مولاي يوسف…السلطان الذي قاوم الظهير البربري وحارب الخطابي
إذا كانت مقاومة ما سيصبح “ظهيرا بربريا” هي أبرز النقط الإيجابية في سجل مولاي يوسفن فإن النقطة السلبية الأبرز تظل هي موقفه ودوره في قمع ومحاصرة ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي.
فمن أبرز ما تم توثيقه عن حياة مولاي يوسف، زيارته الشهيرة إلى العاصمة الفرنسية باريس في يوليوز 1926، والتي حظي خلالها، إلى جانب ملك اسبانيا بريموا دي ريفيرا، باستقبال رسمي ضخم، واحتفاء استثنائي، تجسد في تخصيصه بعروض عسكرية، واستقباله في أكثر المعالم التاريخية والرمزية لباريس، ومشاركته في افتتاح المسجد الكبير لعاصمة الانوار، ثم بصم السلطان المغربي هذه الزيارة بخطاب استثنائي هنأ فيه فرنسا على النصر الذي حققته على الثورة الريفية، معتبرا ذلك خدمة وكرما منها تجاه المغرب، لتمكينه من استعادة الاستقرار.
ونقرأ مثلا في كتاب “عبد الكريم الخطابي، التاريخ المحاصر” لصاحبه علي الإدريسي، أن موقف السلطان مولاي يوسف من ثورة الخطابي ومشاركته في الاحتفال بإنهائها، “سيبقى يطرح أكثر من سؤال على الباحثين والمؤرخين، وعلى الذاكرة الجماعية للأجيال المغربية المتعاقبة، بتداعياته وانعكاساته على سياسة المخزن وحاشيته نحو الخطابي ومنطقة الشمال بكاملها”.
“لم يعرفه أحد”
في كتاب مذكراته، يقدّم الزعيم الاستقلالي الراحل عبر الكريم غلاب، مولاي يوسف، بكونه السلطان الذي لم يعرفه أحد. ويروي قصة الفرصة التي أتيحت له وهو طفل، لمشاهدة هذا السلطان مباشرة في مدينة فاس. “كانت المناسبة، وأنا صغير السن، تنظيم معرض تجاري فلاحي من مستوى متواضع في فاس؛ وكان ذلك من المناسبات المهرجانية التي يحضر فيها السكان حفلات الاستقبال خارج المدينة المحاطة أزقتها وشوارعها بالأسوار العالية.”، يقول الراحل عبد الكريم غلاب.
هذا الأخير يضيف أنه “وحينما ينظّم معرض، ولو كان متواضعا خارج أسوار المدينة، يحج إليه المواطنون أفواجا “ليشهدوا” منافع لهم، ويبتعدوا عن الحياة الروتينية، ولا نفع من ورائها، لساعة أو ساعات”. ويروي غلاب كيف أخذه والده من يده ليزورا معا ذلك المعرض في يوم افتتاحه، “ولعلّه كان مما يستحق الزيارة. ولـ”عظمة” المناسبة، افتتحه السلطان والمقيم العام. وهل يجوز أن يحضر السلطان حفلا، ولو كان تجاريا أو فلاحيا، دون أن يصحبه المقيم العام على الأقل “ليحميه”، فهو ممثل نظام الحماية في المغرب”.
عبّر غلاب في مذكراته عن بهجته الكبيرة برؤية السلطان مولاي يوسف يومها، “كان وجهه جميلا محاطا بلحية كثة تميل إلى الحمرة، وبجسم ممتلئ في قليل من الطول، وفي صحة جيدة في ما يبدو للناظر، يلبس جلبابا وسلهاما أبيضين، ورأسه محاط بشاشية حمراء تعصبها عمامة بيضاء”. رأي غلاب مولي يوسف يسير بخطوات وئيدة، “يبتسم ابتسامة عريضة للمتفرجين الذين يقفون هادئين صامتين، “كأن على رؤوسهم الطير”. لم يكن أحد آنذاك يهتف للسلطان. الهدوء يجعل من الموكب، الذي يحضره المقيم العام الماريشال ليوطي، كأنه موكب جنائزي”.