إضراب ووقفات احتجاجية لعمال “غلوفو” بسبب تدهور ظروف العمل

قرر عاملو التوصيل عبر تطبيق “غلوفو” “GLOVO” التصعيد في وجه الشركة لمواجهة تدهور ظروف العمل وتراجع الأرباح، حيث أعلنوا عن تنظيم إضراب عام يومي 1 و2 شتنبر 2025، يرافقه وقفة احتجاجية أمام المقر الرئيسي للشركة بالقطب المالي بالدار البيضاء، للمطالبة بحلول عاجلة لمشاكلهم.
وفي هذا السياق، قال عبد العزيز، أحد عاملي التوصيل عبر تطبيق “غلوفو” وعضو المكتب النقابي، إن المشاكل التي يواجهونها في عملهم باتت تتفاقم، وعلى رأسها تراجع الأرباح بشكل كبير، موضحا أن الشركة كانت تعتمد في السابق تسعيرة محددة لكل طلبية مع تفاصيل واضحة حول المسافة والمكافأة، لكن التطبيق الجديد “Glovo Rider” جعل الأمور غامضة، ولم يعد العامل يعرف المبلغ المخصص للطلبية.
وأوضح عبد العزيز في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أنهم باتوا يتقاضون مبالغ زهيدة مقابل الطلبات، إذ لايتجاوز مبلغ الطلبية 6.5 دراهم أو طلبين بـ 7 دراهم، مشيرًا إلى أنه يمكن للعامل إنجاز 19 طلبية في اليوم ولا يتجاوز تعويضه 150 درهم.
وأضاف أن العامل قد يشتغل 11 أو 12 ساعة بالكاد ليحصل على 200 درهم، مع خصم تكاليف الوقود وصيانة الدراجة النارية.
وأشار المتحدث إلى وجود “خدعة” في نظام تحديد المواقع GPS، إذ تظهر المسافة بين نقطة الانطلاق والوجهة أقصر مما هي عليه في الواقع، وهو ما يؤدي إلى تخفيض التسعيرة.
وأضاف عبد العزيز أن المشكل لا يقف عند الأرباح، بل يشمل التغطية الصحية التي اعتبرها شكلية، مبرزًا أن الشركة كانت سابقًا توفر شراكة مع مستشفى يتدخل فورًا في الحوادث عبر إرسال سيارة الإسعاف، “بينما أصبح الآن شرط التبليغ قبل خمسة أيام يعرقل الاستفادة، كما حدث في حالة وفاة أحد العاملين مؤخرًا، حيث تأخرت سيارة الإسعاف لساعات”.
وأكد المتحدث أنهم قرروا تنظيم إضراب عام يومي 1 و2 شتنبر المقبل، يتخلله وقفة احتجاجية أمام المقر الرئيسي بالقطب المالي بالدار البيضاء، للتنديد “بتعسف الشركة في التعامل مع العاملين”، مشددًا على أنهم لن يتراجعوا عن التصعيد إلا بعد إيجاد حلول جذرية لمطالبهم.
ولفت إلى وجود محاولات من الشركة للتواصل مع العمال لإيجاد حلول، لكنه وصفها بأنها “مجرد وعود لم تتحقق منها أي نتائج”، مؤكداً أن المشكلة الحقيقية، المتمثلة في تدني الأرباح في ظل الغلاء الحالي، لم يتم التطرق إليها بعد.
ومن جانبها، قالت فاطمة الخرشي، عضوة المكتب الوطني للشبيبة العاملة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، “إن عمال الشركة المذكورة يتعرضون لمختلف أشكال التعسف”، موضحة أن العاملين فيها، وهم مقاولون مستقلون وليسوا موظفين رسميين، يُفترض أن تعاملهم الشركة كشركاء لا كعمال خاضعين بالكامل لإدارتها، لكنها رغم ذلك تقوم بحظر حساباتهم.
كما انتقدت نظام التسعيرة المعتمد، موضحة أنه “لا يتجاوز 6 دراهم للطلبات القصيرة”، وهو مبلغ ضئيل لا يتناسب مع الجهد المبذول، وأشارت إلى أن الطلبيات الجماعية تُحسب كذلك بأدنى سعر، ما يقلص من دخل العاملين بشكل كبير.
وأضافت الخرشي أن “الشركة تفرض عليهم إيصال الطلبيات في أوقات وجيزة للغاية”، مما يدفعهم إلى السرعة المفرطة خوفًا من الحظر، خاصة بعد تلقيهم رسائل تحذيرية من الشركة بأنهم في خطر الحظر إذا تأخروا.
وقالت إن هذه الممارسات تؤثر سلبًا على ظروف عمل الشباب، وتدفعهم إلى المخاطرة بأرواحهم من أجل الحفاظ على مصدر دخلهم، مشيرة إلى “ارتفاع عدد الوفيات في صفوف عمال هذه الشركة”.
وعقب تنظيم مستخدمي “غلوفو” وقفة احتجاجية، الشهر المنصرم، أمام مقر الشركة العالمية بالقطب المالي في الدار البيضاء، نددت جمعية “أطاك المغرب” بظروف العمل “الهشة وبالاستغلال الممنهج” الذي يتعرض له هؤلاء العمال من طرف هذه المنصة.
وأكدت الجمعية في بيان لها، أن هؤلاء العاملين، الذين يضمنون توصيل الطلبات تحت أشعة الشمس الحارقة أو في عز البرد والمطر، لا يستفيدون من أدنى حقوق الشغل، في غياب تام للحماية الاجتماعية والتأمين والتغطية الصحية، وبأجور هزيلة وغير مستقرة.
كما نددت بسياسة “العمل بدون حقوق” التي تفرضها منصات مثل غلوفو، “الشيء الذي يكرس هشاشة جديدة ويعيدنا إلى زمن لا قوانين فيه سوى منطق الربح على حساب كرامة الإنسان”.
وفي غضون ذلك، عبرت “أطاك” عن تضامنها الكامل مع نضال هؤلاء العمال من أجل شروط عمل عادلة وحقوق تضمن لهم الكرامة والحماية، مطالبة بتمتيع عمال المنصات الرقمية بكافة حقوقهم الشغلية، مؤكدة “رفضها للهشاشة الرقمية وضد الاستغلال الرأسمالي الجديد”.