story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

وفاة نزيل بسجن وجدة وسط شبهات “إهمال وتقصير” وحقوقيون يطالبون بالتحقيق

ص ص

طالب نشطاء حقوقيون بفتح تحقيق قضائي “عاجل ومحايد”، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد المسؤوليات الجنائية والإدارية المرتبطة بوفاة نزيل في السجن المحلي بمدينة وجدة، وملابسات التكفل الطبي والإشعار العائلي، في الوقت الذي تشدد فيه إدارة المؤسسة السجنية على أنها قامت بجميع الإجراءات اللازمة في هذه الحالة.

وقال مرصد الريف للتنمية، في بلاغ اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منه، إنه “يتابع ببالغ القلق والانشغال، المعطيات الواردة بخصوص وفاة النزيل (ر.ب) داخل السجن المحلي بوجدة بتاريخ 11 ماي 2025، في ظروف تُحيط بها شبهات قوية بالإهمال الطبي والتقصير الإداري، وتُثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مدى احترام المقتضيات التي تُنظم حماية الحق في الحياة داخل المؤسسات السجنية”.

وكان النزيل المتوفى -وهو شاب في مقتبل العمر، حديث الزواج وأب لطفل صغير- وفقاً لأسرة الفقيد، على وشك إنهاء فترة عقوبته الحبسية الممتدة لعشر سنوات، وسنة إضافية بموجب متابعة من إدارة الجمارك، “إلا أن أخباره انقطعت فجأة يوم 11 ماي، دون أن تتلقى أسرته أي إشعار رسمي”، قبل أن يُفاجأ والده عند زيارته المؤسسة صباح يوم 22 ماي بخبر الوفاة، الذي قيل إنه وقع قبل 11 يوماً.

واعتبر مرصد الريف للتنمية ما وصفه بـ”الصمت المريب” خرقاً صارخاً للمادة 24 من القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، التي توجب إشعار مدير إدارة السجون، ووكيل الملك، والسلطة القضائية، وذوي المعتقل، فوراً، في حالات الوفاة أو المرض الخطير، أو التعرض لحادثة.

وأشار إلى أن هذا “التقصير” يتعارض مع المادة 73 من المرسوم الوزاري لوزارة العدل، التي تُلزم مدير المؤسسة بإشعار الجهات المعنية حال وفاة معتقل، خصوصاً إذا كانت الوفاة ناتجة عن حادث، أو في حالة الاشتباه في انتحار، أو إذا كانت الأسباب مجهولة أو مشكوكاً فيها.

ونبه إلى أن الشبهات المحيطة “بملابسات الوفاة والإهمال المحتمل في التكفل الطبي”، قد تُشكّل أفعالاً “يُعاقب عليها بموجب القانون الجنائي المغربي”، لا سيما الفصل 432 من القانون الجنائي، الذي يُعاقب كل من تسبب في القتل غير العمد نتيجة الإهمال أو عدم الاحتياط أو عدم مراعاة الأنظمة، بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة.

وأحال المرصد أيضاً على الفصل 431، الذي يُعاقب على الامتناع عن تقديم مساعدة لشخص في خطر، إذا كان بالإمكان ذلك دون تعريض النفس للخطر، بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، والفصل 225 وما يليه الذي يُجرّم كل موظف عمومي يمتنع عمداً عن أداء واجب قانوني منصوص عليه، خاصة إذا نتج عن هذا الامتناع ضرر جسيم لمواطن تحت مسؤوليته، فضلاً عن الفصل 231 وما بعده، بشأن حالات سوء المعاملة أو الإهمال المؤدي إلى وفاة أو معاناة داخل مؤسسة عمومية.

واعتبر أن إرسال المندوبية العامة لإدارة السجون تلغرام بريدي وحديثها عن تعذر الاتصال الهاتفي، “لا يُعفيها من المسؤولية، بل يُدلل على قصور خطير في احترام مبدأ الإشعار الفوري الفعال”، لافتاً إلى أن ذلك “يثير تساؤلات حول ما إذا كان النزيل قد أعيد إلى السجن قبل استقرار حالته الصحية، في خرق لمبدأ السلامة الجسدية وواجب الرعاية الطبية”.

وطالب المرصد بفتح تحقيق قضائي عاجل ومحايد، إلى جانب تفعيل فصول المتابعة الجنائية المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي، في حق كل من ثبت تقصيره أو امتناعه عن أداء واجبه الوظيفي، أو تسببه بالإهمال في تهديد حياة النزيل.

كما حث على تمكين الأسرة من كافة الوثائق والتقارير الطبية، مع إخضاع الجثة لتشريح طبي مستقل ومحايد يحدد سبب الوفاة بدقة، فضلاً عن مراجعة فورية وشاملة لمساطر الإشعار الإداري في حالات الخطر أو الوفاة، بما يضمن حماية الأسر من الصدمة، وتكريس الحق في المعرفة والتواصل الإنساني.

ودعا مرصد الريف للتنمية المجلس الوطني لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى فتح تحقيق ميداني مستقل، والتحقق من مدى التزام المؤسسة السجنية بالمعايير الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق السجناء، خاصة قواعد نيلسون مانديلا.

من جانبها، أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في وقت سابق من صباح يوم الجمعة 23 ماي 2025، توضيحاُ رداً على بعض تدوينات منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي قالت إنها “تدعي عدم علم أسرة أحد السجناء بالسجن المحلي بوجدة بوفاته إلا صدفة وعدم تبليغهم بذلك من طرف إدارة المؤسسة”.

وقالت المندوبية، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إنه تم إخراج السجين المدعو قيد حياته (ر.ب)، والذي كان محكوماً عليه بعشر سنوات سجناً نافذاً بتهمة نقل واستيراد وتصدير مخدر الكوكايين، وخرق الأحكام المتعلقة بحيازة ونقل وحركة مواد مخدرة داخل الدائرة الجمركية إلى المستشفى الخارجي بتاريخ 10 ماي 2025.

وأوضحت أن ذلك تم “بعد تعرضه لطارئ صحي بسبب معاناته من مرض مزمن حاد، حيث تم إرجاعه إلى المؤسسة في نفس اليوم مع تحديد موعد طبي ثان له بتاريخ 12 ماي 2025″، غير أنه عثر عليه متوفياً في غرفته صباح يوم 11 ماي 2025.

وأشارت المندوبية إلى أن السجين المتوفى كان يستفيد من الرعاية الطبية داخل وخارج المؤسسة السجنية، حيث سبق أن استفاد من 108 فحوصات داخل المؤسسة و17 فحصاً بالمستشفى العمومي.

⁠وذكرت أنه بمجرد وقوع حادثة الوفاة، قامت إدارة المؤسسة بإبلاغ النيابة العامة المختصة التي حضر ممثل عنها رفقة عناصر الشرطة القضائية والعلمية المتخصصة لمعاينة الجثة قبل نقلها إلى مستودع الأموات، وذلك وفقاً لما ينص عليه القانون في مثل هذه الحالات.

⁠أما فيما يتعلق بإبلاغ عائلة السجين بحالة الوفاة، فقالت المندوبية إن إدارة المؤسسة حاولت التواصل مع والد وزوجة المعني بالأمر عبر الأرقام المصرح بها لدى مصلحة العمل الاجتماعي بالمؤسسة، “غير أنه تعذر ذلك بسبب وجود تلك الأرقام خارج التغطية”.

وقامت إدارة المؤسسة، وفقاً للبلاغ ذاته، بتوجيه تلغرام عبر البريد السريع لعائلة المتوفى، وذلك على العنوان المصرح به من طرف السجين خلال إيداعه بالمؤسسة.

واستنكرت إدارة المؤسسة لجوء بعض الأشخاص إلى نشر تدوينات “مليئة بالمغالطات بهدف تضليل الرأي العام وخلق الانطباع لديه بأن هذه الإدارة لا تضطلع بمسؤوليتها على النحو المطلوب في حين أن العكس هو الصحيح”، إذ إنها قامت بجميع الإجراءات “التي يمليها القانون في مثل هذه الحالات”، بحسب نص البلاغ.