أقل من 4 أفراد.. لماذا يواصل حجم الأسر المغربية التقلص ؟

كشفت النتائج التفصيلية للإحصاء العام للسكان والسكنى عن تغيرات عميقة في حجم وتركيبة الأسر المغربية، حيث تقلص عدد أفراد الأسرة الواحدة من ما يناهز 5 أفراد إلى ما دون 4 أفراد، كما أخذت نسبة الأسر المكونة من شخص واحد منحى تصاعديًا، حيث ارتفع الرقم من 7.2% سنة 2014 إلى 11.1% سنة 2024.

وفي ذات السياق، أظهرت نتائج الإحصاء التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط يوم الثلاثاء الماضي تغييرًا آخر اعتبره البعض “رقمًا مقلقًا”، حيث سجل معدل الخصوبة الكلي انخفاضًا من 2.2 طفل لكل امرأة حسب إحصاء سنة 2014 إلى 1.97 طفل، وهو ما يُعتبر دون عتبة تعويض الأجيال المقدرة بـ2.1 طفل لكل امرأة.

في تحليلها لهذه الأرقام، أوضحت سميرة مزبار، وهي باحثة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، أن الأمر مرتبط بشكل كبير بمشكل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي أثر على السلوك الإنجابي للمغاربة، مضيفة أن هذا الوضع تزامن مع تغير “النموذج الاقتصادي المحلي”، حيث لم يعد من الضروري إنشاء عائلة كبيرة جدًا، بل لم يعد من المقبول اجتماعيًا إنجاب عدد كبير من الأطفال.

وأبرزت الخبيرة التي اشتغلت في إطار عملها سابقًا بالمندوبية السامية للتخطيط على برنامج استشراف المغرب 2030، أن كثرة المصاريف التي يكلفها تربية الطفل الواحد دفعت إلى تقليص عدد الأطفال بالنسبة للمرأة الواحدة، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار الذي لم يصاحبه أي ارتفاع يُذكر في متوسط الأجور، مشددة على أنه على الرغم من تضخم كلفة المعيشة، ظل المستوى المعيشي للأسر قريبًا من المستوى الذي كان عليه قبل عقد من الزمن.

وحول ربط تراجع أفراد الأسر بارتفاع ولوجية المرأة إلى سوق الشغل، أكدت الخبيرة أن هذا الربط يبقى بعيدًا عن الصحة، موضحة أن معدل نشاط المرأة حسب نتائج الإحصاء سجل انخفاضًا مقارنة بنتائج سنة 2014، بعد أن انتقل من 20% إلى 16.8%، مضيفة أن المعدل يظل أبعد بكثير عن أعلى معدل نشاط المرأة حققه المغرب عبر تاريخها.

أما بخصوص ارتفاع أعداد الأسر المكونة من شخص واحد من 7.2% سنة 2014 إلى 11.1% خلال السنة الجارية، فقد أوضحت مزبار أن تفسير هذا الرقم يحتمل العديد من الفرضيات كرفض هؤلاء تكوين علاقات زوجية وإنجاب أطفال، بالإضافة إلى عدم توفر العديد من الإمكانيات المادية التي تخولهم تكوين أسرة وإنجاب أطفال.

في المقابل، رجحت الخبيرة أن يكون الرقم مرتبطًا بشكل أكبر بالسفر المتكرر للعديد من المغاربة في رحلة البحث عن العمل، حيث يرتبط تنقل بعض الأشخاص بمواسم جني بعض الفواكه والخضروات التي تشتهر بها عدد من المناطق، مضيفة أن هذه الظاهرة تظهر بشكل كبير في المناطق شبه الصحراوية.