من واشنطن إلى سيول.. خريطة التصويت في مجلس الأمن حول الصحراء المغربية
اعتمد مجلس الأمن الدولي، مساء يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، قرارًا تاريخيًا يدعم مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب سنة 2007 باعتباره الإطار المقبول والواقعي لمعالجة النزاع القائم منذ خمسة عقود، داعيًا الأطراف المعنية إلى الدخول في مفاوضات على هذا الأساس.
وصوّت لصالح القرار 11 عضوًا من أصل 15، في حين امتنعت روسيا، والصين، وباكستان عن التصويت، بينما لم تشارك الجزائر في عملية التصويت.
القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، نصّ كذلك على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لمدة عام واحد، إلى غاية 31 أكتوبر 2026.
وفيما يلي أبرز مواقف وتصريحات الدول:
قدّمت واشنطن مشروع القرار، واعتبرت عقب التصويت أن اعتماد النص “تاريخي”، مؤكدة أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “عازمة على إحلال السلام ودعم حل واقعي ومستدام” في الصحراء المغربية.
ودعت كل الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات “على أساس مقترح المغرب للحكم الذاتي باعتباره الحل الدائم والعادل الوحيد للنزاع”
بدورها جدّدت باريس “دعمها الراسخ” للموقف المغربي، مؤكدة أن “مستقبل الصحراء وحاضرها يتم في إطار السيادة المغربية”، وأن خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 تمثّل “الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي وعادل ودائم”.
ورحبت فرنسا باعتماد القرار واعتبرته “نجاحًا جماعيًا” وفرصة لدفع العملية السياسية إلى الأمام.
وأشادت لندن بتسليط القرار الضوء على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، ووصفتها بأنها “الأساس العملي والموثوق للحل”.
وأضافت أن الوقت قد حان لتسوية هذا النزاع الطويل عبر حل تفاوضي مقبول من الطرفين، داعية جميع الأطراف إلى تقديم “مقترحات بنّاءة” والمضي قدمًا في العملية الأممية.
ومن بين الأعضاء الدائمين، امتنعت موسكو عن التصويت لاعتبارات تتعلق بـ”غياب التوازن في النص” بحسب بيانها، وانتقدت النهج الذي سلكته الولايات المتحدة في إعداد القرار، معتبرة أنه “يروّج لموقف وطني أمريكي”.
ورغم تحفظها، أكدت روسيا أنها قررت “ألا تعرقل قرار المجلس تمديد ولاية المينورسو” لتتيح “فرصة جديدة لعملية السلام”. وقالت: “في الوقت عينه نريد أن نطمئن إلى أن الأمريكيين لن يحققوا نتائج عكسية”.
بدورها، دافعت بكين عن موقفها الرافض للنص في صيغته الحالية، موضحة أن القرار “لم يعكس بشكل موضوعي مقترحات ومشاغل جميع الأطراف”.
وأعربت عن أملها في أن “تُيسّر الولايات المتحدة مشاورات أكثر توازناً”، مؤكدة دعمها لتجديد ولاية المينورسو، وتمسكها بضرورة “حل سياسي على أساس المشاورات يضمن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير”.
أما على مستوى الأعضاء غير الدائمين حتى عام 2026، فصوتت كل من الدانمارك وبنما واليونان والصومال لصالح القرار مقابل امتناع باكستاني.
الدانمارك أعربت عن دعمها للنص، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي “إسهام جدي في العملية الأممية وأساس جيد للتوصل إلى حل متفق عليه”. وشددت على أن أي تسوية يجب أن تتم “وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما فيها حق تقرير المصير”.
بنما وصفت القرار بأنه “متوازن وخطوة بنّاءة إلى الأمام”، وأشادت بجهود المغرب، معتبرة أن “خطة الحكم الذاتي لعام 2007 تشكل أساسًا للتوصل إلى حل دائم ومقبول من الطرفين”. وأضافت أن تجربة بنما “تجعلها تدرك أهمية تمكين الشعوب من تقرير مصيرها”، مشيرة إلى أن القرار الجديد من شأنه تعزيز الجهود الرامية إلى حل سياسي وسلمي ودائم.
باكستان امتنعت امتنعت عن التصويت، مشيرة إلى أن “موقفها المبدئي من قضية الصحراء يستند إلى قرارات مجلس الأمن السابقة”، واعتبرت أن النص الحالي “لم يعكس هذا الموقف بالشكل المناسب”. وأضافت إسلام أباد أنها تُثمن “الجهود الأمريكية لحل المسألة”، منوهة بوجود “تعديلات مضمونية” مقارنة بالصياغات السابقة.
وبخصوص الأعضاء غير الدائمين حتى عام 2025، فصوتت كل من كوريا الجنوبية وسيراليون وسلوفينيا وغويانا لصالح القرار، في حين لم تشارك الجزائر في التصويت.
كوريا الجنوبية أكدت دعمها لجهود مجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع، معبرة عن أملها في أن يساعد القرار الجديد “في تشجيع الأطراف على العمل بنية حسنة خلال المفاوضات المقبلة”.
وشدد ممثل كوريا على أن بلاده “لا تفسر القرار الحالي على أنه يستبق نتائج المفاوضات المستقبلية”، مضيفًا أن سيول “ستواصل انخراطها البناء لدعم الاستقرار والازدهار الدائمين في المنطقة”.
سيراليون رحبت باعتماد القرار، معتبرة أنه “سيسهم في إلهام الأطراف وتسريع حل النزاع الذي طال أمده”. وأكدت دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية ووصفتها بأنها “خيار عملي كطريق نحو الحل السياسي المقبول، لأنها لا تستبعد الحوار أو تفرض نتيجة مسبقة”.
سلوفينيا دعمت القرار ورحبت بجهود إطلاق العملية السياسية، لكنها شددت على ضرورة “أخذ مواقف جميع الأطراف بعين الاعتبار”. وأكدت تمسكها بـ“الحل السياسي العادل والمستدام والمقبول للجميع، الذي يضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي”.
أما الجزائر، فامتنعت عن المشاركة في التصويت، وعبّرت في مداخلتها عن رفضها نص القرار الذي رأت أنه “يتضمن شوائب ونواقص، ولم يأخذ بعين الاعتبار مقترحات جبهة البوليساريو”.
ومع ذلك، نوهت بجهود الولايات المتحدة الأمريكية، قائلة إنها “لم تدخر جهدًا من أجل تحسين النص والتوصل إلى توافق في الآراء بين الأطراف المعنية”، مشيرة إلى أن النص الجديد “يتضمن تحسينات مضمونية تسهم في التوصل إلى حل عادل ومستدام للصراع في الصحراء”.
ويُظهر هذا التصويت أن القرار حظي بدعم قوي داخل مجلس الأمن، خصوصًا من القوى الغربية الكبرى والدول الإفريقية واللاتينية، مما يعكس اتجاهاً دولياً متزايداً نحو الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي للنزاع.
وفي المقابل، يبرز امتناع روسيا والصين وباكستان، إلى جانب عدم مشاركة الجزائر، استمرار تباين المواقف داخل المجلس بين من يدعم المقاربة المغربية ومن يطالب بمرجعيات أقدم تقوم على مفهوم “تقرير المصير” بصيغته الكلاسيكية.
ومع ذلك، فإن غياب أي استخدام للفيتو واعتماد القرار بأغلبية مريحة (11 من 15) يمنح النص قوة سياسية ومعنوية كبيرة، ويكرّس دعم مجلس الأمن للمسار الأممي القائم على مبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الإطار الأنسب للتسوية.