story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

إصرار بعض المغاربة على شراء أضحية العيد يثير مخاوف بشأن ارتفاع أسعار اللحوم

ص ص

أثار إصرار بعض المواطنين على اقتناء أضحية العيد، رغم القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة الذبح لهذه السنة، موجة من الجدل والغضب في عدد من الأوساط الشعبية، حيث اعتبر كثيرون أن هذا السلوك يتنافى مع مضمون التوجيه الملكي، معربين عن مخاوفهم بشأن تأثير هذا الإصرار على اتجاه أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب.

ورصدت صحيفة “صوت المغرب” في “ميكرو-طروطوار” أجرته مؤخرًا رغبة الكثير من المواطنين في اقتناء أضحية العيد، مشيرين إلى أن هذا العيد يحمل لهم رمزية روحية واجتماعية تتجاوز الجانب الاستهلاكي، ما يجعل من فكرة التخلي عن الأضحية “أمرًا صعبًا” للبعض.

وقد أعرب البعض عن مخاوفهم من أن يؤدي هذا التشبث إلى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء مجددًا إلى مستويات مرتفعة قد تثقل كاهل الأسر المغربية بعد العيد.

ضرورة تصريف الفائض

تعليقا على الموضوع، نفى علاء الشريف العسري، مربي ماشية بمدينة القصر الكبير، ما يُشاع عن ارتفاع كبير في أسعار اللحوم بعد عيد الأضحى بسبب إقبال بعض المواطنين على ذبح الأضحية، مشيراً إلى أن المواطنين الذين لم يمتثلوا لقرار عدم شراء الأضاحي يشكلون فئة قليلة جداً.

في المقابل، أكد العسري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “أسعار الماشية، خاصة المواشي الكبيرة، من المتوقع أن تستمر في الانخفاض بعد العيد”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن المشكلة الحقيقية تكمن في مراقبة الأسعار عند الجزارين وليس عند الكساب، مشدداً على أن الخروف متوفر بكميات كبيرة ووفيرة، “ولا داعي للتهويل أو التضخيم”.

وأشار إلى أن العيد كان من المفترض أن يكون فرصة لتخفيف القيود وتسهيل تصريف الفائض من الأضاحي، خاصة المواشي التي تجاوز عمرها 18 شهرًا والمخصصة للعيد، موضحًا أن هذا الفائض لا يصلح للدخول في برنامج إعادة تكوين القطيع الوطني، لذا من الضروري السماح ببيعه خلال هذه المناسبة.

وحذر العسري من أن عدم تصريف هذا الفائض “سيشكل عبئًا كبيرًا على الكساب، الذين سيضطرون للاستمرار في تغذية ورعاية هذه الماشية، ما يزيد من تكاليفهم ويثقل كاهلهم”، خاصة وأن هذه الفئة من المواشي “لم تعد صالحة للاحتفاظ بها حتى العيد المقبل”.

دور أقوى للمساجد

وفي تعليقه حول إصرار عدد من المغاربة شراء أضاحي العيد، قال فؤاد بلمير، أستاذ باحث في علم الاجتماع، إن هذا الإصرار “يعكس الحاجة الملحّة إلى دور أقوى للمساجد ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في توضيح الغايات الحقيقية من عيد الأضحى ومقاصده الدينية والاجتماعية”.

وأوضح بلمير، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن تمرير خطاب توعوي وتحسيسي واضح حول جوهر هذا العيد سيساهم، على المدى البعيد، في “بناء أجيال أكثر وعيًا بالمعنى الحقيقي لهذه الشعيرة، وتغليب القيم الروحية والتضامنية على البعد الاستهلاكي والمظهري”.

وأضاف الباحث أن “الهرولة نحو اقتناء الأضاحي، والتي تؤدي إلى ارتفاع الطلب وبالتالي الأسعار، يُمكن تفسيرها بمنطق اقتصادي بسيط”، مشيرًا إلى أن “هذه الظاهرة ترتبط مباشرة بقانون العرض والطلب، ما يزيد من العبء المالي على الأسر المغربية، خصوصًا في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن مسألة عيد الأضحى في المغرب “لم تعد مجرّد طقس ديني فقط”، بل تحولت منذ سنوات إلى “قضية اجتماعية واقتصادية معقدة”، وذلك بفعل الضغوط المتزايدة على الأسر المغربية وتغير أولويات الإنفاق.

وتابع بلمير بالقول: “أنا مؤمن بأن بلدنا يسير نحو التطور مع الحفاظ على مقوماته الثقافية والحضارية، والابتعاد عن كل ما لا يمت بصلة لديننا وهويتنا”، مضيفًا أن مراجعة سلوك الأسر في هذه المناسبات أمر ضروري.

وأكد على أن العقلانية في التدبير المالي للأسرة أمر أساسي، داعيًا العائلات المغربية إلى مراعاة إمكانياتها وميزانياتها الخاصة، وعدم الانجرار وراء مظاهر استهلاكية ترهق كاهلها، لأن استعادة التوازن المالي بعد العيد يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين.

وأوضح بلمير، أن الخطاب الملكي الأخير جاء منسجمًا مع واقع اقتصادي واجتماعي ملموس، قائم على معطيات دقيقة تُجسد حجم المعاناة التي تمر بها فئات واسعة من المغاربة في ظل توالي سنوات الجفاف وتفاقم التحديات المعيشية.

وأشار إلى أن دعوة الملك إلى عدم ذبح الأضاحي هذا العام تُعد بادرة رمزية ذات حمولة اجتماعية وإنسانية، تهدف إلى التخفيف من عبء المصاريف الثقيلة التي ترافق هذه المناسبة، خاصة وأن القدرة الشرائية للكثير من الأسر تضررت بشكل كبير.