صفقة الأباتشي تقلب التوازن الاستراتيجي

شهد المغرب والمنطقة تطورات عسكرية لافتة خلال الفترة الأخيرة، تعكس تحولا في التوازنات الاستراتيجية والعسكرية بين المغرب والجزائر وإسبانيا. تطورات تقلب تحديدا التوازن الاستراتيجي بين المغرب والجزائر، في الوقت الذي تعزز من التحالف المغربي الأمريكي.
الحدث الأبرز في هذا السياق، يتمثل في تنظيم مراسيم استقبال عسكري، يوم 5 مارس الجاري بالقاعدة الجوية الأولى في سلا، للدفعة الأولى من طائرات أباتشي الأمريكية، وهي طائرات قتالية هجومية، لا نظير لها في المنطقة، إذ تمنح المغرب التفوق وربما السيطرة على الجو في منطقة شمال افريقيا وفي الساحل والصحراء.
الحدث الثاني يتمثل في الإعلان عن مناورات عسكرية بين الجيش المغربي والجيش الفرنسي، في منطقة الراشيدية، يرتقب إنجازها في شتنبر 2025، ما أغضب الجزائر التي وجهت احتجاجها إلى فرنسا وليس المغرب، علما أن مناورات “الشركي” بين المغرب وفرنسا تنظم منذ 2021 على الأقل في الجنوب الشرقي، أي منذ إحداث المنطقة العسكرية الشرقية. لكنها المرة الأولى التي تحتج فيها الجزائر بسبب تلك المناورات.
الحدث الثالث، يتعلق بعودة التحذير من الحرب في المنطقة، بسبب الصراع البنيوي بين المغرب والجزائر، حيث حذرت دراسة لمؤسسة “أوكسفورد أناليتيكا” البريطانية، نشرت في 10 مارس الجاري، من “الآفاق القاتمة” في العلاقات المغربية الجزائرية، رغم سعيهما حتى الآن لتجنب الحرب.
تأتي هذه التطورات العسكرية المذكورة لتؤكد أن المنطقة وإن شهدت تهدئة في السنوات الثلاث الأخيرة، بعد تصعيد حاد سنة 2021 تجلت أبرز مؤشراته في قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب من جانب واحد، وغلق الأجواء الجوية الجزائرية أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، إلا أن حدة التنافس حول القيادة والسيطرة في المنطقة لم تتراجع.
ولعل أقوى المؤشرات على ذلك، أنه مباشرة بعد الإعلان عن تسلم المغرب طائرات أباتشي، سارعت الجزائر إلى الإعلان عن شراء مقاتلات “سو57 إي” الشبحية المقاتلة، من الجيل الخامس، وقد تتوصل بالدفعة الأولى منها نهاية العام 2025، في محاولة منها للحفاظ على التوازن العسكري والاستراتيجي مع المغرب.
في الوقت الذي تحدثت صحف إسبانية أن المغرب تقدم بطلب آخر للحصول على 32 طائرة من نوع (F 35) الأمريكية، ذات القدرات الهجومية والتكنولوجية الفائقة. فما هي دلالات هذه التطورات العسكرية؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى الرفع من حدة التصعيد القائم مرة أخرى في المنطقة؟
ما تعنيه صفقة الأباتشي
لعل أقوى حدث عسكري اليوم في المغرب والمنطقة، هو حصول المغرب، يوم 5 مارس 2025، على طائرات مروحيات قتالية من طراز أباتشي AH-64E. وقد عبّر المغرب عن احتفائه بهذا الإنجاز في مراسيم استقبال خاصة نظمت بالقاعدة الجوية الأولى في مدينة سلا، حضرها وزراء مدنيون ومسؤولون عسكريون من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
فمن الجانب المغربي، حضر وزراء في الحكومة على صلة بالصفقة، منهم عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بالدفاع الوطني، رياض مزور، وزير التجارة والصناعة، فوزي لقجع، وزير منتدب مكلف بالميزانية. ومنهم قادة القوات المسلحة الملكية، وفي مقدمتهم الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائدة المنطقة الجنوبية، الفريق أول محمد حرمو، قائد الدرك الملكي، الفريق جوي محمد كديح، مفتش القوات الجوية، إضافة إلى ضباط سامون في مناصب قيادية عسكرية مختلفة.
ومن الجانب الأمريكي، كان لافتا حضور الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في افريقيا (أفريكوم)، إلى جانب إيمي كوترونا، القائمة بأعمال سفارة أمريكا في المغرب، وربما الملحق العسكري الأمريكي في السفارة الذي لم يذكر اسمه ولا حضوره، وشخصيات أمريكية أخرى. ماذا تعني هذه المعطيات؟
لا شك أن الاستقبال والاحتفال داخل الجيوش بأي إنجاز عسكري أو استقبال سلاح جديد، يندرج ضمن التقاليد العسكرية المعمول بها. وفي حالة الجيش المغربي، يمكننا القول إن تنظيم مراسيم استقبال لطائرات “الأباتشي”، يندرج ضمن سياسية اتصالية، الغرض منها بناء صورة جيش يتطور ونجح في امتلاك سلاح هجومي نوعي، وبالتالي بناء سمعة مهنية جيدة سواء لدى الداخل (باقي مؤسسات الدولة، الشعب…) أو لدى الخارج سواء كانوا أصدقاء أو أعداء.
وعموما، فإن الاحتفاء وتنظيم مراسيم استقبال كالتي رأيناها على شاشات التلفزة، وأصدرت حولها القوات المسلحة الملكية بيانا رسميا، يندرج في إطار العلاقات العامة وسياسة الاتصال، ويبرز الرغبة في التأكيد على نجاح صفقة تسلح نوعية وهامة بالنسبة للمغرب وجيشه، لا شك أنها مرت بمفاوضات من عدة مراحل (استراتيجية، سياسية، عسكرية، مالية..) استطاعت تجاوزها جميعا بدون مشاكل يمكن أن تتسبب في إلغاء الصفقة، وهو أمر يتكرر حدوثه في المجال العسكري.
ويعكس حدث اقتناء طائرات “الأباتشي” كذلك تحديثا حقيقيا للقوات المسلحة الملكية المغربية، علما أن برنامج التحديث انطلق قبل عقدين تقريبا. لعل أقوى منجزاته اقتناء المغرب لطائرات نوعية مثل F16، حيث أبرمت الصفقة سنة 2008 وتسلمها لاحقا على دفعات، ويتوفر الجيش المغربي وفق المعطيات التي تنشرها تقارير مختصة على ما مجموعه 48 طائرة من هذا النوع، يجري تحديثها باستمرار كلما تطلب الأمر ذلك.
اقتناء طائرات الأباتشي اليوم يسمح بالقول إن الجيش المغربي دخل مرجلة جديدة في عمليات تحديث قواته، ربما تكتمل باقتناء طائرات F35. وإذا كانت المرحلة الأولى مع F16 كانت تعني التحديث والتأهيل ودعم التميز والتفوق في المنطقة، فإن المرحلة الثانية مع الأباتشي وF35 تعني دعم التفوق الاستراتيجي للمغرب على حساب جيرانه، خصوصا الجزائر، وبدرجة أقل إسبانيا.
ويعزز كل ذلك من القدرات الدفاعية والهجومية للجيش المغربي. فاقتناء الأباتشي تؤكد أن الجيش المغربي بات مؤهلا للتعامل مع التكنولوجيات العسكرية المتقدمة والدقيقة، ما يؤشر على تحول كامل يحدث لهذا الجيش نفسه، سواء من حيث التكوين والتدريب والتأهيل، والقدرة على التعامل مع أسلحة متطورة، مع عقائد عسكرية مختلفة، وبالتالي تعزيز قدراته على خوض الحروب الحديثة (السيطرة على الجو، والوصول إلى المعلومات، والتخفي…).
يمكننا أن نستنتج كذلك من خلال طبيعة الحضور في حفل مراسيم استقبال “الأباتشي”، وخصوصا حضور الجنرال الأمريكي لانغلي، قائد أفريكوم، عن خلاصتين: الأولى، تعكس عمق العلاقات العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وهي علاقات متجذرة، وتعززت بشكل نوعي منذ الإعلان عن منح المغرب صفة “حليف استراتيجي” من خارج منظمة الحلف الأطلسي(الناتو) سنة 2004، في عز الحرب العالمية ضد الإرهاب، ويبدو أنها تعيش مرحلة جديدة ونوعية منذ سنة 2020، التي تزامنت مع توقيع المغرب وأمريكا على مذكرة للتعاون العسكري (2020-2030)، تتضمن تأهيل وتحديث الجيش، والتعاون في مختلف المجالات العسكرية والأمنية، ودعم برنامج الصناعة الدفاعية المغربية. ويؤكد كل ذلك متانة التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مجالي الأمن والدفاع.
الخلاصة الثانية أن حضور الجنرال الأمريكي لانغلي، قائد أفريكوم، معناه أن صفقة الأباتشي تندرج ضمن الاستراتيجية الأمريكية في شمال افريقيا، بل وفي في إفريقيا عموما، سواء الاستراتيجية القائمة أو المستقبلية. ويمكننا أن نستخلص في ضوء ذلك أن التعاون المغربي الأمريكي مقبل على تطورات جديدة ونوعية، قد تشمل دعم المغرب للأمن الإقليمي في منطقة الساحل والصحراء، أي انخراط القوات المسلحة الملكية في أعمال مشتركة مع القوات الأمريكية في تلك المناطق. ولعل حديث بعض وسائل الإعلام عن إحداث قاعدة عسكرية كبرى في أقصى الأقاليم الجنوبية للمغرب، ربما بتعاون مغربي أمريكي، يندرج ضمن هذا الأفق، أي انخراط المغرب في مواجهة التنظيمات المتطرفة في منطقة الصحراء والساحل تحديدا، وفي إفريقيا عموما.
باستدعاء العداوات القائمة في المنطقة، خصوصا في العلاقات بين المغرب والجزائر، فإن صفقة الأباتشي تعني موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، وربما قوى أخرى مثل إسبانيا وفرنسا، على دعم التفوق الجوي للمغرب في منطقة شمال افريقيا والساحل، إن لم يكن دعم السيطرة الجوية للقوات الجوية الملكية، ومن تم فإن الصفقة تعني قلب التوازن الاستراتيجي لصالح المغرب.
بمزيد من التفصيل، يمكن القول إن الطلب المغربي في 2020 باقتناء طائرات الأباتشي، أو تقديم طلب جديد من أجل اقتناء طائرات F35، معناه رغبة المغرب في الخروج من حالة التوازن الاستراتيجي مع الجزائر نحو التفوق الاستراتيجي عليها، وهذا لم يكن ممكنا بدون موافقة إسبانيا وفرنسا تحديدا، ولم يكن ممكنا كذلك بدون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعني الموافقة على صفقة الأباتشي تأييدا أمريكيا وأوربيا لهذا المسعى، أي تعزيز التفوق الجوي للمغرب بل جعل السيطرة الجوية بيديه، طبعا تحت مراقبة حلفائه.
ولعل ما يؤكد هذا القراءة، أن القوى الثلاث بالضبط، أي أمريكا وفرنسا وإسبانيا، بصرف النظر عن التنافس الطبيعي القائم بينها حول المصالح كذلك، قررت القطع مع استراتيجياتها السابقة التي كانت تركز على التوازن بين المغرب والجزائر من خلال الإمساك بملف الصحراء معلقا دون حل، بينما مواقفها الأخيرة تعني قلبا للوضع لصالح المغرب، وبالضبط دعم المغرب ليكون القوة المهيمنة في المنطقة، لعل ذلك يخرجها من حالة الجمود والتوتر البنيوي الذي تطور نحو الحرب في أكثر من مناسبة.
حسم قضية الصحراء، ودعم السيطرة الجوية للمغرب، تعني دعم التفوق الاستراتيجي للمغرب على حساب الجزائر، وهو ما تحاول هذه الأخيرة إفشاله، بما في ذلك محاولتها الأخيرة اللحاق بالركب الأمريكي (توقيع مذكرة تعاون عسكري).
مناورات الشركي 2025
إذا كانت صفقة “الأباتشي” تعني دعم تفوق القوات الجوية للمغرب، فإن مناورات الشركي لسنة 2025 تركز على دعم قواته البرية.
قبل أشهر، نظم الجيش المغربي ونظيره الفرنسي تمرينا عسكريا مشتركا خاصا بنخبة المظليين، يحمل اسم “العقرب”، تشهده منطقة ابن كرير وجبال أوكايمدن نواحي مراكش. وهو تمرين سنوي، الهدف منه تعزيز وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية لقوات المظليين، لا سيما فيما يتعلق بالتسلل إلى خطوط العدو ومكافحة الإرهاب.
كل ذلك قبل الإعلان عن تنظيم مناورات “الشركي 25” في شتنبر المقبل بين القوات المسلحة الملكية والقوات الفرنسية، في إقليم الراشيدية، بمشاركة وحدات مختلفة من القوات البرية والجوية (المشاة، المدرعات، المظليين…)، بهدف اختبار كيفيات تعزيز التنسيق العملياتي فوق أرض المعركة بين قوات مختلفة، وتبادل الخبرات بين الجيشين المغربي والفرنسي.
وبحسب المعطيات المعلن عنها فإن المناورات المقبلة ستنظم على مرحلتين: الأولى، تمرين للقيادة والمحاكاة، سيتم تنفيذها على مستوى مركز القيادة، حيث سيتم محاكاة السيناريوهات العملية لتحسين قدرات التخطيط واتخاذ القرارات المشتركة بين الأطراف. أما المرحلة الثانية فهي عبارة عن تمرين ميداني حي، يتم خلاله إجراء تمارين عملية تشمل وحدات ميدانية وجوية في بيئة عملياتية حقيقية، بهدف اختبار جاهزية القتال وتعزيز التنسيق بين القوات.
في هذا السياق، وصف بيان غاضب من وزارة الخارجية الجزائرية المناورات العسكرية الفرنسية-المغربية المقررة في شتنبر 2025، بأنها “عمل استفزازي” سوف يسهم في تأجيج الأزمة الحالية. وكشف البيان ذاته أن الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية استدعى سفير فرنسا في الجزائر حيث “لفت انتباه الدبلوماسي الفرنسي إلى خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية-المغربية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل في الراشيدية بالقرب من الحدود الجزائرية”، مؤكدا أن “الطرف الجزائري ينظر إلى هذا التمرين على أنه عمل استفزازي ضد الجزائر”، مضيفا أن “تصرفا من هذا القبيل سوف يسهم في تأجيج الأزمة” التي تشهدها حاليا العلاقات الجزائرية-الفرنسية في المرحلة الراهنة، و”يرفع من حدة التوتر بين البلدين إلى مستوى جديد من الخطورة”.
ووفق محللين جزائريين، فإن الغضب الجزائري “نابع من تمادي الاستفزازات سواء من المغرب أو من فرنسا، خاصة بعد موجة الاختلافات الجزائرية الفرنسية” خصوصا بعد الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء، ثم تنظيم مسؤولين فرنسيين لزيارات إلى الأقاليم الجنوبية المغربية. وهي رؤية تحليلية تعتبر أن الجزائر تتعرض لـ”مؤامرة” مغربية فرنسية تستهدف الأمن القومي الجزائري.
لكن المفارقة أن مناورات “شرقي” سبق تنظيمها منذ 2021 على الأقل، أي منذ إحداث المنطقة العسكرية الشرقية، ومقرها في مدينة الراشيدية. وتعد تلك المناورات جزءا من حزمة أنشطة عسكرية، تندرج ضمن مجالات التعاون العسكري المغربي الفرنسي المحددة بموجب اتفاقيات تعاون دفاعي بين البلدين.
وتحاكي مناورات “الشركي” معارك عسكرية حية، تختبر فيها جاهزية القيادات للتنسيق والسيطرة وجاهزية القوات للقتال في الميدان. لذلك يبدو الاحتجاج الجزائري لافتا ومستغربا، فهو يصدر عنها لأول مرة وبشكل رسمي، وهو ما لم تفعله، علانية على الأقل، في مرات سابقة، ويمكن تفسيره بأمرين:
أولا، أنه احتجاج على التفضيل الاستراتيجي الأوربي والأمريكي للمغرب في المنطقة، كما سبقت الإشارة بخصوص صفقة الأباتشي،
وثانيا أنه احتجاج يجد غطاءه في الأزمة الدبلوماسية القائمة بين الجزائر وفرنسا، التي انفجرت على خلفية ملفات عديدة، أبرزها الموقف الفرنسي المؤيد للسيادة المغربية على الصحراء منذ الصيف الماضي، ودعم مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
ما يؤكد هذا التفسير أن الجزائر نفسها تنظم مناورات عسكرية سنوية على الحدود المغربية، وبالذخيرة الحية، سواء مع البوليساريو أو مع روسيا. ففي نونبر 2022 وفبراير 2023، أجرت روسيا والجزائر مناورات عسكرية مشتركة، تحت مسمى “درع الصحراء” التي احتضنتها قاعدة “حماقير” على بعد 50 كلمترا من الحدود مع المغرب. ومع ذلك، لم يحتج المغرب على أي من تلك العمليات، خصوصا وأن العلاقات بين البلدين مقطوعة وسيئة.
خلاصة القول أننا إزاء تطورات عسكرية نوعية وهامة، حيث تركز الولايات المتحدة الأمريكية على تطوير القوات الجوية أكثر، بينما تركز برامج التعاون مع فرنسا على تطوير القوات البرية أكثر، وبين البلدين اختلافات نوعية على مستوى العقيدة العسكرية، تتجلى على مستوى الاستراتيجيات كما على مستوى التكتيك العسكري، ما يعني أن برامج الجيش المغربي قائمة على اختيارات واعية لاحتياجاته، ولطبيعة التهديدات التي يواجهها.
وإذا كانت مناورات “الشركي” إحدى الأنشطة التي تعزز من قدرات ومهارات وخبرات القوات البرية والجوية المغربية في التخطيط للمعارك، وللقيادة والسيطرة، والتنفيذ الحي في الميدان، فإن صفقة الأباتشي تشكل حدثا نوعيا، يقلب التوازن الاستراتيجي في المنطقة، خصوصا تكريس التفوق النوعي المغربي إزاء الجزائر، كما أنه يقلص الهوة مع إسبانيا، التي تظل حليفا لأمريكا من داخل منظمة الحلف الأطلسي(الناتو).
ولعل من بين دلالات الصفقة كذلك، موافقة إسبانيا على إتمامها دون اعتراض رسمي، ما يؤشر على جدية التقارب والشراكة الجارية بين البلدين، منذ اعتراف إسبانيا بالحكم الذاتي كأرضية وحيدة للتفاوض من أجل حل النزاع حول الصحراء.
وعموما، تشكل التطورات العسكرية الجديدة مع أمريكا خاصة، الوجه الآخر للتطورات السياسية فيما يخص قضية الصحراء مع فرنسا وإسبانيا وأمريكا، ويعني كل ذلك تعزيز التعاون الاستراتيجي بين المغرب وتلك الدول، بل دعم التفوق الاستراتيجي للمغرب في المنطقة، لكن كل ذلك لن يكون من دون ثمن بكل تأكيد.