نهاية العم كارلو !
لم يحدث ما توقعه أغلب مناصري نادي ريال مدريد ليلة أمس أمام أرسنال، بتكرار “الريمونتادا” التي عُرفت عن النادي الملكي في السنوات الأخيرة، وأقصي لاعبو كارلو أنشيلوتي على غير عادتهم من دور ربع دوري أبطال أوروبا، رغم أنهم سيطروا على جل أطوار المباراة وامتلكوا الكرة بنسبة عالية، لكن تلك السيطرة كانت فقط نوعا من الجري الحماسي الهيستيري، بدون فعالية ولا حتى نظام هجومي مدروس.
صحيح أن الأرسنال بمدربها المجتهد الإسباني ميكاييل أرتيتا أظهرت شخصية أكثر قوة وتنظيما وانضباطا في النسق الدفاعي وفي التحول للمرتدات، وأدارت مواجهتي الذهاب والإياب بكثير من الجودة وروح المجموعة، ولكن الحقيقة أنها واجهت فريقا مبعثرا يلعب بدون قائد حقيقي ذي شخصية كاريزمية، ومدربا أنهكته الضغوط والإنتقادات الموجهة إليه بسبب اختياراته الخاطئة هذا الموسم.
لماذا عجز ريال مدريد عن تحقيق “الريمونتادا” أمس امام الأرسنال مثلما كان يفعل كثيرا خلال المواسم الماضية؟
قد يشير الكثيرون بأصابع الإتهام إلى العجوز الإيطالي كارلو أنشيلوتي، ويستخرجون الأشكال والألوان من أخطائه هذا الموسم في اختيار التشكيلة وخطة اللعب، وأيضا في “الكوتشينغ” وتدبير مجريات المباريات.. وهي أخطاء اعترف بها هو نفسه وتحمل مسؤوليتها في العديد من المرات، وقد يكون كررها أيضا أمس أمام الأرسنال، أو على الأقل لم تكن له الشخصية اللازمة لكي يوقف التصرفات الفردية للاعبيه وبحثهم عن الحلول بطرق عقيمة.
ولكن الفرق بين مباريات الريمونتادا لريال مدريد خلال المواسم الماضية ومباراة أرسنال أمس، كان هو غياب “المهندس” الألماني المعتزل توني كروس، القائد الذي كان يحمل الفريق على كتفيه في اللحظات العصيبة التي تتطلب الكثير من الهدوء والصبر والتركيز، وضابط الإيقاع الذي كان يعرف جيدا اختيار نوعية العمليات الهجومية القادرة على تفكيك أشد الدفاعات قوة وشراسة، والموجه الذي يفتح عيون زملائه على أخطائهم وتقاعسهم وسلوكاتهم المنفعلة.
أخطاء أنشيلوتي هذا الموسم متعددة، ومسؤوليته عن كثير من الهزائم ثابتة، ولكن للإنصاف فجزء وافر من أسباب هذا المستوى الهزيل لريال مدريد، يتحمل مسؤوليته أيضا رئيس النادي فلورينتينو بيريز الذي لا أحد فَهِم بالضبط ما يدور في عقله من مخططات، بعدما رفض خلال الميركاتو الصيفي تعويض المعتزل توني كروس بلاعب من عياره وخبرته، وأيضا خلال الميركاتو الشتوي رفض التعاقد مع ظهيرين بمستوى عال بعد إصابة كربخال وعدم إقناع ميندي في مركزه، وتُرك “العم كارلو” يتخبط بين الإعتماد على لوكاس فاسكيس ذي المستوى الضعيف جدا، أو “إغلاق” الجهة اليمنى للدفاع بلاعب من وسط الميدان.. النتيجة كانت في الأخير أن ريال مدريد استقبلت الكثير من الأهداف القاتلة التي مصدرها مركزي الظهيرين الأيمن والأيسر.
هزيمة أمس أمام الأرسنال والخروج من دوري الأبطال الأوروبي،
هي شبه إعلان رسمي عن نهاية عهد كارلو أنشيلوتي كمدرب لريال مدريد على الأكثر حتى نهاية هذا الموسم، ما لم يخرج قرار مفاجئ بإقالته قبل ذلك، ومحاولة خلق نفسية جديدة في الفريق بمدرب جديد، أملا في تدارك هذا الإقصاء بلقبي الليغا وكأس الملك، ومواجهتي الكلاسيكو التي ستجمعه بالغريم برشلونة، وهو أمر مستبعد بالنظر لأن بيريز يُكِن احتراما كبيرا لأنشيلوتي ولاشك أنه سيضمن له خروجا مشرفا بعد نهاية جميع المنافسات.