أتركوا فتيان باها يستمتعون!
المنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سيكون اليوم في مواجهة منتخب الكوت ديفوار برسم نصف نهاية كأس إفريقيا للأمم المؤهلة لكأس العالم، وطبعا سيكون فتيان المدرب نبيل باها أمام فرصة لإظهار إمكانياتهم أمام خصم قوي، ولتأكيد المستوى الجيد الذي ظهرت به العناصر الوطنية في الدور الأول ودور الربع.
هذا المنتخب يحظى في المغرب بمتابعة جماهيرية وإعلامية كبيرة، من خلال تغطية المنابر الصحفية لمبارياته، وأيضا لمحتويات وسائل التواصل الإجتماعي التي تفرد حصصا للتحليل التقني، ولعطاءات اللاعبين أيضا، وتقييم آدائهم التكتيكي فوق ارضية الملعب، بالإضافة إلى أعداد الجمهور اللابأس بها التي حضرت في مدرجات ملعب البشير في المحمدية.
الإهتمام بفئة سنية صغيرة من طرف الجمهور ووسائل الإعلام، أمر محمود ومستحب، وفيه الكثير من إشارات العشق لكل المنتخبات الوطنية، والرغبة في تشجيعها وتمني فوزها دائما، وتتبع مسار فتيان قد يحملون قميص المنتخب الأول في يوم من الأيام.. وهي ظاهرة أصبحت مغربية بامتياز خلال السنوات الأخيرة، إذ من الناذر أن تجد في بقية بلدان العالم، حتى التي تعتبر مدارس كروية لتكوين الناشئين، كل هذا الإهتمام الشعبي والتتبع الذي تعرفه المنتخبات في الفئات السنية خلال المباريات.
لكن الجانب السلبي في هذا الإهتمام والتتبع، هو أن أغلب من يتحدثون عن الفريق الوطني لأقل من 17 سنة، ينسون أو يتناسون أنهم أمام أطفال صغار في المرحلة الأخيرة للتكوين، وحتى بنياتهم الجسمانية لازالت في طور النمو، وأنهم قد خرجوا لتوهم من اللعب الفطري الإستمتاعي، إلى استيعاب الخطط التكتيكية ومنظومات اللعب ومحاولة تطبيقها بنسبة مقبولة. إذ ليس من المنطقي أن نبدأ في انتقادهم والضغط عليهم وإطلاق الأحكام بمدى استحقاقهم لحمل القميص الوطني من عدمه، ففي هذه الفئة طالما تحدُث مفارقات كثيرة من قبيل أن ذلك الفتى الذي لم يراهن عليه أحد، واعتبره الجميع بدون مؤهلات، قد تجده من أبرز لاعبي المنتخب الاول في يوم من الأيام بعدما عمل واجتهد وتعلم وطور نفسه. وعلى العكس من ذلك، قد تجد فتى موهوبا و”كوايريا” واعدا يصنع العجب العجاب في هذه الفئة، لكن قد ينتهي مشواره الكروي قبل حتى أن يبلغ سن العشرين، وذلك لأسباب نفسية وسيكولوجية.
لذلك فلا يجب أن نتعب أنفسنا بالتقييمات لمستوى هذا الفتى وذاك، والتنبؤ لهذا الإسم أو ذاك بالنجومية والتألق، وخير طريقة للتعامل مع هؤلاء الفتيان، هو تشجيعهم ودعمهم في كل الأحوال، سواء فازوا او إنهزموا، أو لعبوا بشكل جيد او أخطؤوا، فالهدف من وجود هذه الفئات هو أن يتعلموا مهنة إسمها كرة القدم، وأن يصححوا نواقصهم التكتيكية والذهنية، وأن يصل أكبر عدد منهم إلى المنتخب الاول، متوفرين على هوية كروية موحدة، هي التي تصنع روح المجموعة وشخصية البطل… أما عدا ذلك فاتركوا أطفال نبيل باها يستمتعون.