الاستثمارات الأجنبية في المغرب تتراجع لأدنى مستوى منذ 19 عاماً
كشف تقرير الاستثمار العالمي الأخير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” عن تسجيل تراجع كبير في إجمالي الاستثمارات الأجنبية بالمغرب خلال السنة الماضية، حيث تراجع المعدل إلى أدنى مستوى له منذ 19 عاما ليصل إلى 1.09 مليار دولار.
وحسب ذات المعطيات فقد تراجع معدل الاستثمارات الأجنبية للعام الثالث على التوالي، بفقدانه لأزيد من 50 بالمائة من قيمته منذ سنة 2021، عندما كان الرقم عند ما يناهز 2.3 مليار دولار.
من جانبه عزا الخبير الاقتصادي يوسف كراوي الفيلالي هذا التراجع أساسا إلى الضبابية التي يتسم بها المناخ السياسي الحالي، موضحا أن الحكومة الحالية تتسم بضعف على مستوى التواصل الداخلي، بالَإضافة إلى قلة التسويق للمغرب على المستوى الخارجي.
وتابع الفيلالي أنه “عندما تتوفر ثقة سياسية كبيرة، و حكومة قوية تتمتع بقدرة تواصلية تخلق انطباع جيد لدى المواطنين أولا، فإن العملية الاستثمارية بالمغرب تكون سهلة، وهو ما يشجع الخواص والشركات الأجنبية على الاستثمار في المغرب”.
وأضاف الخبير أن غياب هذه العوامل تجعل المستثمر الأجنبي في “حالة تريث إلى حين الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ليرى إن كانت هذه الأخيرة ستفرز حكومة جديدة تتمتع بثقة سياسية وقوة تواصلية أكبر”.
بالإضافة إلى هذا، يرى الفيلالي أن تدني تنقيط المغرب على مستوى العديد من التقارير الدولية كمؤشر الفساد ومؤشر التنافسية العالمية كان له دور كبير في تراجع الاستثمار الأجنبي الموجه نحو المغرب، مبرزا أن هذا التدني “يدفع أي مستثمر محتمل إلى التريث أو توجيه بوصلته نحو بلد آخر بجاذبية أكبر”.
في ذات السياق، كان المغرب قد حل خارج التصنيف في تقرير التنافسية العالمي 2024 الذي يصدره مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، في الوقت الذي احتلت فيه ست دول عربية وأربع دول إفريقية أخرى مكانة ضمن قائمة الدول الأقوى تنافسا في العالم لسنة 2024.
ويقيس هذا المؤشر، الذي انطلق العمل به قبل 36 سنة، تنافسية 67 دولة (في نسخة 2024) وفق 4 مؤشرات فرعية، تتعلق بالنجاعة الاقتصادية، وفعالية الحكومة وفعالية المقاولة، بالإضافة إلى جودة البنى التحتية.
ارتباطا بالموضوع، كانت منظمة الشفافية العالمية “ترنسبرنسي” قد صنفت المغرب ضمن تقريرها السنوي المتعلق بإدراك الرشوة، في المركز 97 عالميا، وذلك بعد حصوله على معدل 38/100، وهو المعدل نفسه المسجل في السنة الماضية، ما يعني أن دولا أخرى حسنت مؤشراتها لتتجاوز المغرب في التصنيف العالمي، حيث تراجع مركز المغرب على مستوى هذا المؤشر بواقع 24 مركزا منذ سنة 2018 حين كان في المركز 73 عالميا.
في المقابل، يضيف الخبير أن هذا لا ينفي أيضا وجود عوامل خارجية تتعلق بسياق دولي متسم بتوترات جيو-استراتيجية بسبب الحرب الروسية الاكرانية، بالإضافة إلى التوترات التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط، مبرزا أن هذا الوضع يخلق حالة من الترقب لدى المستثمر قبل الاستثمار في المغرب أو إفرقيا أو منطقة الشرق الأوسط.