أمريكا تستعد لوداع رئيسها الأسبق جيمي كارتر
نُكّست الأعلام في الولايات المتحدة الإثنين، غداة وفاة جيمي كارتر عن مئة عام، الرئيس الأسبق الذي شابت ولايته إخفاقات، لكنّ سيرته كصانع سلام وناشط في الأعمال الخيرية استحقت إشادات من قادة سياسيين في مختلف أنحاء العالم.
وأصدر الرئيس جو بايدن مرسوما حدّد بموجبه التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل يوم حداد وطني على كارتر الذي تولى الرئاسة من العام 1977 إلى العام 1981. كما أمر بتنكيس الأعلام الأميركية لمدّة شهر، بما في ذلك خلال حفل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير 2024.
وقال الرئيس الديموقراطي “لكلّ من يبحث عن معنى أن يعيش المرء حياة ذات هدف ومعنى – الحياة الطيبة – عليه أن يدرس حياة جيمي كارتر، رجل مبادئ وإيمان وتواضع”.
كذلك، أعلن بايدن عن إقامة جنازة رسمية من دون تحديد موعد لها. ولكن صحيفة نيويورك تايمز أفادت بأنّها ستُقام في التاسع من يناير 2024 في كاتدرائية واشنطن الوطنية، يتخللها خطاب تأبيني للرئيس الحالي.
وليس من المؤكد ما إذا كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيحضر هذه المناسبة، وخصوصا أنّه كان قد تطرّق إلى ولاية كارتر بطريقة سلبية عدّة مرّات.
غير أنّه قال عبر منصته “تروث سوشل” الأحد: “على الرغم من أنّني كنت أختلف معه بشدّة من الناحية الفلسفية والسياسية، إلا أنني أدركت أنّه أحبّ بلدنا واحترمه حقا”.
“من اجل عالم أفضل”
وتوالت التعازي والإشادات من رؤساء آخرين خلفوا كارتر في البيت الأبيض، فوصفه باراك أوباما بـ”الاستثنائي”، بينما قال جورج بوش الابن إنّه “رجل ذو قناعات عميقة”. أما بالنسبة لبيل كلينتون وزوجته هيلاري، فقد عمل “جيمي كارتر بلا كلل من أجل عالم أفضل وأكثر عدالة”.
على المستوى الدولي، أشار البابا فرنسيس إلى التزام كارتر الراسخ بالعمل من أجل السلام “بدافع من الإيمان المسيحي العميق”.
كما أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والملك البريطاني تشارلز الثالث والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا داسيلفا، بنضال كارتر من أجل السلام وحقوق الإنسان.
وأعلن “مركز كارتر” أنّ الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة والحائز جائزة نوبل للسلام في العام 2002 توفي “بسلام” الأحد في منزله في بلاينر في ولاية جورجيا، “محاطا بأفراد عائلته”.
ويتحدّر كارتر من هذه الولاية الواقعة في جنوب شرق الولايات المتحدة، حيث نشأ في مزرعة للفول السوداني كان يملكها والداه، ثمّ انتقلت إليه بعد مغادرته البحرية الأميركية وقبل دخوله عالم السياسة.
وتوفّيت زوجته روزالين العام الماضي عن نحو 96 عاما. ودُفنت في بلاينز بعد تكريمها على المستوى الوطني. وكان كارتر حاضرا خلال هذه المناسبة، علما أن اطلالاته العامة كانت نادرة في السنوات الأخيرة.
وسيُوارى الرئيس الأسبق إلى جانب زوجته بعد المراسم المقرّرة في واشنطن وأتلانتا عاصمة جورجيا.
“أنقذ عددا لا يُحصى من الناس”
انتُخب جيمي كارتر رئيسا للولايات المتحدة في العام 1976، بينما كانت البلاد لا تزال تحت وطأة فضيحة ووترغيت التي دفعت الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة.
وفي حين كان كارتر مهندس اتفاقات كامب ديفيد بين الدولة العبرية ومصر والتي أدت في مارس 1979 إلى توقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل ودولة عربية، شهدت ولايته أزمة احتجاز الرهائن الأميركيين في سفارة الولايات المتحدة في طهران.
وفي 24 أبريل 1980، أدى الإعلان عن فشل المهمّة العسكرية في تأمين إطلاق سراحهم، إلى تبديد الآمال بإعادة انتخابه.
والعام 1982، بعد مغادرته البيت الأبيض، أسّس جيمي كارتر “مركز كارتر” لتعزيز التنمية والصحة وحل النزاعات في مختلف أنحاء العالم.
وتعمل المؤسسة على مكافحة كثير من الأمراض، وقادت بشكل خاص برنامج مكافحة مرض “دودة غينيا” الطفيلي، الذي طال إفريقيا بشكل رئيسي وتم القضاء عليه بشكل شبه كامل.
وأعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن حزنه العميق لوفاة كارتر، الرجل الذي “أنقذ حياة عدد لا يحصى من الناس” بفضل الجهود التي بذلها لمكافحة الأمراض.
في سنّ التسعين، بدأ جيمي كارتر يبتعد من الحياة العامّة، فغاب على سبيل المثال عن حفل تنصيب الرئيس جو بايدن في يناير 2021.