أكاديميون يقاربون رهانات السياسة الخارجية للمغرب
عاشت السياسة الخارجية للمغرب في السنوات الأخيرة محطات مهمة، جعلت منها رقما صعبا في الساحة المغاربية والأورو متوسطية، وأثرت بشكل كبير في علاقاتها بالمحيطين الإقليمي والدولي.
ولمقاربة رهانات السياسة الخارجية المغربية، على ضوء التحديات التي تواجهها المملكة في محيطه الإقليمي والدولي، والكيفية التي استجاب بها المغرب لهذه التحديات، نظمت جامعة محمد الخامس بالرباط اليوم الخميس 04 أبريل 2024، ندوة علمية عرفت مشاركة عدد من الأكاديميين.
الفضاء المغاربي مدخل للريادة الدولية
واعتبر سعيد الصديقي أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في مداخلته التي حملت عنوان “المغرب والفضاء المغاربي”، أن سعي المغرب لتحقيق الريادة في مجالات إقليمية أخرى، “لا يمكن أن يتحقق في حالة ما إذا اختار المغرب الإستغناء عن فضائه المغاربي”.
وأوضح الأستاذ الصديقي، أن سعي المغرب للإنتماء لفضاءات إفريقية أخرى، وبناء علاقات مع إسرائيل، “أملته رغبته في تخفيف الضغط الذي يمارسه عليه محيطه المغاربي، نتيجة الوضع المأزوم الذي يعيشه هذا الفضاء، مما خلق وضعا غير مريح للمغرب في هذا المجال، سواء في علاقاته بالأطراف المغاربية خصوصا الجزائر وتونس، أو لما تلقيه عليه قضية الصحراء من تحديات”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن المغرب مطالب بإيجاد استراتيجية، تجمع بين تطلعاته المغاربية، في بناء تكثل إقليمي، وبين سعيه لبناء تكتلاث إقليمية خارج هذا المجال.
وفيما يتعلق بقضية الصحراء وتأثيرها السلبي على بناء التكثل المغاربي، اعتبر الصديقي أن قضية الصحراء هي نتاج للوضع المأزوم للمنطقة المغاربية، مبرزا أن حل مشاكل المنطقة المغاربية لن يتحقق دون حل المشكل المغربي الجزائري، مبرزا في نفس السياق أن “الإعترافات الدولية بمغربية الصحراء لن يحل المشكل”.
السياسة الخارجة في خدمة الإقتصاد
من جانبه اعتبر رضى هموز أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن السياسة الخارجية التي انتهجها الملك محمد السادس، سياسة براغماتية وحذرة، جعلت السياسة الخارجية للمغرب في خدمة الإقتصاد والسياسة التنموية للبلاد.
وأوضح حموز، أن الملك محمد السادس لا يشارك في بعض المنتديات والمؤتمرات الدولية والإقليمية، “إلا إذا كانت لها نتائج عملية على العلاقات الإقتصادية للمغرب”، وإن كان هذا لا ينفي حضور الملك لبعض المنتديات التي لها وقع استراتيجي على المغرب، من قبيل القمة الإفريقية التي دشنت عودة المغرب لمنظمة الإتحاد الإفريقي.
وفيما يتعلق، بالتكتلات داخل الفضاء المغاربي، قال الأستاذ الجامعي، إن هذه التكثلات التي عادة ما تكون تلاثية أو تنائية بين بلدان الفضاء المغاربي، مصيرها الفشل، لأن التجارب السابقة أثبتت ذلك، مشيرا في نفس السياق، إلى أن بناء الفضاء المغاربي، هو خيار استراتيجي للمغرب، ومنصوص عليه في ديباجة دستوره.
وخلص المتحدث، إلى أن المغرب اختار الإبتعاد الحذر عن قضايا الشرق الأوسط، لأسباب مرتبطة بتعقد مشاكل المنطقة وتعدد المتدخلين الدوليين، ناهيك عن رفض المغرب لمنطق المشروطية التي تفرضها بعض الدول في تقديم المساعدات الإقتصادية.
الانفتاح نحو البحر
من جهته اعتبر محمد حركات أستاذ الاقتصاد السياسي والحكامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التوجه الإستراتيجي للمغرب نحو الواجهة الأطلسية، من خلال بناء موانئ كبرى، يقتضي التوفر على أسطول بحري مهم.
وأوضح حركات أن ساكنة العالم، تتجه إلى أن تتحول إلى ساكنة تعيش بجانب البحار، مما يقتضي بناء استراتيجية للتواصل مع هذه الفضاءات، مشيرا في نفس السياق، إلى أن سعي المغرب لتحقيق تواصل إنساني بين دول الساحل وواجهته البحرية الأطلسية، يدخل في هذا الإطار.
وأشار حركات، إلى أن الصراع الذي سيلقي بظلاله في المستقبل على العالم، هو الصراع حول المحيطات، والممرات البحرية، وهو ما نشاهده من خلال الصراع الدائر حول ممر باب المندب في البحر الأحمر، وكذلك حول الثرواث البحرية، سواء تعلق الأمر بالبترول أو الغاز.