هل خرق بنكيران القانون بدعوته إلى جمع التبرعات لتمويل مؤتمر حزبه؟

في سياق استعدادات حزب العدالة والتنمية لعقد مؤتمره الوطني التاسع، أثير جدل قانوني بشأن الدعوة التي وجّهها أمينه العام، عبد الإله ابن كيران، إلى أعضاء الحزب والمتعاطفين معه للمساهمة في تمويل هذا الحدث، بين من اعتبرها خرقًا للقانون يستوجب المساءلة القضائية، ومن رأى فيها ممارسةً مشروعةً تدخل ضمن الحقوق القانونية المخولة للأحزاب السياسية.
وفي هذا الصدد، قال الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط محمد ألمو، إن “الدعوة التي وجهها عبد الإله ابن كيران لجمع التبرعات من أجل عقد مؤتمر حزبه تُعد مسلكا مخالفا للقانون 18/18 المتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية”، معتبرا أن “هذا الفعل يستوجب المتابعة، على اعتبار أن هذه الحملة موجهة للعموم وخارج الأطر التنظيمية الداخلية للحزب”.
وأضاف ألمو، في تدوينة له على صفحته بموقع “فايسبوك”، أنه “حتى إذا تم التعامل مع حملة ابن كيران بمنطق الجدل الذي اعتبره إنفاقا في سبيل الله، فإنها لا تندرج في إطار الأعمال الخيرية كما حددها القانون، وهو ما يجعلها خارج إطار المشروعية التي يفرضها النص القانوني المذكور”.
وأوضح المتحدث أن “المادة الثالثة من القانون رقم 18/18 تنص صراحة على أنه لا يجوز جمع التبرعات من العموم إلا من طرف الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية، ولا يُستثنى الأفراد إلا في حالة تقديم مساعدات عاجلة خلال الكوارث”، مشيرا إلى أن “هذا لا ينطبق على حالة تنظيم مؤتمر حزبي”.
وأضاف المحامي، أن “القانون يفرض شروطا صارمة للحصول على ترخيص لجمع التبرعات، من بينها ضرورة فتح حساب بنكي خاص بالعملية، والإخبار المسبق للعموم بنتائج التبرعات، إلى جانب تقديم تقرير مفصل للإدارة مرفق بجميع المستندات والبيانات المالية”.
كما شدد المصدر ذاته على أن “مخالفة هذه المقتضيات القانونية تعرض مرتكبها لغرامات مالية تتراوح بين 50 ألفا و100 ألف درهم عن الإخلال بالشروط، وقد تصل إلى 500 ألف درهم في حالة بث أو نشر إعلان يدعو العموم للتبرع خارج إطار القانون”.
وفي مقابل ذلك، رفض المحامي بهيئة آسفي وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية رضا بوكمازي، هذه التأويلات القانونية، مبرزا أن “من يعتبر نداء حزب العدالة والتنمية لجمع التبرعات مخالف للقانون، يجهل بطبيعة الحال الإطار القانوني المنظم لعمل الأحزاب السياسية في المغرب”.
وفي هذا السياق، أوضح بوكمازي، في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن “القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية يميز بوضوح بين العمل المدني المؤطر بقانون الجمعيات، والعمل السياسي المؤطر بقانون خاص، حيث تنص المادة 31 منه على حق الحزب في تلقي الهبات والتبرعات في حدود مبلغ 600.000 درهم سنوياً لكل متبرع”.
وأكد المتحدث أن حزب “المصباح” “لم يخرق القانون، بل فعّل حقاً مشروعاً ومكفولاً له ضمن الباب الرابع من القانون المتعلق بنظام تمويل الأحزاب السياسية، كما ورد في المادة 30 من نفس القانون”، مضيفا أن “الحزب لم يتوجه بندائه للعموم فقط، بل لأعضائه ومتعاطفيه، وهو حق يندرج ضمن حرية التواصل الداخلي والخارجي للأحزاب السياسية، مادام هذا التواصل لا يخرق السقف المالي المحدد”.
وفي ذات السياق، أوضح بوكمازي أن “طريقة تواصل الحزب مع قواعده لا يمكن أن تكون محل مساءلة قانونية أو سياسية، إذ أن الدستور والقانون التنظيمي يمنحان للأحزاب حق استعمال كافة الوسائل الممكنة للتواصل والتأطير، سواء عبر اللقاءات أو المنصات الرقمية أو أية وسيلة تراها مناسبة”، مشيرا إلى أن “ما جرى يعكس تفاعلًا شعبياً حقيقياً مع الحزب”.
واعتبر المسؤول الحزبي أن “ما يقلق البعض من منتقدي الحزب، ليس مسألة جمع التبرعات في حد ذاتها، بل ما تحمله هذه المبادرة من دلالات سياسية أعمق”، مشيراً إلى أن “تجاوب المواطنين مع الحزب في ظرفية دقيقة يؤكد أن العدالة والتنمية لا يزال مرتبطاً بحاضنته الشعبية، وقادراً على تحريك قواعده عند الحاجة”.
وفي سياق ذلك، جدد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران دعوة أعضاء حزبه وعموم المتعاطفين إلى المساهمة في عملية التبرع من أجل تمويل المؤتمر الوطني التاسع للحزب المزمع عقده نهاية الأسبوع الجاري بمدينة بوزنيقة.
وكشف ابن كيران، في كلمة موجهة لعموم أعضاء الحزب والمتعاطفين معه، نشرت على صفحته الرسمية بموقع فايسبوك مساء الأربعاء 23 أبريل 2025، أن وزارة الداخلية لا زالت لم تصرف الميزانية الخاصة بتمويل مؤتمر المصباح” والمقدرة في 130 مليون سنتيم حسبما أكده ابن كيران.
وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ”إن وزارة الداخلية لم تفرج عن تمويل المؤتمر، ولذلك سنعتمد على إمكانيتنا الذاتية”، مشيرا إلى أن عملية المساهمة ستظل متواصلة حتى بعد انتهاء أشغال المؤتمر، “على اعتبار أن بعض الفواتير ستتم تسويتها في آجال لاحقة”.