story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

“أزمة الماء” بين المغرب والجزائر.. هل تتحول إلى بؤرة صراع أم فرصة للتعاون بين البلدين؟

ص ص

مع استمرار القطيعة الدبلوماسية ببن المغرب والجزائر منذ إعلانها من طرف الأخيرة في 2022، تلوح في الأفق أزمة جديدة بين الجانبين حول “أزمة الماء” التي يتوقع خبراء أنها قد تكون وقوداً لحروب المستقبل.

هذه الأزمة التي تفاقمت مع بناء المغرب لسد “قدوسة” في منطقة حدودية بإقليم الرشيدية، فضلا عن الجفاف الذي ضرب المنطقة في السنوات الأخيرة، أدت إلى زيادة التوترات بين البدلين حيث اتهمت الجزائر بشكل غير مباشر المغرب بـ”تجفيف ممنهج للسدود والمصادر المائية” في أقصى غرب البلاد.

فرصة للتعاون

في هذا الصدد، يرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة خالد الشيات، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه لا يجدر اتهام الجزائر للمغرب بـ”تدبير سياسات عدائية”، في الوقت الذي تبدو فيه “غير مستعدة للحوار والعمل المشترك، لتوزيع المياه واستعمالها والاستفادة المشتركة منها عن طريق الحدود”.

وأوضح الشيات أنه إذا كان المغرب يحتاج في مرحلة الجفاف إلى تجميع المياه “فله ذلك في ظل غياب طرف يمكنه الحوار حول هذا الملف، بما في ذلك النِّسب التي يمكن أن تمر من المغرب إلى الجزائر”.

ويشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن “الحوار بين البلدين شرط أساسي”، لافتاً إلى أنه “لا بد من سياسات تعاون مندمجة ومتكاملة سواء على مستوى المياه السطحية أو الجوفية”.

وأشار إلى أن ملف الماء من بين مجموعة ملفات يمكن أن تكون موضوع تفاهم بين المغرب والجزائر، بينها “مكافحة الهجرة والاتجار في المخدرات والجريمة المنظمة عموماً، وأيضاً محاربة التطرف”، لافتاً إلى أنه من “المفترض أن تدعو هذه القضايا إلى تشكيل لجنة بين البلدين، وفتح الحوار حول إمكانية التفاهم فيها”.

اتهامات ومبررات

وكان وزير الموارد المائية الجزائري طه دربال قد صرح، في أكتوبر الماضي، خلال اجتماع في سلوفينيا بشأن حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود، أن الجزائر تعاني من “الآثار السلبية لممارسات الدولة المجاورة، التي تتسبب في عرقلة وتدمير المياه السطحية العابرة للحدود”، في إشارة إلى المغرب.

وأدى تشغيل سد قدوسة في عام 2021، إلى تقليل تدفق مياه وادي غير بشكل كبير، وهو ما أثر سلباً على بحيرة سد جرف توربة الواقعة في الأراضي الجزائرية أسفل الوادي، والذي كان حتى السنوات الأخيرة يزود حوالي 200,000 نسمة من سكان مدينة بشار وضواحيها، بالإضافة إلى 5,000 هكتار من الأراضي الزراعية بالمياه.

ومن جانبه، يركز المغرب على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لسد قدوسة، مشيراً إلى أنه يوفر “طاقة تخزين تصل إلى 220 مليون متر مكعب، ويهدف إلى تنظيم إمدادات المياه في وادي بودنيب، وإضافة 5,000 إلى 6,000 هكتار من الأراضي الزراعية المروية”، كما من شأنه دعم مشروع إنتاج التمور، الذي يعد استراتيجياً بالنسبة إلى وزارة الفلاحة التي تطمح إلى إنتاج 40,000 طن سنوياً لتلبية الطلب الداخلي والخارجي.

مصدر صراع

هذا وأفاد خالد الشيات أستاذ القانون الدولي في وجدة، بأن أزمة المياه قد تؤدي كذلك إلى مشاكل في المستقبل إلى جانب ملفات أخرى من قبيل “إغلاق الحدود أمام وجه المغاربة الذين يملكون أراضي فلاحية داخل التراب الجزائري بإقليم فكيك، في تصرف يصل لمستوى العقاب الجماعي”.

ويشير خالد الشيات إلى وجود احتياطات مائية لا بأس بها في المنطقة الحدودية، معتبراً أن “استغلالها من طرف دون آخر لا بد من أن يكون له أيضاً تبعات على المستوى السياسي”.

ويرى أنه حتى على مستوى المياه الجوفية، “إذا لم تكن هناك سياسات تعاونية وإحداث لجان لوضع الحلول المقترحة في هذا الصدد، يمكن أن تشكل نوعاً من المبررات للصراع بين البلدين”، منبهاً إلى أن المياه قد تتحول إلى قضية وجودية بالنسبة إلى الدول في المستقبل.

وأمام وضع جيو سياسي يكسوه توتر طويل على مستوى العلاقات بين المغرب والجزائر، “يحط بظلاله على كل القضايا الأخرى”، يبدو بالنسبة إلى الشيات أنه “لا يوجد أفق للتعاون”، وبالتالي يمكن أن تكون هذه الأزمة مصدراً من مصادر الصراع والتنافس بين البلدين المغاربيّين.