مهندس: الفيضانات في المدينة العتيقة بآسفي نتيجة تراكم عوامل طبيعية وعمرانية
اعتبر المهندس و المنسق المحلي لحزب التجمع الوطني للأحرار و نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب بآسفي حسن السعدوني، أن الفيضانات الخطيرة التي شهدتها المدينة العتيقة لا يمكن اختزالها في “كثرة التساقطات المطرية” فقط، بل هي نتيجة تداخل معقّد لعوامل طبيعية وعمرانية متراكمة، ظلت لسنوات تشكل نقاطا سوداء معروفة دون معالجة استباقية.
وأوضح السعدوني، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع “فايسبوك”، الاثنين 15 دجنبر 2025، أن الموقع الجغرافي للمدينة العتيقة يضعها في قلب مجرى طبيعي لتجميع المياه، بحكم تمركزها في نقطة منخفضة بين الهضبة الداخلية للمدينة والمحيط الأطلسي، ما يجعلها منطقة التقاء للسيول عند كل تساقطات قوية ومركزة زمنيا.
وأشار المتحدث إلى أن شبكة الأودية المحيطة بالمدينة تلعب دورا حاسما في تفسير حجم الفيضانات، إذ تتدفق السيول القادمة من الشرق والجنوب الشرقي، حيث المناطق شبه الجبلية، عبر مسارات طبيعية قديمة نحو واد “باب الشعبة”، قبل أن تصب مباشرة قرب المدينة العتيقة، مضيفا أن هذه الوضعية تؤدي، في حالات الأمطار الغزيرة القصيرة المدة، إلى تجاوز الوادي لطاقته الاستيعابية بسرعة.
وفي هذا السياق، توقف المهندس عند وضعية واد “باب الشعبة”، مبرزا أنه يعاني من اختلالات بنيوية واضحة، من بينها ضيق المقطع، والتغطية الجزئية، إضافة إلى تراكم الأوحال والنفايات، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه وارتدادها نحو الأزقة والمنازل المنخفضة داخل المدينة العتيقة.
ولم يغفل المتحدث هشاشة البنية العمرانية للمدينة العتيقة، التي تتميز بمنازل قديمة وأزقة ضيقة وغياب قنوات صرف صحي حديثة، معتبرا أن أي ارتفاع مفاجئ في منسوب المياه يتحول، في مثل هذه الظروف، إلى كارثة إنسانية حقيقية.
وخلص السعدوني إلى أن ما وقع “ليس حادثا عرضيا أو مفاجئا”، وإنما نتيجة تراكمات طويلة الأمد، تشمل التموضع الجغرافي للمدينة العتيقة داخل مجرى السيول، والضغط القوي للمياه القادمة من الهضبة، وضعف البنية الوظيفية لواد “باب الشعبة”، إلى جانب تأثير البحر وغياب حلول وقائية استباقية.
يشار إلى أن مدينة آسفي، شهدت عصر يوم الأحد 15 دجنبر 2025، فيضانات مفاجئة وقوية أعقبت تساقطات مطرية غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية استمرت لمدة قصيرة، لكنها كانت كافية لإغراق عدد من الأحياء والشوارع الرئيسية، وتحويلها إلى سيول جارفة من المياه الموحلة.
وأسفرت هذه الفيضانات، وفق ما أفادت به السلطات المحلية، عن مصرع ما لا يقل عن 37 شخصا، في حصيلة وصفت بأنها الأعلى المرتبطة بمثل هذه الظواهر الجوية في المغرب خلال العقد الأخير.
وتسببت الأحوال الجوية الاستثنائية في حالة من الهلع في صفوف السكان، وأربكت حركة السير، وألحقت أضرارا واسعة بالمنازل والمتاجر والبنى التحتية، في وقت كانت فيه المدينة تعيش على وقع تقلبات مناخية حادة بعد سنوات طويلة من الجفاف.