إنهاء عقود موظفين بشؤون “اللاجئين” في العيون.. خبير: لم يعد للمفوضية جدوى بالمنطقة

أبلغت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) موظفين لها في كل من مدينة العيون ومخيمات تندوف بقرار إنهاء عقود عملهم، نهاية شتنبر 2025، بشكل نهائي.
ويأتي هذا القرار، الذي توصل به الموظفون في رسائل خاصة، في سياق ما وصفته المفوضية بـ”الظروف الصعبة الناتجة عن الأزمة المالية الحالية”، التي أدت إلى “تقليص الميزانية والموارد البشرية”، دون تقديم تفاصيل إضافية حول مستقبل مهامها في المنطقتين.
في هذا الصدد، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة خالد الشيات، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن إنهاء عقود خاصة بعمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “له أبعاد تنظيمية في الأساس، إضافة إلى أبعاد سياسية”.
ويعتبر الشيات أن عمل المفوضية في العيون “لم يعد له أي جدوى”، مشيراً إلى أن مهمتها الأساسية كانت تتركز في تنظيم عمليات تبادل الزيارات بين الأسر الصحراوية المغربية وأقاربهم في تندوف، في إطار برنامج تدابير الثقة الذي أطلقته الأمم المتحدة قبل نحو عشرين عاماً.
وأوضح أن المفوضية سعت لاستمرار هذه اللقاءات، بهدف تليين المواقف وتعزيز البعد الإنساني في القضية. إلا أن جبهة البوليساريو “كانت دائماً تتحجج بأسباب لوجستية”، وهو ما أدى عملياً إلى توقف هذه الزيارات منذ وقت طويل، “لتصبح جدوى وجود المفوضية في العيون شبه منعدمة”.
وذكر أن مراسلات مفوضية اللاجئين جاءت “في إطار ترشيد عمل بعثات الأمم المتحدة، واقتصارها فقط على المهام الفعلية والضرورية”، ما يعني ضمنياً استبعاد مثل هذه المواضيع من أنشطة المفوضية في المناطق الجنوبية من المغرب.
هذا واعتبر الخبير في العلوم السياسية خالد الشيات أنه يمكن اعتبار القرار أيضاً بمثابة “ضغط على البوليساريو من أجل الدفع نحو التوصل إلى حل سياسي نهائي، قابل للتطبيق، ومبني على التفاوض”، مشيراً إلى أنه لم يعد من الممكن للأمم المتحدة الاستمرار في الأخذ بعين الاعتبار ما وصفه بـ”نزوات” خصوم الوحدة الترابية في الجزائر والضفة المقابلة من المتوسط.
ولفت إلى أن هذه الخطوة تشكل “إشارة واضحة مفادها: إما المضي في مسار تفاوضي جدي يؤدي إلى حل سياسي، أو التغاضي عن مهام المفوضية خاصة ذات الطبيعة الإنسانية في المنطقة”.
ويدعو هذا القرار، وفقاً للمتحدث، الطرف الذي مازال متمسكا بـ”الكفاح المسلح” ضد المغرب، إلى تحمل تبعات قراراته غير المسؤولة، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو القانونية.
وحلص الشيات، في قراءته للقرار الأممي، إلى كون هذا الأخير يتعلق بالدرجة الأولى بإجراء تقني وتنظيمي، رغم احتمال وجود خلفيات سياسية أيضاً، “تدخل في سياق الدفع نحو حل سياسي شامل ونهائي لهذا النزاع المفتعل”.
وتعتبر مفوضية اللاجئين وكالة أممية ناشطة في المجال الإنساني، عملت في مخيمات تندوف بالجزائر منذ عقود، حيث أشرفت على برامج إنسانية واسعة. كما تحتفظ بوجود لها في مدينة العيون، حيث تضطلع بمهام تتعلق بالرصد والتنسيق في مجالي حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.
ومكنت المفوضية الأسر الصحراوية، سواء المقيمين في الأقاليم الجنوبية أو في مخيمات تندوف، بزيارة عائلاتهم، قبل إعلان البوليساريو عام 2013، بشكل منفرد انسحابها من البرنامج، مشيرة إلى “أسباب تقنية”. وقد قامت الأمم المتحدة بمحاولتين، في عامي 2016 و2019، لاستئناف زيارات العائلات بين الجانبين، لكن كلا المحاولتين باءتا بالفشل.
ويأتي إغلاق مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العيون بعد أسبوعين من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إعادة التفكير بشأن عمليات حفظ السلام من أجل مواءمتها مع ميزانيتها، ولم يكن موظفو الأمم المتحدة في الصحراء بمنأى عن هذه الإجراءات.
وفي هذا السياق، خفضت بعثة المينورسو بالفعل من دورياتها لحفظ السلام، بحسبما أكده ألكسندر إيفانكو رئيس البعثة، في خطاب أمام مجلس الأمن في 14 أبريل الماضب. وقال في كلمته: “لقد واصلت أنشطتنا في المراقبة والرصد غرب الجدار الرملي كما هو مخطط لها حتى منتصف مارس، وهناك ضرورة لإبطائها بسبب مشكلات مالية”.