أكاديميون يقاربون مساعي بن عبد الله للتقريب بين المصباح والوردة لمواجهة تغول الحكومة
شكلت المساعي التي يقودها نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية للتقريب بين حزبي العدالة والتنمية والإتحاد الإشتراكي، عودة النقاش حول تحالف القوى الوطنية في مواجهة ما تسميه الأطراف نفسها “تغول الحكومة وحلفاؤها”.
وإذا كانت المساعي التي يقودها الأمين العام لحزب “الكتاب” قد نجحت في إعادة التنسيق بين المصباح والوردة على مستوى مجلس النواب، فإن بقاء التقارب بين الحزبين داخل هذه الدائرة يطرح أكثر من سؤال، وهو ما حاول أكاديميون استقصت صحيفة “صوت المغرب” آراءهم الإجابة عنه.
خلافات شخصية ونضالات مصلحية
مساعي التقريب بين الحزبين التي يقودها حزب الكتاب، اعتبرها بلال التليدي، الكاتب والباحث المتخصص في الأحزاب والحركات الإسلامية، مثيرة للكثير من التساؤلات، بالنظر إلى أن الخلافات بين حزب العدالة والتنمية وحزب الإتحاد الإشتراكي ليست خلافات سياسية فقط، بل أضحت خلافات شخصية بين ابن كيران ولشكر، لتشكل جزءا من المزاج العاطفي والنفسي.
وأشار التليدي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إلى أن خطوة إبرام التفاهمات بين الاتحاد الاشتراكي وبين التقدم والاشتراكية والمساعي التي تجري من أجل الوساطة بين حزب الخطيب وحزب عبد الرحيم بوعبيد، يجب أن تتجاوز التنسيق لتصير تكتلا ديمقراطيا يجيب عن تساؤلات اللحظة وتحدياتها، التي من معالمها قتل السياسة بكل معانيها.
واستبعد التليدي أن يتحول التنسيق بين الاتحاد الإشتراكي والتقدم والإشتراكية إلى جبهة عريضة للديمقراطين، في ظل الخطوات الإنفرادية التي أقدم عليها لشكر، من قبيل طرحه الإنفرادي لفكرة ملتمس الرقابة، وهو ما يعيد إلى الأذهان، حسب نفس المتحدث، استراتيجية النضال عبر التكتلات الديمقراطية من أجل تحقيق مصالح ذاتية وشخصية كما حصل بعد انتخابات 2007 وانتخابات 2009، حين دعا لشكر إلى جبهة تضم كل الديمقراطيين لمواجهة ما أسماه بالوافد الجديد، ليحصل بعدها على مقعد في الحكومة.
واستدرك التليدي “حتى لو فشلت شروط التحقق الواقعي لجبهة الديمقراطيين، إلا أنه يكفي طرح هذه الفكرة، لفتح نقاش عمومي يعيد للسياسة معانيها، ويضع الوضع الحالي في دائرة المساءلة”.
وأضاف نفس المتحدث أن الوضع المتـأزم الذي تعيشه الديمقراطية اليوم بالمغرب، يستوجه طرح سؤال الديمقراطية على صناع القرار، ومخاطبتهم بالقول إن هناك مشكلة تحتاج إلى حل.
تغليب الطرح الإيديولوجي على السياسي
من جهتها، اعتبرت الأستاذة الجامعية والمناضلة اليسارية لطيفة البوحسني، في تصريح لصحيفة” صوت المغرب” أن الأحزاب ضيعت من بين أيديها لحظات مفصلية في تاريخ المغرب، خصوصا لحظة ما بعد دستور 2011، حين قامت الأحزاب السياسية بتغليب المعطى الإيديولوجي على النقاش ذو الطبيعة السياسية، والذي يضع ضمن مضامينه التوافق على شروط البناء الديمقراطي”.
وأوضحت البوحسيني أن “المغرب يشهد اليوم لحظة العودة إلى مرحلة الإستبداد والسلطوية، التي اعتدناها خلال سنوات الرصاص، نتيجة لتزوير الإنتخابات والإلتفاف على الإرادة الشعبية وإفراغ الإنتخابات من عمقها السياسي، الأمر الذي زادت حدته خلال انتخابات 2021 بشكل ملموس، وهو ما تعكسه الحجج والدلائل ولغة الأرقام”.
وأضافت البوحسيني، أن “النضج السياسي يجب أن يدفع الجميع للرقي بالنقاش السياسي من أجل جبهة عريضة مكونة من مختلف الغيورين على الديمقراطية، من أحزاب وجمعيات ومثقفين، لمواجهة إشكاليات الفساد والفوارق الإجتماعية والطبقية الصارخة، التي أصبحت تطرح أكثر من علامة استفهام على النظام السياسي المغربي، ومدبري الشأن العام”.
وقالت البوحسيني إن “التدبير الحزبي اليومي بأفق ظرفي محدود لن يساهم في حل معضلة تراجع دور الديمقراطية والأحزاب في المغرب”، مشيرة إلى أن “الجميع ومهما كانت اختلافاتهم السياسية والفكرية والأيديولوجية، مدعوون للتوافق على الشروط الضرورية لبناء الديمقراطية، والتي هي نزاهة الإنتخابات والقبول بالتعددية السياسية والحزبية، وحرية التعبير وفصل السلطات، واستقلالية القضاء وحرية الصحافة، وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد”.