايته غير المكتملة، ظلت ألمانيا تحت قيادته أحد أكبر موردي الأسلحة لأوكرانيا.
أما فيما يتعلق بالهجرة، فيؤكد شولتس مرارا أهمية اليد العاملة الأجنبية للاقتصاد الألماني، ويدعو إلى “هجرة منتقاة”. كما يصر على أن الألمان يريدون “سياسة هجرة جادة”، وليس “استعراضا مسرحيا”، في إشارة إلى خصومه السياسيين من الحزب الديمقراطي المسيحي.
أليس فايدل.. الوجه الجديد لليمين المتطرف
تشغل أليس فايدل منصب نائبة في البوندستاغ منذ عام 2017، وهي الرئيسة المشاركة لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي تمكن، خلال 12 عاما فقط، من تحقيق شعبية واسعة، ليصبح القوة السياسية الثانية في بلد ي عرف بتسامحه وانفتاحه.
تحمل فايدل دكتوراه في الاقتصاد، وعملت سابقا في “بنك الصين”. وتدخل هذه الانتخابات رغم غياب أي فرصة حقيقية لها لتولي منصب المستشار، نظرا لرفض جميع الأحزاب الديمقراطية الأخرى التحالف مع اليمين المتطرف على المستوى الفيدرالي.
وتمحورت حملتها الانتخابية حول قضية الهجرة، حيث تدعو إلى ما تسميه “إعادة الهجرة”، وهو مفهوم يهدف إلى ترحيل المهاجرين غير الأوروبيين، سواء طوعا أو قسرا، إلى بلدانهم الأصلية.
تنحدر فايدل من ولاية بادن-فورتمبيرغ (جنوب غرب ألمانيا)، وتعتبر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر مثلها الأعلى. وتحتل المرتبة الرابعة في قائمة المرشحين لمنصب المستشار، وفق استطلاعات الرأي.
وقد اكتسب حزبها زخما إضافيا بعد أن عبر الملياردير الأمريكي الشهير إيلون ماسك عن دعمه الصريح لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، ما أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية الألمانية، التي نددت بما وصفته بـ”التدخل الأجنبي” في الانتخابات التشريعية.
أما فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، فإن فايدل، التي تتبنى توجهات مشككة في الاتحاد الأوروبي، تعلن صراحة دعمها لروسيا، وتدعو إلى رفع العقوبات عن موسكو ووقف المساعدات العسكرية لكييف.
روبرت هابيك.. السياسي البيئي الطامح إلى منصب المستشار
يشغل روبرت هابيك (55 عاما)، مرشح حزب الخضر، حاليا منصب نائب المستشار ووزير الاقتصاد وحماية المناخ. وقد شهد حزبه، “تحالف 90/الخضر”، تصاعدا في شعبيته خلال السنوات الأخيرة، ليحتل حاليا المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي، متساويا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ويعتبر هابيك ثاني أكثر السياسيين شعبية في ألمانيا بعد فريدريش ميرتس، حيث يحظى بتأييد 24 بالمائة، وفق أحدث الاستطلاعات. وعلى غرار شولتس، يدعو إلى إلغاء الحد على الاقتراض لتعزيز الاستثمارات العامة، خاصة في البنية التحتية.
أما فيما يخص ملف الهجرة، فيؤكد حزب الخضر أن ألمانيا بلد يعتمد على الهجرة، ويدعو إلى جعلها أكثر جذبا للعمالة الماهرة، كما يشدد على ضرورة احترام البلاد لالتزاماتها القانونية والإنسانية الدولية.
وينحدر هابيك من مدينة لوبيك، شمال ألمانيا، ويدافع عن رؤية لأوروبا موحدة وقوية، كما يدعم أوكرانيا في صراعها الحالي مع روسيا.