story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

إلغاء ذبح الأضاحي.. هل يحق للسلطات منع مظاهر عيد الأضحى ومعاقبة المخالفين؟

ص ص

في ظل تداول تعليمات شفهية صادرة عن السلطات المحلية في عدد من المدن والأقاليم تقضي بمنع مظاهر عيد الأضحى هذا العام، مثل ذبح الأضاحي، وبيع الأكباش، وتسويق الفحم والأعلاف وكل الأدوات المرتبطة بالشعيرة، تثار تساؤلات قانونية حول مشروعية هذه التعليمات والأساس القانوني الذي يمكن اعتماده لمتابعة المخالفين.

وفي هذا السياق، أكد أمين الفتحي، مستشار قانوني، أنه لا يمكن تقييد الشعائر الدينية أو الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها إلا بموجب قرار إداري مشروع ومُعلن، تتوفر فيه شروط المشروعية من حيث الشكل والمضمون.

وأضاف الفتحي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن القرار الشفهي يُعد استثناءً محدودًا، ولا يُعتد به قانونيًا إلا في حالات استعجالية ضيقة، كما هو الحال في الظرفية الحالية المرتبطة بالخطر الذي يهدد القطيع الوطني وإمكانية فقدان الوفرة، على حد تعبيره.

وشدد على أن أي متابعة قانونية لا يمكن أن تُبنى على تعليمات غير مكتوبة أو غير معلنة، مشيرًا إلى أن ذلك يُخلّ بمبادئ العدالة والوضوح والشفافية التي يفترض أن تؤطر القرار الإداري في دولة القانون.

مبدأ المشروعية

وحسب المتحدث ذاته، يلزم القانون أي قرار إداري، خاصة إذا كان يُقيد الحريات أو يمنع شعائر دينية، احترام مبدأ المشروعية، الذي يُعد حجر الزاوية في مفهوم دولة القانون والعقد الاجتماعي الحديث.

وأبرز الفتحي أنه يجب أن يستند القرار إلى قواعد ومبادئ وأحكام القانون الإداري الذي يؤطر سلطة الإدارة ومشروعية تصرفاتها تجاه المخاطبين بقراراتها، مشددا على أن أي قرار إداري لا يستقيم إلا إذا توفرت فيه شروط أساسية.

وأوضح أنه يجب أن يكون القرار صادرًا عن سلطة إدارية مختصة، وأن يكون مبنيًا على أساس قانوني أو تنظيمي واضح، وأن يكون معلّلاً ومكتوبًا في الأصل، وأن يكون منشورًا حتى يمكن الاحتجاج به على الأفراد.

حالات استثنائية

واستدرك المتحدث ذاته، بالقول إن الأصل في القرارات الإدارية أن تكون مكتوبة، غير أن الاجتهاد القضائي المغربي اعترف في حالات استثنائية بمشروعية القرار الشفهي، وذلك بشروط صارمة.

وأوضح الفتحي، أن هذه الشروط تتمثل في وجود حالة استعجال أو ضرورة قصوى، من قبيل تهديد حقيقي لصحة القطيع الوطني في حالة المواشي، أو المساس بالسلامة العامة، أو لتفادي الفوضى التي قد تصاحب بعض المناسبات وتؤدي إلى عواقب وخيمة.

وأضاف أن القرار الشفهي يجب أن يصدر عن سلطة إدارية مختصة، وأن يكون متناسبًا مع الوضع المؤقت، وألا يتجاوز ما تقتضيه الضرورة، مع ضرورة أن يُثبت أثره على المركز القانوني للأفراد.

وشدد الخبير القانوني، على أن مشروعية القرار الشفهي تظل استثناءً محدود التطبيق، ويصعب تبريرها في غياب تعليل موضوعي ووسائل إثبات واضحة.

هل يمكن متابعة المواطنين المخالفين؟

وقال أمين الفتحي، مستشار قانوني، إن تحميل المواطنين المسؤولية ومتابعتهم استنادًا إلى تعليمات شفهية غير منشورة يُعد خرقًا لمبدأي المشروعية والشفافية، مشيرًا إلى أن مثل هذه القرارات يمكن الطعن فيها بالإلغاء أمام القضاء الإداري، بسبب تجاوز السلطة أو وجود عيب في الشكل أو في السبب.

وأوضح الفتحي أنه لا يمكن من حيث المبدأ متابعة أي شخص يبيع الأضاحي أو الفحم أو الأدوات المرتبطة بالشعيرة، إلا إذا كان هناك قرار إداري منشور ونافذ يمنع ذلك.

وأضاف أن هذا القرار يجب أن يستند إلى نص تنظيمي رسمي صادر عن سلطة ولائية أو عاملية تم نشره أو تبليغه، أو مرجع قانوني يتعلق بحماية النظام العام أو الصحة العمومية، أو حالة استعجال معلنة تبرر تدخلًا مؤقتًا وضروريًا، مؤكدا أن “غياب هذه الأسس القانونية يجعل أي متابعة في هذا السياق مفتقدة للشرعية”.

تعليق الأنشطة

وقضت السلطات المحلية بعدد من الأقاليم بتعليق جميع الأنشطة المرتبطة بعيد الأضحى لهذه السنة، وذلك بعدما أهاب الملك محمد السادس بعدم إقامة شعيرة ذبح الأضاحي بمناسب عيد الأضحى لهذا العام، بسبب التداعيات الكبيرة للجفاف وتراجع أعداد القطيع الوطني.

وتلقى باشاوات وقياد بعدد من أقاليم المملكة تعليمات تدعو إلى الحد من المظاهر المرتبطة باحتفالات العيد لهذه السنة، من ضمنها منع بيع الأضاحي في المحلات (الكراجات) وبعض الضيعات الفلاحية.

وتتضمن التعليمات الشفوية التي تم تبليغها لرجال السلطة، حسب مصادر متطابقة منع عرض وبيع الأعلاف والتبن، بالإضافة إلى منع نشاط شحذ السكاكين في الأزقة والشوارع، وكذا منع بيع الفحم المخصص للشواء وشي رؤوس الأضاحي في الأماكن العمومية.

سياق خاص

ويحل عيد الأضحى لهذه السنة في سياق خاص، حيث أهاب الملك محمد السادس بالمغاربة عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة نظرا للتراجع الكبير في أعداد الماشية وتداعياته السوسيو اقتصادية، وذلك في رسالة تلاها أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، مساء الأربعاء 26 فبراير 2025.

وقال الملك في رسالته، إنه “من منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير للمؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بما ورد في قوله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة”.

ودعا الملك المغاربة إلى إحياء عيد الأضحى “وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.