عن “الرحلة” للمرزوقي.. أوريد: السياسي الكاتب شريحة مهددة بالانقراض

قدم حسن أوريد، الكاتب والمفكر المغربي، قراءة لكتاب الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، الذي يحمل عنوان “الرحلة.. مذكرات آدمي” لافتا إلى أنه من الصعب أن نجد سياسي كاتب، كون ذلك يعد “شريحة مهددة بالانقراض”.

وأقر أوريد خلال فعاليات اللقاء الذي نظمته صحيفة “صوت المغرب” السبت 6 دجنبر 2025، وذلك بمناسبة ذكرى تأسيسها، بأن هذا الكتاب ليس “ككل الكتب”، وأن قراءته ليست هينة، مسلطا الضوء على ملاحظتين أساسيتين أثارتا انتباهه خلال قراءته كتاب الرئيس التونسي السابق.

وتتمثل الملاحظة الأولى التي أثارت انتباه حسن أوريد، في فكرة أن “السياسي يكتب”، إذ يرى المفكر المغربي أن هذه الشريحة “مهددة بالانقراض”، مؤكدا أن “السياسي الكاتب هو شخص يفكر، وينسق، وليس صاحب أحكام حادة، على خلاف عالم السياسة”.

وأشار إلى السياسي الكاتب هو عكس السياسي غير الكاتب، إذ، بحسبه، يستطيع الأول أن “ينسلخ من السياسة ليعيش بعدها بحرية”، لأنه يفكر على غرار المفكر الذي “يعتقد أنه جزءا من الحقيقة وليس من يملك الحقيقة”.

إلى جانب ذلك، أكد أوريد إلى أن كتاب منصف المرزوقي يوحي بأنه سيرة ذاتية، لكنه ليس كذلك بالمعنى التقليدي للسيرة التي تشبه “الحكي” أو “تحليل للذات”. بل وصفه بأنه عمل يصعب تجنيسه، ويشبه “رحلة”، حيث تكون “الرحلة في حد ذاتها” هي الأهم.

كما قارن أوريد هذا الكتاب برحلة أبو العلاء المعري، فهي “رحلة يخوضها في الذات ومن الذات”، وهي رحلة ليست هينة، بل مرادفة لـ”شوق الحياة” على حد تعبير جلال الدين الرومي، مبرزا أن الرهان الثاني لهذه الرحلة هو “أن يعود من رحلته لكي يحدث عنها”، حاملا رسالة منها.

ووصف أوريد جمال الكتاب بـ”عدم الاتساق”، وشبهه بـ”الغاب يتيه فيه الشخص”، مشيرا إلى التنوع الفكري فيه، حيث يتناول الكاتب قضايا كحروب الناس التي يجهلون علتها، ويقارن “فلسفة التحية عند الهنود” ببعض حضارات حوض البحر الأبيض المتوسط.

وختم أوريد قراءته بأن الرحلة التي خاضها المرزوقي ما كانت لتكون ممكنة دون شريكة حياته، واصفا الكتاب في عبارة بأنه” من الممتنع السهل” عوض “السهل الممتنع”، مؤكدا أنه “تجربة إنسانية تستحق أن تقرأ أو تروى”، لأن “مشترك الإنسان أكبر من أي عنصر ما”.