story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

إفريقيا و أنانية أوروبا !

ص ص

منذ أن بدأ تنظيم كأس إفريقيا للأمم في مثل هذه الفترة من السنة ، و الأندية الأوروبية تبدأ كورال النواح و التبرم احتجاجا على القارة السمراء جراء حرمانها من أبرز لاعبيها خلال فترة حاسمة من الموسم الكروي ، و تطالب بتأخير موعد هذه الكأس إلى غاية فصل الصيف بعدما يكون اللاعبون قد أنهوا التزاماتهم مع أنديتهم .

الكأس المقبلة بالكوت ديفوار ستعرف فيه الأندية الأوروبية المنتمية للدوريات الخمس الكبرى فقط ، رحيل 226 لاعبا إلى قارتهم الأم للعب نهائيات كأسها الأممية ، حيث احتلت البطولة الفرنسية المرتبة الأولى في عدد اللاعبين الأفارقة الراحلين إلى منتخباتهم ب 88 لاعبا ، يليها الدوري الإنجليزي الممتاز ب 48 لاعبا ، ثم دوري إيطاليا ” الكالشيو ” ب 37 لاعبا ، تليه البطولة الإسبانية “لاليغا ” ب 27 لاعبا ، و في المرتبة الأخيرة الدوري الألماني ” البوندسليغا ب 26 لاعبا .

هؤلاء اللاعبين من المفترض أن يغيبوا ما بين 4 إلى 6 مباريات في الدوري ، إضافة إلى مباريات أخرى ستجرى في وسط الأسابيع القادمة ، برسم منافسات الكؤوس المحلية و القارية الأوروبية .

احتجاج الأندية الأوروبية على تنظيم كأس إفريقيا في هذه الفترة ، مبرره أن لاعبيهم يعتبرون من الدعامات الأساسية لفرقهم ، و مؤثرون في نتائجها ، و أنهم دفعوا مبالغ كبيرة من أجل انتدابهم لكي يراهنوا بهم على الألقاب و البطولات ، و رحيلهم إلى اللعب مع منتخباتهم يترك لديهم نقصا مهولا ، و يخلف مشاكل كبيرة لدى مدربيهم من أجل إيجاد بدائل في مستواهم .

إلى هنا كل شيء مفهوم ، خصوصا عندما نعرف حدة المنافسة على الألقاب التي أصبحت عليها البطولات الأوروبية ، و حاجة كل الأندية لمجموع عناصرها المرموقة التي تصنع التفوق في المباريات . لكن ألا يعلم هؤلاء المتباكين بأنانية حول رحيل اللاعبين الأفارقة إلى منتخباتهم ، أن نجومهم بصدد اللعب في دورة أممية أكثر رمزية من أنديتهم و بطولاتهم و أموالهم ، و أن تمثيل بلدانهم و أوطانهم و اللعب تحت راياتها هو فخر و تشريف أكثر قيمة من بطولاتهم ” التجارية ” التي ينظرون إليها بمنطق الربح و الخسارة المالية .

ثم إن الأوروبيين إذا كانوا يعطون كل هذه الأهمية للاعبيهم الأفارقة ، و يعتبرونهم دعامات أساسية لبطولاتهم ، و أنهم يساهمون في العائدات المالية الضخمة من كرة القدم و تسويق مبارياتها ، ألم يطرحوا يوما على أنفسهم السؤال التالي : ما هو المقابل الذي ربحته قارتهم الأم التي أنجبتهم و علمت جلهم الأبجديات الأولى لكرة القدم قبل تخطفهم الأندية الأوروبية ب ” جوج فرنك ” و تربح من ورائهم ملايين الأوروات في فترات قصيرة ؟

الأندية الأوروبية التي تبكي الآن على فقدان نجومها الأفارقة ، لم تفكر يوما في المساهمة بجزء من عائداتها ذات الأرقام الفلكية في مشاريع تنموية ترد الإعتبار و تجبر أضرار هذه القارة البئيسة التي أنجبت و لازالت تنجب هؤلاء النجوم ، حيث لازالت تعتبرها بمنطق استعماري مقيت -إسوة بحكومات بلدانها – ، ضيعة خلفية و ” همزة ” يجب فقط تشييد أكاديميات كرة القدم في مناطقها الفقيرة لاقتناص المواهب ” الحفيانة ” و الاستثمار في بيعها للأندية الأغنى بمبالغ ذات أرقام فلكية .

الأندية الأوروبية طالما أنها لا تعوض إفريقيا عن اختطاف مواهبها بالمقابل الذي تستحقه ، و طالما أنها لا تفعل شيئا لصالحها في الجانب الإجتماعي و التنموي و في البنيات التحتية الرياضية ، فليتركوا هذه القارة و شأنها لتنظم كأسها في أي فترة تراها مناسبة لها و لشعوبها .