هل تؤثر هزيمة الاشتراكيين وصعود اليمين في إسبانيا على علاقاتها مع المغرب والمهاجرين؟
أعادت الهزيمة القاسية التي تكبدها الحزب الاشتراكي الحاكم بإسبانيا في الانتخابات الإقليمية بمنطقة إكستريمادورا، وصعود حزب “فوكس” اليميني المتطرف، الجدل حول مستقبل التوازنات السياسية في إسبانيا، وما إذا كانت هذه التحولات قد تنعكس على علاقات مدريد الخارجية، خاصة مع المغرب، وعلى سياسات الهجرة.
ورغم أن النتائج عكست تراجعاً غير مسبوق للاشتراكيين، الذين خسروا 10 مقاعد دفعة واحدة، مقابل تعزيز اليمين المحافظ وتحقيق “فوكس” مكاسب لافتة، يرى مراقبون أن هذه التحولات تبقى، في الوقت الراهن، ذات طابع داخلي أكثر منها مؤشراً على تغير جذري في السياسة الخارجية الإسبانية.
في هذا الصدد، يؤكد خالد الشيات، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن “ما يجري في إسبانيا لا يعني بالضرورة تحولاً شاملاً في المنظومة السياسية أو في توجهات الدولة، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات الاستراتيجية”.
ويشدد الشيات، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، على أن العلاقات المغربية الإسبانية “توجد حالياً في مستوى من الحماية السياسية والاقتصادية”، ما يجعل من الصعب على أي حكومة، مهما كان توجهها الإيديولوجي، الإقدام على تغيير جذري في موقفها من الرباط، و”ذلك لاعتبارات مصلحية بالأساس”.
ويضيف المتحدث أن صعود أقصى اليمين في إسبانيا، كما في عدد من الدول الأوروبية، يرتكز أساساً على خطاب هوياتي وانتخابي، يقوم على معاداة الهجرة والإسلام، وأحياناً على خطاب تقليدي معاد للمغرب، “لكن هذا الخطاب غالباً ما يُستعمل لأغراض انتخابية أكثر منه كبرنامج عملي قابل للتنفيذ”.
أما بخصوص ملف الهجرة، الذي يشكل أحد أبرز محاور خطاب اليمين المتطرف، فيرى الأستاذ الجامعي أن تشديد الخطاب لا يعني بالضرورة تغييرات جوهرية في السياسات الواقعية، موضحاً أن “جميع الحكومات الأوروبية، سواء كانت يمينية أو يسارية أو وسطية، تسعى إلى عقلنة الهجرة والتحكم فيها، وإعادة المهاجرين غير النظاميين”، وهو توجه أوروبي عام لا يقتصر على “فوكس” أو غيره من الأحزاب المتشددة.
ويبرز في هذا الإطار الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في ضبط تدفقات الهجرة نحو أوروبا، وهو ما يمنح العلاقات الثنائية بعداً عملياً يصعب تجاوزه.
وعليه، ورغم أن صعود اليمين المتطرف قد ينعكس على مستوى الخطاب السياسي والإعلامي تجاه المغرب والمهاجرين المغاربة، فإن المعطيات الحالية تشير إلى أن أي تغيّر محتمل سيظل محدوداً في الإطار الخطابي، دون أن يرقى إلى إعادة صياغة جوهر العلاقات المغربية الإسبانية أو سياسات التعاون في ملف الهجرة.
وجاءت نتائج الاقتراع في إكستريمادورا لتسجل أسوأ أداء تاريخي للحزب الاشتراكي في الإقليم، بعدما تراجع من 28 مقعداً إلى 18 فقط في برلمان مكون من 65 مقعداً.
وفي المقابل، عزز الحزب الشعبي المحافظ مكانته بامتلاكه 29 مقعداً، لكنه اضطر مجدداً للاعتماد على دعم حزب “فوكس”، الذي ارتفع رصيده من 5 مقاعد إلى 11، لتمرير التشريعات.
وتعد هذه الانتخابات أول اختبار لرئيس الوزراء بيدرو سانشيز منذ إحالة مساعده البارز، خوسيه لويس أبالوس، إلى المحاكمة بتهمة تلقي رشاوى، إضافة إلى مواجهة عدد من أفراد أسرته ومسؤولين آخرين في الحزب اتهامات بالفساد والتحرش الجنسي.
ومن المقرر أن تُجرى انتخابات إقليمية أخرى في كل من الأندلس وأراغون وقشتالة وليون خلال النصف الأول من عام 2026، ما يجعل هذه الانتخابات جزءاً من مسار سياسي واسع يمكن أن يعيد تشكيل خارطة القوى في إسبانيا على المستوى المحلي والإقليمي.