اعتماد امتحانات وطنية في مدارس “الريادة” يثير تساؤلات حول تكافؤ الفرص
بعدما أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن اعتماد برمجة موحدة لإجراء امتحان السنة السادسة من سلك التعليم الابتدائي بمدارس “الريادة”، اعتبر خبراء تربويون أن اعتماد امتحانات وطنية في هذه المدارس يثير تساؤلات حول مبدأ “تكافؤ الفرص” بين التلاميذ المغاربة “ويبرز تفاوتًا في قيمة الشهادات التي يحصلون عليها”.
وعلى عكس المؤسسات الأخرى التي يجتاز تلاميذتها امتحانا محليا يعده الأساتذة المشتغلون بالمؤسسات ذاتها، فإن تلاميذ مؤسسات “الريادة” سيخضعون لامتحان وطني موحد.
وفي تعليقه على الموضوع، أشار الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، عبد الناصر الناجي، إلى “التناقض الواضح بين المذكرة التي تدعو إلى جعل الامتحان المحلي وطنيًا، وبين القرار الوزاري الذي ينص على أن الامتحان يجب أن يكون محليًا”.
وأبدى الناجي في تصريحه لصحيفة “صوت المغرب”، ملاحظات حول منهجية المقاربة المتبعة، مشددا على أن الشهادة الابتدائية تمثل مرحلة حاسمة في المسار الدراسي للطلاب، وكلما كان التقييم دقيقًا كلما أصبحت الشهادة أكثر مصداقية.
وأشار الخبير التربوي إلى أنه رغم ما نص عليه القانون الإطار من ضرورة مراجعة نظام الامتحانات في جميع الأسلاك التعليمية، إلا أنه لم يتم فتح هذا الملف رغم مرور أكثر من خمس سنوات على صدور هذا القانون الذي يشكل الإطار المهيكل للإصلاح التربوي، مؤكدا أن “الحكومة الحالية تتجنب بشكل واضح تطبيق هذا القانون”.
وأضاف الناجي أنه “اليوم مع المذكرة الوزارية الصادرة يوم 2 يناير الجاري، يتبادر إلى الذهن أن الوزارة بصدد مراجعة نظام الامتحانات في التعليم الابتدائي وهذا في حد ذاته أمر مطلوب، إلا أن المقاربة المعتمدة تثير بعض الملاحظات المنهجية”، مضيفا بالقول: “المفترض أن يبدأ تعديل النصوص التنظيمية الناظمة للامتحانات قبل إصدار المذكرات التي يجب أن تتماشى مع المرجعيات التنظيمية الأعلى”.
وأشار إلى أن القرار الوزاري المنظم للشهادة الابتدائية الصادر في 2006 كان يحدد ثلاث مكونات مهمة لهذه الشهادة، هي المراقبة المستمرة التي يشرف عليها أستاذ المادة، والامتحان الموحد المحلي الذي ينظم في المؤسسة تحت إشراف المدير الإقليمي، والامتحان الموحد الإقليمي الذي ينظم على مستوى المديريات الإقليمية، مبرزا أن “الهدف من ذلك هو تطبيق اللاتمركز في تنظيم الامتحانات، بدلاً من التركيز الكامل في يد الإدارة المركزية”.
وأوضح المتحدث ذاته، أن “من حق الوزارة التراجع عن هذا التوجه لأسباب قد تكون متعلقة بعدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ نتيجة اختلاف أساليب التقييم في الامتحانات المحلية، غير أن ذلك يثير التساؤل حول التناقض بين المذكرة التي تدعو إلى جعل الامتحان المحلي وطنيًا، في الوقت الذي يشير فيه القرار الوزاري إلى أنه يجب أن يكون محليًا”.
ولفت الناجي إلى أن التمييز بين مدارس الريادة والمدارس العادية لا يقتصر على التجهيزات أو البرامج والممارسات البيداغوجية فقط، بل يمتد أيضًا إلى نظام التقييم، مردفا “ويطرح ذلك تساؤلات حول الإنصاف وتكافؤ الفرص بين الطلاب المغاربة، وتفاوت قيمة الشهادات التي يحصلون عليها”.
وأكد عبد الناصر الناجي أن المنظومة التربوية هي منظومة متكاملة، وأن مراجعة نظام الامتحانات في التعليم الابتدائي يجب أن تتم ضمن إطار يشمل جميع الأسلاك التعليمية، بما في ذلك شهادة البكالوريا، “لأن جميع هذه الأنظمة يجب أن تخضع للمنطق نفسه”.
وخلص المتحدث إلى أنه إذا كان الهدف من جعل الامتحان الموحد المحلي وطنيًا هو ضمان تكافؤ الفرص بين التلاميذ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو “لماذا تبقى المراقبة المستمرة في يد المدرسين، وتصاغ الفروض كما يشاؤون؟ ألم يحن الوقت لجعل هذه المراقبة أيضًا وطنية؟”، يتساءل الناجي.
وجاء هذا النظام الجديد، بعدما أفادت الوزارة الوصية في مراسلة موجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين بأنه سيتم اعتماد برمجة موحدة لإجراء امتحان السنة السادسة من سلك التعليم الابتدائي بمدارس “الريادة” يومي 21 و22 يناير 2025.
وأشارت الوزارة إلى أن امتحانات هذه السنة ستتميز باعتماد مواضيع وطنية على مستوى مدارس “الريادة”، سيتم التوصل بها من المركز الوطني للامتحانات المدرسية وتقييم التعلمات، وذلك بالنسبة المواد اللغة العربية واللغة الفرنسية، والرياضيات.
وبحسب المراسلة التي أصدرتها الوزارة يوم الخميس 2 يناير 2025، فإن تلاميذ المستوى السادس بمؤسسات الريادة سيجتازون الامتحان في مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية والنشاط العلمي واللغة الأمازيغية يوم 21 يناير الجاري، بينما سيجتازون مواد الرياضيات والاجتماعيات واللغة الفرنسية يوم 22 يناير الجاري.
وعلى عكس المؤسسات الأخرى التي يجتاز تلاميذتها امتحانا محليا يضعه الأساتذة العاملون بالمؤسسات ذاتها، فإن تلاميذ مؤسسات “الريادة” سيخضعون لامتحان وطني، سيتم التوصل بمواضيعه من المركز الوطني للامتحانات المدرسية وتقييم التعلمات وذلك بالنسبة للمواد الثلاث: اللغة العربية اللغة الفرنسية والرياضيات.