story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رياضة |

إسحاق ناظر.. ابن فارو الذي أبهر العالم في طوكيو

ص ص

في السابع عشر من شتنبر 2025، على مضمار طوكيو الدولي، كان الجمهور يحبس أنفاسه بينما اقترب العداء إسحاق ناظر من خط النهاية في سباق 1500 متر، عاقد العزم على تحويل كل خطوة إلى حدث تاريخي، ارتسمت على وجهه ابتسامة صغيرة حينما تأكد من تصدره السباق بزمن 3:34.10 دقائق، وتسلّم الميدالية الذهبية التي وضعت اسمه في صدارة اهتمامات الصحافة العالمية، بينما بدأ الجميع يتساءل عن الشاب البرتغالي الذي جذب الأنظار بهذه القوة، خاصة حين تردد أن عمه هو اللاعب الدولي المغربي السابق حسن ناظر، ما أضاف للأمر بعدًا عاطفيًا وشخصيًا جعل المتابعين يتابعون تفاصيل حياته عن كثب.

ولكي نفهم الحكاية عن قرب، تواصلت صحيفة “صوت المغرب” مع حسن ناظر، الذي فتح صندوق ذكرياته وشاركنا تفاصيل عن ابن أخيه ومساره منذ الطفولة، كاشفًا عن خلفية عائلية غنية بالرياضة شكلت الأساس لشخصيته ومساره الرياضي.

شرارة الموهبة

ولد إسحاق في فارو بالبرتغال في 17 غشت 1999، في بيت تمزج فيه الثقافة المغربية بالبرتغالية، حيث كان والده يوسف ناظر لاعب كرة قدم في فريق محلي، وعمّه حسن ناظر أحد أبرز نجوم الكرة المغربية، ما جعل الرياضة جزءًا لا يتجزأ من بيئته منذ طفولته.

المنزل الذي عاش فيه كان دائمًا يعج بالقصص عن المنافسات والبطولات، والأحاديث عن الانضباط والعمل الجاد، الأمر الذي جعل إسحاق يتنقل بين الألعاب المختلفة منذ صغره، متأثرًا بعائلته التي تتقن كرة القدم، كرة السلة، والجري على حد سواء، حتى بدا واضحًا أن الميل الرياضي جزء من هويته قبل أن يبدأ اكتشافه الشخصي لموهبته الخاصة.

في المدرسة، بدأ إسحاق يشارك في أنشطة الجري المدرسية إلى جانب ممارسة كرة القدم، حيث لاحظه المعلمون والمختصون في الرياضة بسبب سرعته وقدرته على التحمل، خاصة وأنه لم يكن مجرد طفل سريع، بل كان يتميز بقدرة على التركيز والتأقلم مع المنافسة، وقد ساعده شغفه الأول بالكرة على تطوير مرونته وسرعته بطريقة لم يحققها العديد من زملائه، عمه حسن يروي أن “إسحاق كان يحب المنافسة منذ البداية، وكان دائمًا يتعلم من كل مباراة وكل سباق، وكان شغفه بالجري ينمو تدريجيًا جنبًا إلى جنب مع حبه لكرة القدم.”

مع مرور السنوات، بدأ إسحاق يركز اهتمامه على ألعاب القوى أكثر من كرة القدم، فانضم إلى فريق فارنزي البرتغالي، حيث بدأ يسجل أرقامه الأولى في البطولات المحلية، ويحقق نتائج ملفتة أثارت إعجاب المنظمين والمراقبين في جميع أنحاء البرتغال، فكل سباق كان يضيف طبقة جديدة من الخبرة والثقة في نفسه، ومع كل نجاح كانت تطلعاته تتوسع لتصل إلى البطولات الدولية.

نتائجه المتصاعدة جذبت انتباه مسؤولي فريق بنفيكا، الذين قدموا له عقدًا احترافيًا، مؤكدين أنهم رأوا فيه القدرة على التميز على المستوى القاري والعالمي، ولهذا كانت هذه الخطوة بمثابة الانطلاقة الحقيقية لمساره الاحترافي، وجعلت إسحاق يتحرك تدريجيًا من المنافسات المحلية إلى الساحة الدولية، حيث أصبح اسمه مرتبطًا بالتميز والتفوق المستمر.

بين المغرب والبرتغال

ورغم ولادته في البرتغال، ظل إسحاق مرتبطًا بأصوله المغربية، وكان على وعي بجذوره، لكن بحسب العم حسن لم يحدث أي تواصل رسمي من الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، وكان تفكيره منصبًا على تطوير نفسه.

“كان يفكر في تدريبات محتملة في إفران، واستشرت شخصيا مع سعيد عويطة ونزهة بدوان حول ذلك، لكنه لم يتلق أي اتصال رسمي من المغرب، وقد اختار البرتغال بمحض إرادته وحبه للبلد الذي نشأ فيه.” – حسن ناظر

مسيرته الدولية بدأت بخطوات متواضعة، إذ شارك في بطولة أوروبا للشباب في تيفليس عام 2016، حيث أنهى سباق 3000 متر في المركز الخامس عشر، وكانت هذه المشاركة الأولى التي وضعت البذرة للخبرة الدولية.

تبع ذلك مشاركاته في بطولة أوروبا تحت 23 سنة، وألعاب القوى الأوروبية، حيث حقق الميدالية البرونزية والفضية في سباقات 1500 متر، ما أثبت أنه قادر على المنافسة مع أفضل العدائين في القارة.

وفي عام 2022، قرر الانتقال إلى مدينة سوريّا الإسبانية مع شريكته الرياضية سالومي أيفون للتدريب تحت إشراف المدرب إنريكي باسكوال أوليفا. التدريب المكثف في ظروف صارمة ساعده على تحسين تقنيته، وزيادة قدرته على التحمل، كما أتاح له فرصة مواجهة منافسين أقوياء على المستوى الأوروبي، ما أعده نفسيًا وبدنيًا للبطولات الكبرى القادمة.

وبهذا فإن النجاح في طوكيو كان نتيجة سنوات طويلة من العمل المتواصل، من تدريبات يومية إلى مسابقات محلية ودولية، ومن محاولات وتحديات إلى تجاوز العقبات البدنية والنفسية، فكل لحظة على المضمار، وكل تدريب شاق، كان يجهز إسحاق لمواجهته الحاسمة على المضمار العالمي، حيث تمكن من التفوق بفارق ضئيل عن البريطاني جيك ويتمان.

ويؤكد عمه حسن ناظر أن شخصية إسحاق شكلت جزءًا كبيرًا من نجاحه، فهو يتمتع بروح هادئة ومثابرة، لا تتأثر بالضغوط، ويعرف كيف يحول كل تجربة، سواء كانت انتصارًا أو هزيمة، إلى فرصة للتعلم وتحسين أدائه، وهو ما يميزه عن الكثير من العدائين الآخرين.

وما يلفت الانتباه في شخصيته أيضًا هو تواضعه واهتمامه بالآخرين، فقد ظل قريبًا من زملائه ورفاقه الرياضيين، ويشارك خبراته مع الأجيال الصاعدة، مؤمنًا أن النجاح الحقيقي هو القدرة على إلهام الآخرين وتوجيههم نحو التفوق، وليس مجرد جمع الميداليات.

على صعيد البطولات الوطنية، حطم إسحاق أرقامًا قياسية في البرتغال لمسافات 800 و1500 متر، وحصد ميداليات عدة بين 2020 و2024، ما جعله رمزًا للرياضة البرتغالية، ومصدر فخر لعائلته المغربية التي تتابع كل خطوة له عن قرب، داعمةً كل قراراته وتواجده في مضامير التدريب والبطولات.