إسبانيا كادت تضيع في لامين يامال !
كلما زاد تألق فتى البارصا الخارق لامين يامال، كلما تزايدت معه تعابير الحسرة في المغرب على تفضيله اللعب بقميص المنتخب الإسباني، ورفض عرض الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لدرجة أن الكثير من الجمهور المغربي بدا يردد جملة “ضعنا فهاذ الوليد” في كل مباراة للبارصا أو المنتخب الإسباني!
السؤال هنا، هل كنا نملك شيئا حتى “نضيع فيه”؟
الحقيقة أن جملة “ضعنا فهاذ الوليد” كان سيكون لها معنى لو رددها الإسبان في حالة أن لامين يامال اختار المغرب وأدار ظهره للبلد الذي أنجبه ورباه وعلمه كرة القدم وأطعمه من جوع وآمنه من خوف، عندما كان يعيش في صباه وضعا أسريا كارثيا أتحفظ عن الكثير من أسراره وتفاصيله.
فالعواطف تجاه الوطن تجعلنا ننسى الحقيقة البسيطة والواضحة: وهي أن لامين لم يخُن أحدا، بل اختار ببساطة ما هو طبيعي ومنطقي بالنسبة له. فهو لم يعرف بيئة كروية غير تلك التي قدمتها له إسبانيا منذ أن لمس الكرة أول مرة، ومن البديهي أن يميل قلبه واختياره المهني إلى من رعاه ودرّبه وشق له طريق الاحتراف.
قبل التحسر على لامين يامال وأمثاله من أبناء المغاربة الخارقين الذين ينشؤون في أوروبا، يجب الإعتراف أن سياسة الإستقطاب التي ننهجها في المغرب، فيها الكثير من الظلم والتعسف على بلدان صرفت “دم جوفها” على تطوير مواهب ولدت عندها، ونأتي نحن في الأخير لنقطف الغلة بكل برودة دم، وإذا ما رفض أحد من هذه المواهب اللعب مع بلاد أبائه وأجداده نستخرج قواميسنا الإبداعية في السب والشتم والتخوين.
هذه النظرة “الاستهلاكية”للمواهب المغربية بالخارج يجب أن تنتهي. وإن كانت تحقق نتائج مبهرة على مستوى نتائج المنتخبات الوطنية، لأن استراتيجية الاعتماد على أبناء الجالية لا تحمل شيئا من أهداف الإستمرارية، لأنه ببساطة أمر “الإنتاج” هو في يد الأكاديميات الأوربية، وقبلها في أصلاب الجالية المغربية في أوروبا.
في بلد يزخر بالمواهب الخارقة في كرة القدم وفي كل الرياضات، المطلوب اليوم هو منظومة تكوين حقيقية تُنتج لامين يامال مغربيًا في الوداد والرجاء والجيش والماص، إذ سننتظر نتائج مشروع التكوين الذي استحدث مؤخرا بشراكة مع الأندية ومكتب الفوسفاط، لكي يقلب هذا الوضع السوريالي الفريد في العالم الذي تعيشه الكرة المغربية.. فالطبيعي أن المنتخبات الوطنية يجب أن نقيس بها تطور كرة القدم داخل البلاد، لا أن نقيس به جودة التكوين في بلدان الناس.