“أفراح وليال ملاح” هكذا كان يُحتفل بعيد العرش في عهد الحسن الثاني
في الثالث من كل شهر مارس قبل الألفية الثالثة والعهد الجديد، كان المغاربة يحتفون في فعاليات “بهيجة” بعيد العرش خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وهي الاحتفالات “التي كانت تستمر أياما طوال في قرى المغرب كما مدنه”.
“أفراح وليال مِلاح“
وفي حديث له مع “صوت المغرب” حكى لنا أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط محمد أوبيهي مشاهد من ذاكرة المغرب خلال تلك الفترة.
وقال الأستاذ أوبيهي إن “إحياء ذكرى اعتلاء الملك الراحل الحسن الثاني تتخذ طابعا رسميا من جهة وطابعا احتفاليا كان يستمر لأيام في كل قرى المملكة ومدنها كذلك”، وتابع “أنه بالمقابل من ذلك كان الاحتفاء عبر تنظيم ندوات ولقاءات للنقاش أمرا نادر الحدوث”.
وأرجع الأستاذ الباحث في التاريخ المعاصر ذلك “إلى الجو العام وقتها ووضع الحقوق والحريات بالمملكة”، وأشار إلى أن “السلطات والمراطز الجماعية، كانت مطالبة بإحياء هذه الذكرى عبر احتفالات بهيجة”.
واستدعى المتحدث ذاته مشاهد من ذاكرته الشخصية في حديثه عن هذه الذكرى قائلا إنه ” يذكر وهو المنحدر من إحدى القرى القريبة من مدينة الصويرة أن هذه المناسبة كانت تمر بشكل استثنائي، إذ تنصب الخيام وترفع الأعلام وتقام الاحتفالات الشعبية على نطاق واسع”.
وتابع أنه “كانت بهذه المناسبة تلقى بعد تحية العلم، الكلمات والشهادات على المستوى الرسمي بحضور أعيان القبائل وكبار المسؤولين”، أما بالمدارس فكان “الأساتذة يعمدون إلى تدريب التلاميذ على الأغاني الوطنية والمسرحيات الملحمية قبل أشهر من حلول تاريخ الذكرى أما قبل أسبوع منها كانت الدراسة تتوقف بشكل كلي استعداد لهذا اليوم”.
عيد “استثنائي”
وفي قراءته لهذه الصيغة في الاحتفال يرى الأستاذ محمد أوبيهي أن هذه الذكرى كانت “استثنائية” كما أراد لها الملك الراحل الحسن الثاني أن تكون.
وهو ما كان يعد “مظهرا من مظاهر تكريس شرعية الملك الراحل في وقت كان تعلو فيه أصوات معارضيه” وعلى غير عادة خطاباته الأخرى التي يرتجل فيها عمدا كان الملك الراحل يحرص أن يطل على شعبه عبر شاشة التلفزيون، مُمسكا بقلمه الذهبي، مُعد سلفا، يتلوه بكل تؤُدة وثبات.
ويعقد الأستاذ محمد أوبيهي مقارنة بين الاحتفال بعيد العرش آنذاك واليوم في عهد الملك محمد السادس قائلا إن “هناك اختلافا جذريا إذ لم نعد نشهد احتفالات طاغية بذلك الشكل الذي كانت عليه في عهد الملك الراحل الحسن الثاني”.
وسجل أستاذ التاريخ المعاصر أنه بالمقابل من ذلك “يتم تنظيم أنشطة موازية” مستحضرا على سبيل المثال “الأنشطة التي تنظمها المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير والتي تقيم في فضاءات للذاكرة التاريخية معارض تستعرض فيها صورا ومشاهد من الذاكرة الوطنية”.