“اتصالات المغرب” و”إنوي” يطويان صفحة الخلاف ويعلنان عن شراكة لإطلاق الجيل الخامس

بعد نحو شهر على إنهاء مهام الرئيس السابق عبد السلام أحيزون على رأس شركة “اتصالات المغرب”، قررت هذه الأخيرة وشركة “إنوي” طي صفحة الخلاف الذي دام لسنوات، من خلال التوصل إلى اتفاق وصفه البعض بـ”المفاجئ”، يقضي بتقاسم البنى التحتية للاتصالات بين الشركتين، إضافة إلى إرجاع “إنوي” مبلغ 2 مليار درهم إلى “اتصالات المغرب” من إجمالي 6.38 مليار درهم كانت قد أدتها هذه الأخيرة في إطار حكم قضائي.
وحسب بلاغ مشترك عقب توقيع الاتفاقية من قبل مجلس المراقبة لشركة “اتصالات المغرب” ومجلس إدارة شركة “إنوي”، سيلتزم الفاعلان بتقاسم البنى التحتية للاتصالات بينهما من خلال إنشاء شركتين مشتركتين مملوكتين مناصفة بنسبة 50%.
ويتعلق الأمر بشركة تحت اسم “FiberCo” ستكون مخصصة لتسريع نشر الألياف البصرية إلى منازل المشتركين في مختلف مناطق المملكة، بهدف تمكينهم من الولوج إلى إنترنت عالي الصبيب، من خلال نشر واستغلال البنى التحتية السلبية الضرورية لخطوط الألياف البصرية، مع هدف بلوغ مليون وصلة خلال عامين و3 ملايين وصلة في أفق 5 سنوات.
أما شركة “TowerCo”، يضيف البلاغ، فستكون مخصصة لتسريع نشر شبكة الجيل الخامس (5G) على التراب الوطني لتمكين المشتركين من اتصال عالي السرعة، وبسعة وجودة محسّنة، كما ستستثمر في بناء أبراج جديدة أو تأهيل الأبراج القائمة، وهي بنى تحتية لاستضافة معدات الهاتف المحمول، مع هدف بلوغ ألفي برج في 3 سنوات و6 آلاف برج في أفق 10 سنوات.
وبخصوص قيمة الاستثمارات للمرحلة الأولى، التي تمتد على 3 سنوات، فقد قدرها البلاغ بـ4.4 مليارات درهم، مبرزًا أنه على المدى الطويل، يُمثل المشروع استثمارًا لا يقل عن مليار دولار، كما أكد أن تنفيذ هذه الشراكة رهين بالحصول على ترخيص من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT) التي تظل مسؤولة عن مراقبة عمليات التمركز الاقتصادي في هذا القطاع.
وفي إطار رغبتهما المشتركة لتجاوز الخلاف القضائي السابق المتعلق بتقاسم البنى التحتية، والذي أسفر عن حكم قضائي يُلزم اتصالات المغرب بأداء غرامة مالية قدرها 6.38 مليار درهم لصالح “إنوي”، تخلت هذه الأخيرة عن مبلغ 2 مليار درهم من إجمالي الغرامة، ليتم تقليص المستحق منها إلى 4.38 مليار.
ويأتي هذا الاتفاق “المفاجئ وغير المسبوق”، على بعد شهر من إنهاء مجلس رقابة شركة اتصالات المغرب لمهام الرئيس التنفيذي للشركة آنذاك عبد السلام أحيزون، وتعويضه بمحمد بنشعبون، الرئيس السابق للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT).
واعتبر العديد من المراقبين أن الحكم القضائي الصادر بحق الشركة والقاضي بتغريمها مبلغ 6.38 مليار درهم عَجَّل برحيل أحيزون من على رأس “اتصالات المغرب”، خصوصًا في ظل تقارير تشير إلى تهديدات غير مباشرة لمجموعة “إي آند جروب” الإماراتية، المساهم الرئيسي في شركة “اتصالات المغرب”، بحصة 52 بالمائة، بسحب استثمارها من الشركة المغربية.
في هذا السياق، كانت وحدة الأبحاث المالية التابعة لبنك (CFG) قد أشارت إلى أن الغرامة أثرت بشكل كبير على موازنات الشركة خلال السنة الماضية، حيث أن صافي الدخل المعدل للمجموعة، الذي يستثني التأثيرات الضريبية بالإضافة إلى الالتزامات المالية غير المتكررة كالتسويات القضائية، تراجع بنسبة تناهز 66% خلال سنة 2024، ليصل إلى 1.8 مليار درهم، مقارنة بـ 5.3 مليار درهم في السنة المالية 2023.
كما أشارت ذات الوحدة إلى عدد من التحديات التي تواجه “اتصالات المغرب”، وعلى رأسها تلك المتعلقة بالبيئة التنظيمية التي باتت “أكثر صرامة”، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة، وكذا التطورات التكنولوجية التي تعيد تشكيل أنماط استهلاك المستخدمين على غير ما كانت عليه خلال السنوات الماضية.
ومن شأن هذا القرار أن يعيد تشكيل القطاع بشكل يضمن التزام المغرب بالمعايير الصارمة لدفتر تحملات “الفيفا” المتعلقة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، خصوصاً فيما يتعلق بالبنى التحتية الرقمية، وكذا ضمان الوفاء بالتزامات “استراتيجية المغرب الرقمي 2030” التي تهدف إلى الوصول إلى نسبة تغطية للأنترنت من الجيل الخامس (5G) إلى 70 بالمائة بحلول سنة 2030، بالإضافة إلى رفع عدد المنازل المرتبطة بخدمة الـ”فيبر أوبتيك” إلى 5,6 مليون بحلول 2030.