أقصبي: في ظل غياب إرادة سياسية.. جهود محاربة الفساد لن تحقق نتائج ملموسة

أكد عز الدين أقصبي، الخبير الاقتصادي وعضو هيئة ترانسبيرنسي- المغرب، أن “غياب الإرادة السياسية وضعف آليات الرقابة يشكلان سببًا رئيسيًا في تفاقم الفساد وانتشاره في المغرب”، مشددًا على أن الفساد بات “ظاهرة بنيوية واسعة الانتشار تنهك المجتمع وتعطل التنمية”.
وأضاف أقصبي في ندوة نظمتها فيدرالية اليسار الديمقراطي تحت عنوان “الفساد سرطان ينهك المجتمع ويعطل التنمية” السبت 15 مارس 2025 بالدار البيضاء، أن جهود منظمات المجتمع المدني في محاربة الفساد على مدى أكثر من 25 عامًا، بما فيها الدراسات والمقترحات، “لن تحقق نتائج ملموسة في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية وقوة اجتماعية داعمة للتغيير”.
وأشار أقصبي إلى أن المغرب، رغم انضمامه للاتفاقيات الدولية وإقرار قوانين مثل قانون الحق في الحصول على المعلومات والتصريح بالممتلكات، لا يزال يعاني ضعفًا واضحًا في تطبيق هذه التشريعات بسبب “الاستثناءات الكثيرة وعدم التفعيل الحقيقي”، حسب تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
وأوضح أقصبي أن الفساد لم يعد مجرد مشكلة تقنية بل “قضية شاملة” تتطلب تعبئة واسعة من المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمواطنين والإعلام المستقل، مؤكدًا أن “استمرار الفساد بهذه الطريقة يهدد مستقبل البلاد ويضعف مؤسسات الدولة”.
وأضاف الخبير أن رقم 50 مليار الدرهم الذي اعتبرته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تكلفة سنوية للفساد بسبب استنزافه لـ ما بين 3.5% إلى 6% من الناتج الداخلي الخام، “دليل على ضعف البرلمان في ممارسة دوره الرقابي بسبب تفشي الفساد”.
وذكَر عضو هيئة ترانسبيرنسي- المغرب أن المؤشرات المالية تظهر تصاعدًا واضحًا في مستوى الفساد وذلك منذ 2012، معتبرا أن الصلاحيات التي يمنحها الدستور الحالي تبقى “نصوصًا نظرية غير قابلة للتفعيل عمليًا”، وذلك بسبب “غياب المحاسبة الفعلية، ما يكرس الفساد ويحد من فرص التغيير الحقيقية في البلاد”.
وكانت منظمة الشفافية العالمية “ترنسبرنسي” قد كشفت مطلع فبراير الماضي، عن تقريرها السنوي الجديد المتعلق بإدراك الفساد برسم سنة 2024 المنقضية، معلنة تراجع المغرب بواقع مركزين عن تصينف سنة 2023، منتقلا من الرتبة 97 إلى الرتبة 99 عالميا من أصل 180 دولة شملها المؤشر.
وأوضحت المنظمة في تقريرها الذي تنشره سنويا، أن المغرب حقق معدل 37/100، متراجعا بواقع نقطة واحدة عن معدل سنة 2023، حيث يستخدم التقرير مقياسًا من صفر إلى 100، كلما اقترب من الصفر كلما ارتفعت نسبة الفساد، بينما تشير النقطة 100 إلى النزاهة التامة.
وهكذا فقد استمر المغرب في وتيرة التراجع على مستوى مؤشر مدركات الفساد منذ سنة 2018، حين حقق المغرب أفضل نتيجة له بمعدل 43/100، ما جعله في المركز 73، قبل أن يأخذ المعدل منحى تنازليا ليصل إلى معدل 37/100 هذه السنة عند المركز 99 عالميا، ما يعني فقدان المغرب لـ26 مركزا في 6 سنوات فقط.