إسبانيا ترفع صادراتها من الغاز إلى المغرب وتخفضها إلى إيطاليا
رفعت إسبانيا من صادراتها من الغاز الطبيعي إلى المغرب بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، في الوقت الذي قللت إمداداتها إلى جيرانها الأوروبيين كإيطاليا، حسبما أفادت جريدة “فوزبوبولي” الإسبانية.
فحسب البيانات الرسمية الصادرة عن مؤسسة “Cores” المسؤولة عن الاحتياطات الإسبانية من الطاقة، فإن صادرات إسبانيا من الغاز إلى المغرب بلغت 18.5 بالمائة من إجمالي صادراتها من هذه المادة الحيوية، منتقلة من 7.7 بالمائة في يونيو 2023، وذلك بعد أن كان الرقم المسجل لا يتجاوز 0.1 بالمائة في يونيو من سنة 2022.
في المقابل، تبرز ذات المعطيات أن إسبانيا خفضت من صادراتها إلى دول الجوار كإيطاليا، حيث انتقلت النسبة من 18.4 بالمائة في يونيو 2023 إلى 4.4 بالمائة فقط خلال يونيو الماضي، في حيت علل التقرير هذا التراجع بالاتفاقات الجديدة التي أبرمتها إيطاليا مع الجزائر، والتي مكنت من تقليل اعتمادها على المساعدات من جيرانها الأوروبيين، مبرزا أن “التعاون بين إسبانيا وإيطاليا في مجال الطاقة يبقى محدودا نظرًا للعلاقات غير المثالية بين مدريد وروما”.
وحسب تقرير الجريدة الإسبانية فإن ارتفاع حجم الصادرات الإسبانية إلى المغرب راجع إلى اعتماد المغرب على الموانئ الإسبانية لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال، ومن ثمة استخدام الأنبوب المغاربي الأوروبي لإرسال هذه الغاز صوب المغرب، حيث لا يتوفر هذا الأخير في الوقت الحالي على البنية التحتية اللازمة لاستقبال الغاز المسال في موانئه وتحويله إلى الحال الغازية لاستعماله.
وأضاف التقرير أن هذه التغيرات تأتي في ظل الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين الجزائر والمغرب منذ عام 2021، حيث كانت الجزائر حتى ذلك الحين ترسل الغاز إلى السوق الإسبانية عبر خطي أنابيب، لكن الجزائر قررت إغلاق الخط الذي يمر عبر المغرب والذي كان يستفيد منه هذا الأخير، في حين حافظت على دورها كمزود رئيسي لإسبانيا عبر البنية التحتية الأخرى.
وتابع المصدر أنه منذ أعلنت حكومة سانشيز في عام 2022 عن نيتها إعادة تحويل شحنات الغاز الطبيعي المسال التي تعاقد عليها المغرب وإرسالها إليه، هددت الجزائر بقطع عقد توريد الغاز الطبيعي لإسبانيا إذا انتهت أي “جزيئة من الغاز الجزائري” في المغرب، في المقابل أكدت حكومة سانشيز حينها للجزائر أن المغرب سيتلقى فقط الغاز الطبيعي المسال الذي يتم تحويله في إسبانيا، ولن يكون مصدره الغاز الجزائري.
في ذات السياق، كان المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قد وقّع اتفاق مع شركة “شل” البريطانية منتصف السنة الماضية، لاستيراد ما مجموعه 500 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويا إلى المملكة بموجب اتفاق مدته 12 سنة.
وقد أشارت تقارير إعلامية في يونيو الماضي إلى أن أول شحنة من هذا الغاز قد وصلت إلى الموانئ الإسبانية على دفعتين بهدف استخدام شبكتها لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال، قبل إرسالها إلى المغرب.
ويطرح اعتماد المغرب المتزايد على الموانئ الإسبانية تحديات عديدة أمام المغرب لضمان أمنه الطاقي، خاصة بعد أن وافقت دول الاتحاد الأوروبي في يوليوز الماضي، على حزمة جديدة من العقوبات على روسيا لتضييق الخناق عليها في حربها مع أوكرانيا، ومن بين هذه العقوبات ، حظر إعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال الروسي في المياه الإقليمية لدول الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن أنابيب الغاز الروسية لا تمتد إلى المغرب، إلا أن هذا الأخير برز مؤخرا ضمن قائمة مستوردي الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب التي تربط روسيا بالدول الأوروبية، وذلك للشهر الثاني هذا العام. وهو ما فسره خبراء بإعادة تصدير إسبانيا لوارداتها من الغاز المسال الروسي إلى المغرب عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، وذلك بعد تحويل الغاز المسال إلى طبيعته الغازية، حيث تتطلب هذه العملية بنية تحتية خاصة لا يتوفر المغرب عليها حاليا.
وبموجب هذه العقوبات الجديدة ستكون إسبانيا غير قادرة على إعادة توجيه وارداتها من الغاز الروسي إلى المغرب، فيما يظل الغاز الجزائري، الذي يشكل أكبر حصة من الواردات الإسبانية (29.6 بالمائة)، خارج الحِسبة،
وأمام هذا الوضع، تسعى المملكة إلى البدء في بناء بنية تحتية خاصة بها لاستقبال شحنات الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله دون المرور بأي طرف ثالث، حيث كشفت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في أبريل الماضي عن نيتها في بناء ثلاث محطات لتحويل الغاز الطبيعي المسال على المدى القصير والمتوسط والطويل، في كل من ميناء الناظور على البحر الأبيض المتوسط ومحطتين أخريين على المحيط الأطلسي.