story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

حقوقيون ينتقدون أولوية ملف الكلاب الضالة على حساب “أطفال الشوارع”

ص ص

في الوقت الذي يحظى فيه ملف الحيوانات الضالة بالمغرب باهتمام حقوقي وحكومي متزايد خاصة بعد الجدل حول مشروع القانون رقم 19.25 المتعلق بحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها، تنتقد أصوات الحقوقيين أولويات السياسات الاجتماعية بالمغرب، وذلك في ظل استفحال ظاهرة الأشخاص بدون مأوى، خاصة الأطفال منهم.

وفي هذا السياق قالت نجاة أنور رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي” إن جمعيتها تتابع بقلق شديد وضعية الأشخاص بدون مأوى في المغرب، خصوصًا في ظل استعدادات البلاد لاستقبال تظاهرات دولية كبرى.

وشددت نجاة أنور في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” على أن المعاناة المستمرة لهذه الفئة في الشوارع، في غياب حلول شمولية ومستدامة، “تثير تساؤلات حول أولويات السياسات العمومية ومدى التزام الدولة بضمان الكرامة الإنسانية لكل المواطنين”.

وتسائلت المتحدثة: “في الوقت الذي تتجه فيه النقاشات نحو حماية الحيوانات والكلاب الضالة، ماذا عن الكرامة الإنسانية لهؤلاء الأشخاص؟ أليس من حقهم الحصول على برامج إدماج حقيقية، ومراكز استقبال، وخطط لحمايتهم من الجوع، والبرد، والهشاشة؟”.

وأكدت أن “فئة أطفال الشوارع تعكس واحدة من أعمق صور الهشاشة الاجتماعية، وأن الاستراتيجيات الوطنية في مجال الطفولة والحماية الاجتماعية تبقى غير كافية إن لم تتحول إلى إجراءات عملية تضمن لهم التعليم، والرعاية الصحية، والحماية من الاستغلال”.

كما طالبت الجهات المعنية “بإدماج ملف الأشخاص بدون مأوى ضمن السياسات العمومية بنفس الجدية التي تُعطى لقضايا أخرى، وخلق مراكز إيواء مجهزة في مختلف المدن، وإطلاق برامج تكوين وفرص عمل للشباب، والاهتمام الخاص بأطفال الشوارع عبر برامج تعليمية ومرافقة نفسية واجتماعية عاجلة”.

وختمت رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي” بالقول إن المغرب، وهو يستعد لاحتضان تظاهرات دولية، “مدعو لإبراز صورة حقيقية تعكس التزامه بصون الكرامة الإنسانية، ليس فقط عبر البنيات التحتية، بل أيضًا عبر رعاية الفئات الهشة وضمان حقوقها الأساسية”.

من جانبه أكد ياسين رفيع بنشقرون، رئيس “الجمعية المغربية لليتيم” على أن “الرفق بالإنسان قبل أي مخلوق آخر أصبح واجبًا ملحًا” مستدركا “هذا لا يعني مقارنة بين الإنسان والحيوان، بل احترام للكرامة الإنسانية فأطفال الشوارع والرضع المتخلى عنهم وكبار السن بلا مأوى”. وتسائل: “من يستحق التحرك أولًا؟ الإنسان أم الحيوان؟”.

وشدد بنشقرون على “أن الرفق بالحيوان مسؤولية إنسانية، لكن الأولوية المطلقة للإنسان، والمجتمع مطالب بالتحرك لإنقاذ الطفولة المرمية في الشوارع والمراكز الخيرية، التي غالبًا ما تعامل الأطفال كما لو كانوا قطيعًا”، مضيفا “فهؤلاء الأطفال هم أولى بالتضامن ووحدة الصف لاسترجاع كرامتهم المسلوبة، والعيش في أسرة وبيئة تحفظ طفولتهم”.

وتابع بنشقرون أنه “يجب على الجميع أن يتحرك من أجل الآباء وكبار السن الذين تخلى عنهم أقرباؤهم، ووجدوا أنفسهم يفترشون الأرض وتغطّيهم السماء فهؤلاء هم أولى بالتضامن، لحماية كرامتهم وصحتهم قبل أن يغادروا الحياة بعد سن طويل. وبالتالي حماية الإنسان أولًا ليست رفاهية، بل واجب إنساني لا يمكن تجاوزه”.

وختم بنشقرون بالقول “إن الحيوان الضال هش، لكن غريزته تمنحه القدرة على التكيف، أما الإنسان الهش، فلا معين له إلا الإنسان نفسه. لذلك تبدأ الأولوية بالرفق بالإنسان، ثم بعد ذلك بالحيوان، لتغدو الرحمة قيمة حقيقية ومطبقة، تحمي الأضعف وتكرّم الكرامة الإنسانية”.

و من ضمن المبادرات المتخذة في هذا السياق، كشفت أسماء قبة رئيسة “الجمعية المغربية لمناهضة العنف والتشرد” بقرب افتتاح مركز جديد مخصص لإيواء الأشخاص بدون مأوى في مدينة فاس، تحت إشراف الجمعية.

وأفادت أسماء قبة لصحيفة “صوت المغرب” أن هذا المشروع يأتي بعد استفادة جمعيتها من صندوق خاص في عام 2024، حيث تم الشروع في ترميم المركز وتجهيزه بمواصفات عالية لتلبية حاجيات المستفيدين، مبرزة أن المركز يتوفر طاقة استيعابية تصل إلى 100 متشرد من الرجال والنساء، ومن المتوقع أن يتم افتتاحه رسميًا مع بداية فصل الشتاء.

كما أشارت إلى مشروع مركب ضخم بمدينة فاس خاص بالأشخاص بدون مأوى سيكون جاهزا في حدود 2030 وسيضم جناح خاص بالرجال وجناح للنساء إضافة إلى توفير جناح خاص بالأطفال، وجناح آخر للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية، بهدف تقديم الدعم الكامل لهذه الفئة.

وأكدت على أن استثمار قدرات الأشخاص بدون مأوى ومواكبتها هو دور الجمعيات والمجتمع المدني “إذ أن العمل المباشر في الشوارع والارتباط الوثيق بالمستفيدين يتيح فهم احتياجاتهم الحقيقية وتقديم الدعم النفسي، الصحي، والاجتماعي بشكل متكامل”.

وختمت قبة بأنه في حالة إعادة دمج هذه الفئة في المجتمع سيتم استثمار مهاراتهم المهنية والإبداعية، مستشهدة بحالة أحد المستفيدين من الجمعية الذي كان متشرد ومدمن لمدة 14 سنة وتم تأهيله ليعود لحرفته الأصلية وهي الخياطة بعد سنوات.

*نسرين أولفقيه صحافية متدربة