من أجل حماية أطفال المغرب … مسؤولية الدولة قبل الاسرة
من خلال تتبعي لمسارين مختلفين بالمغرب، الـأول قضائي والثاني على مواقع التواصل الاجتماعي، يخصان قضية ما يُسمى بـ«المؤثرين» وصناع المحتوى، أتناول هنا موضعين فقط، باعتبار أن أي تقييد لوسائل التواصل الاجتماعي يعد ضربا لحرية الرأي والتعبير.
الموضوع الأول يتعلق بالأطفال القصر الذين ينشرون محتويات عديدة، والتي تتطلب يقظة الدولة قبل الأسرة، باعتبار أن الدولة هي حامية الأسرة والمجتمع.
مقولة نرددها كثيرا لمحاربة زواج الطفلات، وهي أن «مكان الطفل المدرسة وليس الزواج»، ويمكن استنباط مقولة جديدة منها، وهي أن «مكان الطفل هو المدرسة وليس مواقع التواصل الاجتماعي».
لا يمكن التعميم بخصوص المحتويات المنتشرة، ولكن وجود محتويات ذات إيحاءات جنسية، أو محتويات ذات خصوصية فردية للطفل (داخل الحمام، في غرفته، الرقص على أنغام موسيقى جديدة، تقليد فنانين، إظهار طرق وفنون وضع المكياج…) وغيرها، يتطلب دق ناقوس الخطر، وحماية الطفولة من هذا الانزياح.
ثانيا، بينت دراسات عديدة، منها الحكومية ومنها الصادرة عن مراكز بحوث أكاديمية عريقة، أن استعمال الأطفال بشكل يومي ومفرط لمواقع التواصل الاجتماعي يصل إلى درجة «الإدمان»، حيث تصبح الحالة خارج السيطرة عليها، مما يؤثر سلبا على حياته الأسرية والاجتماعية والدراسية… ومنها من ذهب إلى أن هذا النوع من «الإدمان» لا يقل خطورة عن الكحول والمخدرات الصلبة…
إن الطفل الذي ينشر بشكل دوري محتويات، يتطلب منه ذلك الكثير من الزمن للتحضير، وهنا الزمن بمعناه المادي (الوقت) والذهني والنفسي… وهو هدر على حساب الزمن الدراسي والتعلمي والأسري، وعلى حساب الأصدقاء الواقعيين…
الموضوع الثاني، والمثار في هذه المقالة، يتعلق باستغلال أسر للأطفال في صناعة المحتوى، وهو ما سبق الحديث عنه والمتعلق بالإيحاءات الجنسية وخصوصية الطفل، سواء كان المستغل أبا أو أما أو أختا أو أخا…
وهنا نكون أمام جريمة خطيرة تتعلق بالاستغلال وقد تصل إلى الاتجار بالبشر، وما دامت جريمة، فلا داعي للحديث عنها كثيرا، لأنها ممنوعة قطعا.
ختاما:
في العاشر من هذا الشهر سنة 2025، أصبحت أستراليا أّل دولة تجرم استخدام الأطفال دون 16 سنة لمواقع التواصل الاجتماعي. (TikTok، Instagram، Snapchat، Facebook، X، YouTube، وغيرها).
وتناقش فرنسا هذا الأسبوع بجدية هذا القانون مع تخفيض السن إلى 15 سنة، ودول أخرى تسير في هذا الاتجاه: إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا…
ألم يحن الوقت للمغرب، من أجل حماية أطفاله، أن يسن قانونا يحظر على الأطفال فتح حسابات افتراضية، أو على الأقل يحظر صناعة المحتوى، مع الصرامة الكبرى في تجريم استغلالهم لأغراض تجارية من قبل أوليائهم؟