أطر الصحة يشلون مستشفيات المملكة ويتظاهرون أمام مقر الوزارة
تستعد الأطر الصحية لخوض إضراب وطني شامل والتظاهر أمام مقر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالرباط، الأربعاء القادم، احتجاجاً على “عدم وفاء” هذه الأخيرة بالالتزامات مع التمثيليات النقابية في القطاع، وتنفيذ الاتفاقات.
وقال التنسيق النقابي لقطاع الصحة، اليوم الإثنين 12 يناير 2025، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إن وزارة الصحة “تهربت من الوفاء بالالتزامات وتثمين الموارد البشرية بتلبية مطالبها العادلة والمشروعة، وتحسين أوضاعها والحفاظ على مكتسباتها القانونية والوظيفية والاعتبارية والمادية والاجتماعية”.
وأوضح التنسيق النقابي الوطني، الذي يتكون من ست نقابات صحية، أن برنامجه النضالي الذي يبدأ بالإضراب بكل المؤسسات الصحية، الأربعاء 15 يناير 2025، يأتي رداً “على هذا الاستهتار والتهرب”.
ودغا الشغيلة إلى التوقف عن العمل وعدم الحضور للمؤسسات الصحية، بكل مصالح المستشفيات المحلية والإقليمية والجهوية، والمراكز الاستشفائية الجامعية، وبالمؤسسات الوقائية من مستوصفات ومراكز صحية والمؤسسات التابعة لشبكة SRES، وبكل الإدارات المحلية والمندوبيات الإقليمية والمديريات الجهوية والإدارة المركزية، إضافة إلى عدم عقد أي اجتماع يوم الإضراب.
واستثنى في الوقت ذاته أقسام المستعجلات والإنعاش من الإضراب، داعياً إلى حمل الشارة السوداء للموظفين المكلفين بالحراسة والإلزامية والمداومة، فضلاً عن التواصل المكثف مع الشغيلة لحثها على الانخراط في الإضراب والحضور للوقفة المركزية بكل الأساليب.
ومن أبرز مطالب الشغيلة الصحية التي عبرت عنها في بلاغات سابقة، تشبثها بالمناصب المالية المركزية و بأجور من فصل نفقات الموظفين للميزانية العامة و بصفة موظف عمومي كامل الحقوق.
وعلى وقع هذه الأحداث حمل حقوقيون مسؤولية هذا الاحتقان لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية التي “تتنصل” حسب قولهم من “فتح حوار جاد مع الشغيلة الصحية”، مطالبين في نفس الوقت “بضرورة فتح الحوار معهم والتحلي بالمسؤولية تجاه المواطنين وتمكينهم من الحصول على خدمات صحية جيدة”.
وفي هذا السياق، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح سابق لصحيفة “صوت المغرب”، إن المسؤولية لا تقع على الأطباء الذين ينظمون الإضراب، لأن الإضراب حق دستوري مكفول لهم، مبرزا أن “المسؤولية تقع على الدولة التي لم تفتح حوارًا جادًا معهم، ولم تلتزم بتعهداتها، وبدلا من ذلك، ماطلت وأجلت الحلول، وتعتقد أن المواطن سيتحمل الضغط الناتج عن الإضراب دون أن تتحمل هي مسؤولياتها”.
وأوضح غالي أنه “يجب التفريق بين أمرين متمثلين في المصالح الحيوية مثل أقسام المستعجلات، التي يجب أن يستمر فيها العمل بشكل عادي دون أي تأثير من الإضراب، وأن هذه المصالح يجب أن تكون خارج نطاق الإضراب لضمان تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين، والمصالح الأخرى التي يشملها الإضراب، والتي تتحمل الدولة تبعات توقفها عن العمل نتيجة عدم استجابتها للمطالب المشروعة”.
من جانبه، ألقى عادل تشيكيطو رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، اللوم على الحكومة التي حسب قوله “ألفت التنصل من التزاماتها والتحلل من وعودها”، مضيفا أنه “سبق للحكومة أن التزمت مع ممثلي نقابات الأطباء، واستعملت وعودها والتزاماتها بشكل سيء ما ضرب في العمق مجموعة من الحقوق الأساسية والمكتسبات المكفولة في النظام الأساسي للوظيفة العمومية”.
وشدد تشيكيطو في حديثه لصحيفة “صوت المغرب” على أن الحوار الجاد بين الأطباء والحكومة هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة، بما يحقق العدالة المهنية ويحمي حق المواطنين في الحصول على خدمات صحية ذات جودة عالية.
وأشار إلى أن الضحية الأولى في هذه الإضرابات هو المواطن، ورغم أن الأطباء المضربين قرروا إرفاق الإضراب ببعض الإجراءات التي تحول دون التسبب في كوارث، إلا أن المعاناة تبقى واقعا لا يمكن تجاوزه أمام حجم الاستجابة للإضراب، مؤكدا أنه “لا يمكن تحميل المسؤولية للأطباء، وإنما للحكومة التي تتلكأ في التفاعل الإيجابي مع مطالبهم”.
ونبه الفاعل الحقوقي إلى أن تعليق الخدمات الطبية نتيجة الإضراب يزيد من العبء على النظام الصحي العمومي الذي يعاني أساسًا من تحديات هيكلية ونقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات، مبرزا أن “هذا التعليق، وإن كان مؤقتًا، يؤثر بشكل مباشر على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، ويعطل برامج الاستشفاء والمتابعة الصحية للحالات المزمنة والطارئة”.
وحذر المتحدث من أن استمرار هذه الأزمات دون حلول جذرية من شأنه أن يضعف ثقة المواطنين في القطاع الصحي العمومي، ويزيد من الإحباط لدى المرضى والمهنيين الصحيين على حد سواء، مشددا على ضرورة استغلال هذه الأزمة كفرصة لإعادة بناء حوار جاد ومسؤول بين الحكومة وممثلي الأطباء، يهدف إلى تحسين ظروف العمل، وتطوير البنية التحتية الصحية.