ابن كيران: نداء الأزهر صادق وأي علاقة مع إسرائيل تطبيع مع الإجرام

قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن نداء الأزهر الشريف من أجل التحرك لإنقاذ غزة “مشرف للغاية”، مشيراً إلى أنه كان “حياً وقوياً”، على الرغم من كونه “الحد الأدنى المنتظر من هيئة علمية بمكانة الأزهر”.
وقال ابن كيران، في كلمة مسجلة بُثت عبر منصاته الرسمية، إنه اطلع على نداء الأزهر، “قبل حذفه من موقعه الرسمي واستبداله بنداء آخر”. وأشار إلى أنه لا شأن له في النداء الأخير معتبراً أن “النداء الأول هو الحقيقي لأنه كان صادقاً”.
وذكر أنه شارك النداء، رغم حذفه، على صفحته الرسمية “لعل ذلك يُسهم في تحقيق ما قصده أصحاب النداء، وعلى رأسهم شيخ الأزهر المحترم والعزيز”.
وشدد على أن ما يحدث في غزة “ليس فقط كارثة بل مؤشر على ما قد يحدث لاحقًا إن بقينا صامتين”. وقال إن “أهل غزة لم يعودوا يطلبون دواءً ولا حتى طعامًا، بل لقمة عيش. لإنهم يرون أبناءهم يموتون أمامهم، وأمهاتهم لا يجدن ما يُرضعنهم”.
وأشار إلى أن شيخ الأزهر “وصف الأمور كما هي، وصفاً دقيقاً صادقاً، يحرك ما تبقى من ضمير في الأمة الإسلامية والإنسانية كلها”، معتبراً أن البشرية في النهاية أسرة واحدة هم أبناء آدم وحواء. وهذه ليست مجزرة خفية، بل علنية، تُبث على الهواء وتُرى بالعين المجردة”.
ودعا ابن كيران المواطنين المغاربة، والعرب والمسلمين والدول إلى التحرك، لافتاً إلى أنه “من غير المقبول أن يظل رؤساء الدول العربية غافلين”. وقال: “مصر مثلاً، كانت غزة مصرية تحت سيطرتها، وبالتالي فما يحدث هناك اليوم لا يفصلها عنه سوى حدود ضيقة”.
وتسائل “ألا يقلق حديث الصهاينة علناً عن دولة من النيل إلى الفرات الرئيس المصري السيسي؟ألا يُقلق الملك الأردني؟ ألا يُقلق أحداً من حكام العرب؟”.
ووقف ابن كيران عند مصادقة الكينست الإسرائيلي على فرض السيادة الإسرائيلة على الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، مشيراً إلى أن ذلك يعني “نهاية الحديث عن أي دولة فلسطينية”، إذ أنه “لم يبق للفلسطينيين أية صفة قانونية، لا لمحمود عباس ولا لغيره من القادة سواء في غزة أو الضفة”. وقال “المرحلة المقبلة لا يعلمها إلا الله”، منبهاً إلى أنهم يواصلون تنفيذ مخططهم خطوة بخطوة، مستمدين قوتهم من الدعم الأمريكي والغربي.
وذكر أنه من المرجح أنه سيتم تحويل غزة إلى “مختبر لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجير من تبقى، والإبقاء على قلة قليلة لاستعمالهم كخدم أو عبيد، ثم ينتقلون إلى الضفة الغربية، ويُهجّرون أهلها إلى الأردن أو سوريا أو غيرهما”.
وقال: “هل ماتت أمتنا حتى يقع كل هذا أمام أعيننا؟ هل مات العالم؟”. وأضاف: “الولايات المتحدة والغرب، وهم يقفون خلف ما يجري، لا يدركون أنهم بهذه السياسات يهدمون كل ما بُني لضمان السلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأوضح أنه “لم تبقَ للقوانين الدولية أي قيمة، كما لم تبقَ للمؤسسات الدولية أي مكانة. ولم تبقَ للعدالة أي معنى ولا لحقوق الإنسان، ولا للحريات”، مشيراً إلى أن القيمة الوحيدة التي يعترف بها اليوم، “هي قوة السلاح، السياسة التي تُترجمها الحكومة الإسرائيلية مدعومةً من الولايات المتحدة الأمريكية”.
ووجه ابن كيران نداء إلى المسلمين حول العالم قائلاً: “يا أهل الخليج، يا أهل مصر، يا أهل تركيا، يا أهل الشام، يا أهل المغرب، يا عرب، يا مسلمون، هذا وقت التوحد”. وأوضح أنه لا يقصد إعلان الحرب، بل “التهديد على الأقل بقطع العلاقات مع دولة مجرمة”، متسائلاً “أي معنى لبقاء العلاقات مع دولة تقتل من يأتي فقط ليأكل؟”
ونبه إلى أن الفليسطينيين في غزة “يُقتلون على أبواب مراكز توزيع الطعام”، مستنكراً “أي دولة تقتل الجائعين؟ أي دولة تقتل الأطفال والنساء والشيوخ بالجملة؟”، مشدداً على أن ما يجري “ليست حربًا بل إبادة جماعية موصوفة، بكل المقاييس”.
وقال: “إذا لم تُقطع العلاقات اليوم، فمتى؟”، مؤكداً على أن أي دولة تُقيم علاقات مع إسرائيل “فهي تُطبع مع الإجرام والوحشية، مع من لا يعرف أدنى معاني الإنسانية”، مضيفاً أن “الذي يقتل إخواننا في غزة ـ مسلمهم ومسيحيهم ـ يُفترض أن يُدان ويُعاقب، لا أن يُستقبل سفراؤه وتُقام معه الاتفاقيات”.
وحذر ابن كيران من تحميل عملية كتائب عز الدين القسام الجناح العسركي لحركة المقاومة الإسلامية – حماس، في السابع من أكتوبر “السبب من وراء ما يجري اليوم”. وذكر أن “القضية أعمق وأقدم. إنها دولة أُقيمت بتواطؤ دولي لا شك فيه، من قِبل الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، منذ عام 1948”.
وأوضح أن نداء الأزهر الشريف”يذكر في المقام الأول أن ما يجري في غزة اليوم ليس جديداً”. إذ أن معركة غزة وفلسطين “تجاوزت القرن من الزمان منذ أن توعد الصهاينة بإقامة دولتهم في أرض فلسطين نهاية القرن التاسع عشر”.
يذكر أن الأزهر الشريف كان قد أثار حذف نداء مطولاً، دعا من خلاله الشيخ أحمد الطيب إلى التحرك الفوري لإنقاذ أهل غزة من سياسة التجويع القاتلة، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي
وقال الأزهر الشريف، في ندائه، إن الضمير الإنسان يقف اليوم على المحك، وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء يقتلون بدم بارد، بينما يلقى من ينجو منهم حتفه بسبب الجوع والعطش والجفاف ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقادهم من موت محقق.
وحذر الأزهر من أن الذي يدعم إسرائيل بالسلاح، ويساندها بالقرارات أو “الكلمات المنافقة”، يعد “شريكاً مباشراً في الإبادة”. وقال: “على هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكروا جيدا الحكمة الخالدة التي تقول: أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”.
ووجه الأزهر نداءه إلى القوى “الفاعلة والمؤثرة”، قائلاً: “إن الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ هذه القوى أن تبذل أقصى ما تستطيع لصد هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل فوري، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية نتيجة استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية”.
ولم يظل هذا البيان منشوراً، على حسابات الأزهر الشريف بمواقع التواصل الاجتماعي، سوى دقائق معدودة قبل أن يتم حذفه، وهو ما أثار دهشة واسعة بين النشطاء والمتابعين.
وفي السياق، كان جمع من العلماء، قد أشاروا في بيان سابق، إلى أن حقّ الجوار يُحتّم على الأزهر الشريف في مصر ما لا يُحتّم على غيره. وقالوا: “إننا على يقين من أن أي تحرك حاسم من قبل فضيلة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، سيُغيّر المعادلة ويكسر الحصار، أو يؤدي على الأقل واجب العين المتعين على قادة الأمة وعلمائها”.
وأضافوا، موجهين كلامهم لشيخ الأزهر: “التاريخ قد فتح ناصع صفحاته لتُسجل فيها اسمك يا فضيلة الإمام إلى جوار العِزّ بن عبدالسلام، وإلا فأعِد للسؤال إجابة، فقد اختصَمنا أبو عبيدة جميعاً أمام محكمة العدل الإلهية”.
وقد أوضح رئيس رابطة علماء المغرب العربي الحسن بن علي الكتاني، وهو أحد الموقعين على بيان العلماء، أن مخاطبة شيخ الأزهر تحديداً يعود إلى كونه “أكبر عالم في أكبر صرح إسلامي”، مشيراً إلى أحمد الطيب له “وجود وتأثير وكلمة قد تكون مسموعة”.
وأضاف، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”: “لأجل ذلك خاطبناه مباشرة، خاصة أن مصر تتحمل الثقل الأكبر في هذه القضية، باعتبارها من تغلق معبر رفح البري والحدودي مع قطاع غزة”.
من جانبها، استنكرت وزارة الخارجية المصرية بشدة ما وصفته بـ“تشويه” لدور مصر الداعم للقضية الفلسطينية، معربة عن نفيها الاتهامات التي تزعم مساهمتها في حصار قطاع غزة أو منع دخول المساعدات الإنسانية.
واعتبرت وزارة الخارجية في بلاغ، يوم الخميس 24 يوليوز 2025، أن هذه الاتهامات “واهية وتتناقض مع الموقف والمصالح المصرية”.
وشددت الخارجية المصرية على عدم إغلاق المعبر من الجانب المصري إطلاقاً، مشيرة إلى أن المعبر محتل في الجانب الفلسطيني من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تمنع النفاذ من خلاله.