اعترافات “استرازينيكا” تضع المغرب في عمق زوبعة الأعراض الجانبية للقاحات كورونا
يتصاعد الجدل على مستوى العالم بعد الاعتراف الذي أقرت به شركة “أسترازينيكا” المتخصصة في صناعة الأدوية والمستحضرات الصيدلانية الحيوية حول تسبب لقاحها المضاد لفيروس كورنا في أعراض جانبية مميتة.
ويجد المغرب نفسه معنيا بشكل مباشر بالزوبعة التي أثارتها اعترافات هذه الشركة كون ما يقرب من 6 ملايين مواطن مغربي سبق أن تم تطعيمهم بهذا اللقاح.
رسميا، لم يصدر بعد أي توضيح من طرف الجهات المعنية، ومصادر من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لم تعلق على الموضوع في اتصال لصحيفة “صوت المغرب” لمعرفة مدى تأثير ذلك على صحة المغاربة.
وعلاقة بالموضوع، كانت اللجنة الوطنية الاستشارية لليقظة الدوائية قد عقدت اجتماعا في17 مارس 2021 بمقر مديرية الأدوية والصيدلة لدراسة وتقييم الأعراض الجانبية المتمثلة في حالات جلطات دموية أو حالات تخثر لدى المستفيدين من لقاح أسترازينيكا المستعمل لتطوير المناعة ضد فيروس كوفيد-19.
وأكد أعضاء اللجنة بالإجماع، خلال هذا الاجتماع، أن “فوائد لقاح أسترازينيكا تفوق مخاطره، وليس هناك أية صلة مباشرة بين هذه الأعراض الجانبية واستعمال لقاح أسترازينيكا”.
وأوصت اللجنة بناء على ذلك، بمواصلة استعماله في حملات التلقيح على صعيد ربوع المملكة.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور الطيب حمضي الباحث في النظم الصحية، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن اعتراف شركة أسترازينيكا من الناحية العلمية لا يأتي بجديد على اعتبار أن هذه اللقاحات كسائر الأدوية يمكن أن تؤدي إلى أعراض جانبية.
وقال الطيب حمضي، من الناحية العلمية ومن الناحية الطبية “هذا الاعتراف لا يأتي بجديد، أولا نحن نعرف بأن اللقاحات كما جميع الأدوية ممكن ان تؤدي إلى بعض الآثار الجانبية النادرة رغم سلامتها الكبيرة جدا وأمان استعمالها، في بعض الحالات ممكن أن تؤدي إلى آثار جانبية خطرة ولكن نادرة”، مبرزا أن هذه الاعترافات “قد يكون لها تأثير قانوني يسهل عمليات حصول الضحايا الذين رفعوا دعاوي قضائية لدى المحاكم على تعويضات مالية مناسبة حسب القوانين في كل بلد”.
وأضاف الباحث في النظم الصحية، أن الدول التي كانت تستعمل هذا اللقاح، اتخذت حينها قرارا بعدم استعمال لقاحات استرازينيكا بالنسبة لفئة الشابة، لأنه وهذه معلومة متداولة عالميا، أنه من الممكن أن تكون هناك علاقة إحصائية ما بين استعمال جرعة استرازينيكا والإصابات بالجلطات الدماغية عند فئة الشباب بالخصوص”، موضحا أن، “المخاطر التي كان يشكلها فيروس كوفيد- 19 هي أضعاف مضاعفة للآثار الجانبية لهذه اللقاحات”.
وخلص الدكتور الطيب حمضي إلى أن الخبراء في العالم وفي شركة أسترازينيكا نفسها لا يعرفون حتى اللحظة ميكانيزمات العلاقة ما بين اللقاح وما بين هذه الاصابات الناتجة عن الآثار الجانبية للقاح المذكور، مشددا على أن هذا الإقرار للشركة “هو مسألة قانونية فقط، أما من الناحية الطبية أو من الناحية الابديميلوجية أو الصحية لحد الساعة ليس هناك جديد بخصوص هذا الموضوع”، على اعتبار أن هذه الاعترافات “تبقى عادية من الناحية العلمية”.
ومن جهته، أكد الدكتور مصطفى كرين أن عملية التلقيح ضد فيروس كورونا في المغرب، كانت بناء على قرار إجباري من السلطات المغربية، موضحا أن “اللجنة العلمية التي تم تشكيلها لتتبع وضعية الوباء بالمغرب كانت تعلم أن اللقاح ستكون له مضاعفات صحية”.
واستغرب كرين من التعامل “الهاوي” مع عملية التلقيح والذي تجسد في “غياب لجنة علمية لمتابعة الوضعية الصحية للأشخاص الذين تم تطعيمهم”.
وأضاف الطبيب مصطفى كرين أن الهدف من حملة التلقيح كان “هو تطعيم المواطنين ضد مضاعفات فيروس كورونا بغض النظر عن مضاعفات هذه العملية وما يمكن أن تسببه من أعراض جانبية خاصة على مستوى الدماغ والقلب والشرايين”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “المسؤولية تقع على عاتق الدولة، بمبرر أنها هي التي فرضت على المواطنين أخذ اللقاح”، مطالبا في نفس الوقت “بإجراء دراسة علمية عبر إشراك الفاعلين الصحيين وفتح نقاش حر بدون ترهيب أو تخوين”.
ومن جانبه، أكد الدكتور الصيدلاني أمين بوزوبع لصحيفة “صوت المغرب”، أنه انطلاقا من الممارسة المهنية، يمكن القول أن الحالة الصحية للعديد من المغاربة ما بعد جائحة كورونا ليست كما قبلها، مشددا على ارتفاع عدد الحالات المرضية المتعلقة بأمراض القلب والشرايين والجلطات الدماغية في صفوف فئة عريضة من المغاربة.
وأوضح الدكتور الصيدلاني أنه لا يمكن الجزم بالأسباب الرئيسية وراء ارتفاع هذه الحالات المرضية، هل هي نتيجة اللقاحات التي تم استخدامها للوقاية من فيروس كورونا المستجد أم أن الأمر يتعلق بمضاعفات الإصابة بفيروس كوفيد 19 في حد ذاته.
وطالب أمين بوزوبع بإجراء دراسة علمية مقارنة للوقوف على مدى صحة الاعترافات التي كشفت عنها شركة أسترازينيكا وما تأثير ذلك على الصحة العامة للمغاربة.
وبالمقابل، أفادت تقارير إعلامية أن شركة أسترازينيكا، طعنت في هذه الادعاءات، لكنها لم تنفي أن لقاحها المضاد لفيروس كورونا “يمكن، في حالات نادرة جدا، أن يسبب متلازمة تجلط الدم ونقص الصفيحات الدموية (Thrombosis Thrombocytopenia Syndrome TTS)»، وذلك في وثيقة قانونية قدمتها إلى المحكمة العليا في بريطانيا خلال شهر فبراير 2024.
وقد رفع عدد من المواطنين 51 قضية أمام المحكمة العليا في بريطانيا، يطالبون فيها بالحصول على تعويضات تقدر قيمتها بما يقارب 100 مليون جنيه إسترليني.
وقال المحامي حاتم بكار، “إن المتابعة القانونية في هذه الحالة تقع على عاتق الشركة المصنعة للقاح وليس على الدولة”، مبرزا أن دور الدولة يقتصر على البحث في الأعراض التي يخلفها اللقاح.
وأضاف المحامي بكار، أن الدولة لا تتحمل أية مسؤولية في ذلك، على اعتبار أن منظمة الصحة العالمية دعت إلى ضرورة إجراء التلقيح لمواجهة تفشي وباء جائحة كورونا.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن الدعاوى القضائية من أجل المطالبة بالتعويض “يجب أن ترفع ضد الشركة المصنعة للقاح وليس ضد الدول”.
وكانت شركة “AstraZenica” قد اعترفت بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا يسبب آثارا جانبية نادرة، وهو ما قد يمهد الطريق نحو الحصول على تعويض بالملايين لفائدة العديد من المواطنين الذين يقاضون الشركة أمام القضاء بالمملكة المتحدة بسبب أضرار لقاحها.
وقالت صحيفة “تلغراف” البريطانية إن الشركة تواجه دعوى جماعية، بسبب ما تسبب فيه لقاحها الذي تم تطويره بشراكة مع جامعة أكسفورد من أضرار تسببت في وفاة وحالات إصابة بأمراض خطيرة.
وأقرت شركة “أسترازينيكا” لأول مرة بأن لقاحها ضد كورونا الذي يحمل العلامة التجارية “Covishield”، قد يسبب آثارا جانبية نادرة بما فيها جلطات الدم وانخفاض الصفائح الدموية.