اختلالات واستمرار للمعاناة.. حقوقيون يطالبون المسؤولين بإنصاف ضحايا زلزال الحوز
ماتزال معاناة أهالي المناطق المتضررة من زلزال الثامن من شتنبر مستمرة، إذ تشكو الساكنة من تأخر عمليات إعادة الإعمار إضافة إلى مجموعة من الاختلالات تشوب هذه العمليات، والتي رصدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان داعية إلى فتح تحقيق بخصوصها لإنصاف الضحايا.
معاناة تبتدأ بالإقصاء
وفي هذا الصدد وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أحنوش وإلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تسائلهم فيها عن التدابير المتخذة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة إثر الزلزال الذي ضرب ممطقة الأطلس الكبير، متوقفة عند مجموعة من الشكايات.
وقال فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بآيت أورير إنه في إطار تتبعها للمناطق المتضررة من زلزال 8 شتنبر 2023 سواء من خلال المعاينة المباشرة أو من خلال إفادات وشهادات الساكنة، فقد توصل الفرع بشكايات معززة بوثائق من ساكنة بعض الدوواير المنكوبة بإقليم الحوز حول سير عملية إعادة إعمار المناطق المنكوبة وتدابير إعادة إسكان قاطنيها وما قد يكون شابها من تجاوزات تمس بالحقوق الأساسية للمواطنين.
وسجلت الجمعية إياها حسب إفادات المعنيين، من حيث عمليات الإحصاء وتحديد المتضررين وحجم الضرر ” إقصاء مجموعة من الفئات من الدعم، وعدم مراعاة وضعية العائلات الممتدة والكبيرة، إضافة إلى غموض يلف مسطرة تحديد منزل رئيسي أو ثانوي، وقالت في هذا الصدد إنها “سجلت حالات وجود آباء يشتغلون خارج المنطقة وأبناءهم مقيمون بها بل هناك أيضا من فقد الزوجة والأبناء إثر الفاجعة وتم إقصاؤه”.
وأكدت كذلك أنه تم “إقصاء أشخاص في وضعية إعاقة وقاصرين فقدوا جميع أفراد أسرتهم ومنزل العائلة، مضيفة “عدم تبليغ المعنيين بالأمر بمحاضر المعاينة والقرارات المجسدة لوضعية سكنهم”.
اختلالات “غير مفهومة”
وتابعت الجمعية الحقوقية ذاتها قائلة إنه بعد ما يقارب عشرة أشهر من الفاجعة لا تزال وضعية الساكنة على حالها في الغالب الأعم مع ما يستتبع ذلك من صعوبة العيش داخل الخيام التي تضررت بفعل أحوال الطقس، ناهيك عن غياب أبسط شروط النظافة.
وفيما يتعلق بتنزيل التدابير ووضعية التقدم في الإنجاز سجلت الجهة ذاتها “أن هناك من توصل بمبلغ التسبيق لبداية الأشغال ولم يتم التوصل بالتصاميم” وتابعت أن ذلك ينضاف إلى “وعورة المسالك مما يفاقم من غلاء المواد الأولية للبناء المرتفعة أصلا وغير ذلك من العراقيل التي تساهم في تفاقم معاناة المتضررين”.
كما سجلت باستغراب ما قالت إنه “إقدام أعوان السلطة بالاتصال بممثلي جمعيات الساكنة -حسب تصريحات ممثليها- لحثهم على دفع الساكنة للتوقيع على وثائق تارة تحمل اسم التزام وتارة إشهاد وتارة أخرى تصريح بالشرف حيث يستفاد من مضمونها تحميل الساكنة المتضررة مسؤولية اتخاذ القرار “بمحض إرادتها” بالهدم الكلي للمنزل بقرار شخصي وإعادة بنائه في حدود مبلغ 80000 درهم أو التصريح بأن مبلغ 20000 درهم (الذي هو مبلغ التسبيق) كاف لإجراء إصلاحات بمنزل المعني بالأمر وبالتالي الاكتفاء به كتعويض نهائي وإشهاد بالإنتهاء من الاصلاح والتصريح بالعودة للإقامة به.
وأكد فرع الجمعية من “الطبيعة القانونية لهذه الوثائق والغرض منها” مشيرة إلى “أنها لا تحمل أية علامة تدل على الجهة المصدرة لها، والغرض من دفع المتضررين لتوقيعها والإشهاد على أنفسهم بتحمل مسؤولية تقييم الأضرار والخبرة التقنية” متسائلا عن الجهة التي لها المصلحة في حرمان المتضررين من الدعم الكامل لإعادة بناء بيوتهم.
كما أفادت الساكنة وفق الرسالة إياها “غياب شبه تام للخدمات الاجتماعية كالتعليم الابتدائي الذي يزاول في خيام غير لائقة إضافة إلى انطلاقه بشكل متأخر خلال شهر دجنبر 2023؛ فضلا عن عدم التمكن من مواكبة تلقيح الأطفال المؤهلين لذلك، حيث يخصص يوم واحد في الأسبوع لأربع جماعات قروية مع ما يتطلب ذلك من تنقل”.
وتوقفت رسالة الحقوقيين عند ما تصفه بـ”عدم الاهتمام من طرف الدولة بموارد العيش حيث لم يتم إصلاح السواقي المخصصة للفلاحة وعدم تزويد الساكنة ببعض الماشية التي فقدتها، وتسجل الجمعية توزيع الشعير المدعم المخصص للعلف فقط بكميات محدود”.
تحقيق من أجل الإنصاف
وطالبت الجمعية الحقوقية بفتح تحقيق في هذه الوقائع وترتيب الآثار القانونية بما يحفظ حقوق المواطنين المتضررين لجبر الضرر، مؤكدة ضرورة تحديد مصدر الإشهادات والالتزامات التي توزع على المتضررين، ومحاسبة الجهات المصدرة لها باعتبارها فاقدة للشرعية والمشروعية القانونية.
كما طالت بـ”اتخاذ إجراءات استعجالية لإنصاف كل الضحايا، عبر إعادة إحصاء السكان وليس المباني فقط، مع اعتماد الأعراف المحددة لمفهوم الأسرة “الكانون” واستحضار مقاربة النوع الاجتماعي في عملية الإحصاء والتعويض والدعم، باعتبار المرأة سواء الأرملة أو الحاضنة مسؤولة عن تدبير أسرة وليست فاقدة للأهلية وتعيش تحت الوصاية، وفق تعبير الرسالة.
ودعت الجمعية إلى تسليم الأسر قرارات واضحة تبين حجم الضرر والدعم المخصص لإعادة البناء، والالتزام الصريح بما قررته الدولة رغم عدم كفايته؛ مشددة على ضرورة إعادة بناء ما دمره الزلال من مؤسسات عمومية كالمدارس والمستوصفات والطرق والمسالك الطرقية.
وطالبت بالاهتمام بشكل جدي بتوفير موارد العيش للساكنة وخاصة في قطاع الفلاحة وتربية الماشية والحرف والمهن التي كانت تشكل مجالات للشغل والكسب، إضافة إلى تفعيل المراسيم المتعلقة بالمناطق المنكوبة ومكفولي الأمة.