story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

أكبر التحديات التي تنتظر المغاربة في 2025

ص ص

مرت سنة 2024 ثقيلة وصعبة على المغاربة، لأسباب عديدة منها ارتفاع البطالة، والتضخم، وغلاء الأسعار، وتداعيات الجفاف، في مقابل محدودية السياسات والإجراءات الحكومية، وتراجع شعبيتها. الاستطلاع الأخير لمعهد “إبسوس” الفرنسي، حول آراء المغاربة خلال سنة 2024 وانتظاراتهم خلال 2025، أكد أن 59% من المغاربة أقروا بأن السنة المنصرمة كانت صعبة.

وبالرغم من أن 74% من المغاربة يتوقعون اقتصادًا أقوى خلال 2025، إلا أن 80% يرون أن الأسعار ستشهد ارتفاعًا أسرع مقارنة بالأجور، كما أن 80% يرون أن معدل ارتفاع الأسعار سيكون أعلى مما كان عليه خلال 2024.

تقر الحكومة بفشلها في قطاعي التشغيل والاستثمار بغرض تدارك إشكالية البطالة التي ارتفعت إلى 13,6 في المائة، وقد وعدت بالتحرك فورا لتدارك الموقف. لكن التحليل الموضوعي لمجريات الأمور، يؤكد أننا أمام تحديات أكبر تواجه الحكومة خلال سنة 2025، وتتطلب التحرك الفوري لمواجهتها، دون أي تردد. فما هي أبرز التحديات الأخرى التي تواجه المغرب في عام 2025؟

البطالة… لعنة الحكومة

تبدو البطالة مثل لعنة في حياة المواطنين، فهي بمثابة هدر للكرامة الإنسانية. إذ لا حياة بدون عمل، وإلا تحول الشخص إلى كائن منبوذ. تبدو آثار البطالة حاسمة على الاستقرار الاجتماعي، لكننا في المغرب لا نملك دراسات حول تداعيات البطالة على تفكك الأسر، وارتفاع نسبة الجريمة، وتفشي الأمراض النفسية في المجتمع، والشعور بالإحباط الذي يتراكم في صمت، خصوصا في ضواحي المدن والمناطق الهامش.

تبدو الأرقام متباينة، ربما بسبب اختلاف المقاربات، لكن الظاهرة قائمة ومتفشية. فوفق نتائج الإحصاء الأخير، مثلا، بلغت نسبة البطالة 21,3 في المائة، وهو رقم مرتفع. بالمقابل كانت نتائج البحث الوطني حول التشغيل، الذي تعده المندوبية السامية للتخطيط بشكل دوري، قد تحدثت عن نسبة 13,6 في المائة خلال الربع الثالث من سنة 2024.

يرجع الاختلاف بين المنهجية المتبعة في الإحصاء، وتلك المتبعة في البحث الوطني حول التشغيل. لكن مهما تكن الأساليب المتبعة في الاقتراب من الظاهرة، تظل البطالة ظاهرة مرهقة لكرامة الأفراد والأسر وللدولة، خصوصا إذا علمنا أن البطالة ترتفع في صفوف الشباب ما بين 15 و24 سنة، أي سنة النشاط والعمل، إلى نسبة 50,3 في المائة. علما أن تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “شباب NEET”، أي الأفراد الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتدربون، يفوق عددهم 1,6 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15-24 سنة، ويرتفع إلى 4 ملايين شخص في حال احتساب من تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة.

تتعمق ظاهرة البطالة أكثر نتيجة توالي الأزمات الاقتصادية الدولية والجفاف، ما يؤثر بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية، وخاصة في القطاع الفلاحي، وبحسب تقرير للمديرية العامة للدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية فإن الاقتصاد الوطني فقد 82 ألف منصب خلال الربع الثاني من 2024، بعدما ارتفع عدد المناصب المفقودة في العالم القروي إلى 141 ألف منصب شغل. وهي معطيات أكدتها أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي سبق لها أن أكدت فقدان نحو 297 ألف منصب شغل خلال سنة 2023 في العالم القروي.

في ضوء تلك الأرقام كان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قد حدد أهداف حكومته خلال السنة 2025 فيما يلي: “إرساء ركائز الدولة لاجتماعية رهين بخلق بيئة استثمارية تضمن النمو الاقتصادي المستدام، وبالتالي تحقيق التوازن الاستراتيجي بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي في المسار التنموي بقيادة جلالة الملك”.

وقد تحدثت الحكومة عن مخططات عمل تنفذ على مدى الخمس والعشر سنوات المقبلة. وتتضمن تلك المخططات إجراءات عملية سيتم تفعيلها بموجب قانون المالية القادم، وستوجه لدعم الشغل في العالم القروي، وإعادة هيكلة البرامج الموجهة للتشغيل، ودعم ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة، مع التركيز على دعم النشاط الاقتصادي للنساء…الخ.

وقد خصص مشروع قانون المالية للسنة المقبلة نحو 14 مليار درهم، تشمل الاستثمار بغلاف يقدر بـ 12 مليار، والتشغيل في العالم القروي بكلفة مليار دولار، وبرامج النهوض بالتشغيل بكلفة مليار دولار.

تحتاج الحكومة إلى برامج مبتكرة تستهدف بالضبط الفئات التي ترتفع في صفوفها نسب البطالة، خصوصا الفئات التي يتراوح عمرها بين 18 و35 سنة، والتي لم تستطع الولوج إلى السوق، إما بسبب ضعف ملائمة الشواهد المحصل عليها مع متطلبات سوق الشغل، أو بسبب أن ضعف فرص العمل التي يوفرها هذا الأخير.

ولعل ما يعمق مشكلة البطالة تراجع قدرات المقاولات الصغيرة والمتوسط على الصمود نتيجة التضخم والغلاء وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، أي ضعف الاستهلاك. وهي مشاكل لا يبدو أن الحكومة الحالية تمتلك القدرة على التصدي لها.

تحدي الفساد.. الغول

يوصف الفساد بأنه ظاهرة بنيوية في المغرب. وإذا كانت الحكومات السابقة فقد تبنت استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، قبل عشر سنوات، لكن الملاحظ أن تفعيل تلك الاستراتيجية كان ضعيفا، ما أدى في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع مؤشرات إدراك الفساد عالميا، وتراجع مرتبة المغرب من المرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى المرتبة 97 سنة 2023، ويعني ذلك تفشي وتزايد ظاهرة الفساد، وضعف الجهود الحكومية الرامية إلى محاربته.

وضعت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لسنة 2016 هدفا عاما يرمي إلى “توطيد النزاهة والحد من الفساد في أفق سنة 2025، من خلال جعله في منحى تنازلي بشكل ملموس، وبصفة مستمرة، وتعزيز ثقة المواطنين، وتحسين نزاهة مناخ الأعمال، وتموقع المغرب دوليا بالوصول إلى مستوى 60 من 100 في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2025، وربح 20 رتبة في مؤشر مناخ الأعمال، و25 رتبة في مؤشر التنافسية العالمي في السنة ذاتها”، وهو هدف لا يزال بعيد المنال قبل التاريخ المنشود.

لكن تلك الأهداف لم يتحقق منها الشيء الكثير، إذ كشف مؤشر إدراك الفساد حصول المغرب على 38 نقطة من 100 في مؤشر الفساد العالمي الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية.

وقد أشار تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023 إلى ضعف انخراط المؤسسات الحكومية والإدارية بالشكل المطلوب في تفعيل الاستراتيجية الوطنية، حيث أكد التقرير غياب الالتزام الفعلي من طرف الجهات المسؤولة في تنفيذ التدابير والإجراءات الموصي بها، مما يفاقم من انتشار الفساد ويضعف من فعالية السياسات الرامية إلى تحسين الحكامة.

وقد تفاعلت الحكومة سلبا مع تقرير الهيئة الوطنية، بل عبرت عن انزعاج واضح لأن التقرير الذي أصدرته كشف أن حكومة أخنوش ليس من أولويتها محاربة الفساد، خصوصا بعدما بات رئيسها عزيز أخنوش متهما بتضارب المصالح في صفقة محطة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء، علاوة على قضايا أخرى منها التلاعب في أسعار المحروقات، كما هو معروف.

صناديق التقاعد… شبح الإفلاس

كان متوقعا أن تشرع الحكومة في إصلاح التقاعد سنة 2023، لكنها لم تفعل. بحسب المعطيات المتوفرة، فقد كلفت اللجنة التقنية بإعداد منهجية للإصلاح أواخر سنة 2022، على أساس تقاسمها مع المركزيات النقابية في جلسات الحوار الاجتماعي في أبريل 2023، ثم الشروع في تنفيذ الإصلاح. لكن تلك الخطوات لم تكتمل.

كانت حكومة بنكيران قد أنجزت إصلاحا جزئيا سنة 2016، تحت ضغط اجتماعي وسياسي، لكن تلك الإصلاحات لم تكتمل ويتوقع أن تستنفذ آثارها في أفق 2028، ما يعني أن الحاجة اليوم ملحة إلى إصلاح جديد، هيكلي وشمولي. فهل تملك الحكومة القائمة الجرأة السياسية للمضي في ذلك؟

الخطوات التي قامت بها لحد الآن هو تعميم التغطية الاجتماعية ومنها التقاعد على فئات جديدة، وتوحيد صندوقي التقاعد في صندوق (CNSS وCNOPS) واحد، تحت غطاء شعار الدولة الاجتماعية. لكن الإشكالات تبدو أعمق من الإجراءات الجزئية المنجزة حتى الآن.

بحسب التشخيص الذي قامت به اللجنة الخاصة بإصلاح التقاعد، فإن ضعف تغطية أنظمة الحماية الاجتماعية يحول حتى الآن دون حصول حوالي 54 في المائة من السكان النشيطين على حماية ضد أخطار الشيخوخة، وعدم تجانس مستوى متوسط المعاشات الممنوحة للمتقاعدين، والتي تتراوح بين 2000 درهم لصندوق الضمان الاجتماعي، و5600 للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد و7873 درهم بالنسبة لنظام المعاشات المدنية.

أما المجلس الأعلى للحسابات فأكد أن التنزيل الفعلي لتغطية التقاعد للعاملين غير الأجراء والتي تم سنها عام 2017، عرف تأخرا كبيرا، في وقت يعيش نظام المعاشات المدنية (الصندوق المغربي للتقاعد) على وقع خطر السيولة اعتبارا من سنة 2023، ستسهلك احتياطاته المالية في أفق سنة 2026.

وابتداء من 2028 ستكون الحكومة مضطرة لضخ 14 مليار درهم سنويا للحفاظ على ديمومته. أما فيما يتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فالمتوقع وفق تقرير المجلس أن يعرف أول عجز له ابتداء من سنة 2028. في حين يرتقب أن يسجل صندوق التضامن الاجتماعي عجزا تقنيا في أفق سنة 2029، وفي حالة عدم اتخاذ التدابير التصحيحية اللازمة سيتم استنفاذ احتياطاته بحلول سنة 2046.

وقد بلورت اللجنة التقنية الخاصة بإصلاح التقاعد التي شكلتها الحكومة تصورا للحل، يتضمن بعض الإجراءات منها اعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجر في القطبين العمومي والخاص، وتقليص نسب الاستبدال لأصحاب الأجور المرتفعة في القطاع العمومي، وتجميد الحقوق المكتسبة في الأنظمة الحالية، ورفع سن التقاعد إلى 65 سنة، ورفع نسبة الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص.

وعموما، تؤكد الحكومة أن الإصلاح سيرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية، وهي: الزيادة في قيمة الاشتراكات، الرفع في سن التقاعد إلى 65 سنة، وخفض قيمة المعاشات. هذا التوجه يعني أن الاجراء سيتحملون بشكل شبه كامل عبء تكاليف هذا الإصلاح، وهو ما أثار رفضا واسعا من النقابات التي ترى أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على العمال والموظفين، دون تقديم ضمانات كافية بشأن تحسين جودة التقاعد على المدى البعيد.

ويزيد من تعقيد هذا الملف عدم التوافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين، مما يعزز المخاوف حول قدرة الحكومة على المضي قدما في إصلاح يحقق التوازن بين استدامة النظام وحماية حقوق المتقاعدين والعاملين على حد سواء، في ظل هذا الوضع، يبقى ملف إصلاح التقاعد ورشا شائكا وحساسا يفرض على الحكومة التعامل بحذر وتقديم تنازلات تضمن استدامة النظام دون تحميل العاملين وحدهم كلفة هذا الإصلاح.

غلاء الأسعار…المواطن عاريا

تزامن تشكيل حكومة أخنوش في نهاية 2021 مع موجة عالية من ارتفاع الأسعار، وصلت في بعض المواد الأساسية إلى أزيد من 200 في المائة.

تربط الحكومة ارتفاع الأسعار الغذائية أساسا، وارتفاع نسبة التضخم بعوامل خارجية، في إشارة إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز والبترول، وبالتالي ارتفاع الأسعار في كل دول العالم، بما في ذلك في المغرب. ففي 2023، بلغ معدل التضخم 6.1 بالمئة، لكنه تراجع بحلول سبتمبر الماضي إلى مستوى 1.7 بالمئة.

إلا أن أسعار بعض السلع الحيوية استمرت في الارتفاع، وفي مقدمتها أسعار الغاز والبترول، علاوة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة تراجع المحاصيل بسبب تواصل الجفاف للعام السادس على التوالي.

تدعي حكومة أخنوش أنها واجهت “هذا الوضع بإجراءات أبرزها تقديم الدعم المالي المباشر للأسر، والتدخل لدعم بعض المواد والخدمات كالنقل، ومن خلال العمل على ضمان استقرار أسعار بعض المواد كالماء والكهرباء”.

لكن تبدو الحجج التي تقدمها الحكومة غير مقنعة تماما. صحيح أن التضخم مستورد بنسبة معينة، لكن الملاحظ أن ارتفاع الأسعار يفوق نسبة التضخم المعلنة. كما ان تراجع نسب التضخم في السنة الأخيرة، لم يفض إلى انخفاض الأسعار، وظلت أسعار بعض المواد الأساسية مرتفعة بنسبة تفوق 200 و300 في المائة، منها أسعار القطاني واللحوم والسمك. وكشف عن نقائص في السياسة الفلاحية، كما وجه النقاش نحو نتائج المخطط الأخضر، وآثاره السلبية على الفرشة المائية وعلى المياه الجوفية، التي وجهت لسقي منتوجات معدة أساسا للتصدير.

هل يمكن أن تنخفض الأسعار مجددا؟ ما هو مؤكد حتى الآن أن انخفاض التضخم لم يؤد إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية. هناك فرضية أخرى، تقول بأنه لن تنخفض الأسعار إلا بشروط معينة، وخصوصا بعد أن تتراجع أسعار البترول والغاز إلى المستويات القديمة، أي أقل من سعر 30 دولارا للبرميل.

في غياب ذلك، سيكون المغاربة مضطرين للتعايش مع ارتفاع الأسعار كما هي عليه منذ نهاية 2021 على الأقل. الحل لتحقيق نوع من التوازن، هو الرفع من الأجور، لتتماشى مع ارتفاع الأسعار. بيد أنه ليس كل الأسر تتقاضى أجرا في المغرب، في حين أن فئات عديدة تتقاضى أجورا لا تكفي لمواجهة موجة ارتفاع الأسعار.

يتعرض المواطن للافتراس، لكن الحكومة بدون آلية لمراقبة السوق. ما يجعل من المواطن عاريا في مواجهة اللوبيات، كما أثبت ذلك تقرير البرلمان حول مضاربات شركات سوق المحروقات، التي تأكد بالدليل أنها تتواطأ ضد المواطنين.

يمكن القول إن الحكومة الحالية سهّلت افتراس اللوبيات للمواطنين، بعدما أقدمت على حذف الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة التي كانت تتوفر على آليات لمراقبة السوق. الإلغاء معناه ترك المواطن في مواجهة تقلبات السوق، بل في مواجهة اللوبيات وهذا أكده أيضا قرار مجلس المنافسة بمعاقبة الشركات وتغريمها نحو 2 مليار درهم.

الجفاف…إشكالية الماء

يواجه المغرب شبح الجفاف للعام السادس على التوالي. وصنف الخبراء العام الماضي بأنه الأسوأ طيلة 40 سنة. ما يجعل من قضية الماء أولوية ملحة على جدول أعمال الحكومة، التي لا تقبل التأجيل، من أجل البحث عن تدابير جديدة ومبتكرة لتحقيق الأمن المائي، وتلبية الطلب على المياه الصالحة للشرب.

جدير بالذكر أن المغرب يصنف ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتقدر الموارد المائية السطحية في السنة المتوسطة بـ18 مليار متر مكعب، أما المياه الجوفية فتمثل 20% من الموارد المائية. وتبلغ حصة الفرد من المياه أقل من 650 مترا مكعبا سنويا، مقابل 2500 متر مكعب عام 1960، ومن المتوقع أن تنخفض هذه الكمية لأقل من 500 متر مكعب بحلول عام 2030.

وشهد المغرب عجزا في هطول الأمطار خلال الفترة ما بين أعوام 2018-2022، نتج عنه انخفاض قوي في تدفقات المياه إلى السدود. وبلغ العجز المائي 85% تقريبا في موسم 2021-2022، إذ بلغ مخزون المياه الصالحة للري 900 مليون متر مكعب عام 2022 مقارنة بمتوسط 3.4 مليارات متر مكعب بين أعوام 2009-2017، في حين بلغ العجز في المياه الجوفية مستوى حادا، إذ انخفضت بما بين 3 و6 أمتار.

للأسباب السابقة، تبنت الدولة استراتيجية عامة لمواجهة التحدي المائي، احتاجت إلى جلسات عمل ملكية، إلى عمل حكومي متواصل منذ عقدين على الأقل، لكن المعضلة تتفاقم. من المعلوم أن قطاعات عديدة تتدخل في تدبير موضوع الماء منها (قطاعات الماء، الفلاحة، الصيد البحري، شرطة الماء، الداخلية، وكالة المياه والغابات، الأحواض، شركات….)، كما تنفذ فيها برامج عديدة (بناء السدود، تحلية مياه البحر، الربط الكهربائي، طرق الماء السيارة …). عمليا، تحولت قضية الماء، وكما تؤكد ذلك خطب ملكية متواترة، إلى قضية مصيرية إن لم تكن تهديدا جديا.

وبالنظر إلى الوضع المناخي والمائي، الذي يؤثر بشكل سلبي على سير الموسم الزراعي، تم تخصيص مبلغ 143 مليار درهم كميزانية مخصصة لبرنامج مكافحة آثار الجفاف. ويتضمن هذا البرنامج: مشروع الربط بين الأحواض المائية. برمجة سدود جديدة للزيادة من قدرة التخزين بـ6.6 مليارات متر مكعب من المياه العذبة. تسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر.

تحتاج الحكومة إلى تسريع معالجة إشكالية المياه دون تأخر، بالنظر إلى توالي سنوات الجفاف، والعمل على الرفع من الموارد المائية بنسبة 60% مصدرها تحلية مياه البحر، وعدم الاعتماد فقط على مخزون السدود والمياه الجوفية التي تعرضت للاستنزاف.
..
لقراءة الملف الخاص بالسنة الجديدة، يمكن اقتناء نسخة من مجلة “لسان المغرب“.