story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

مراري: قرار الكنيست الإسرائيلي يهدد مستقبل فلسطين وينهي “حل الدولتين”

ص ص

أثار تصويت الكنيست الإسرائيلي بالموافقة على مقترح يدعو الحكومة إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، ردود فعل واسعة مستنكرة لهذه الخطوة البرلمانية.

وعلى الرغم من كون القرار شكلياً، فإن الوزراء المتطرفين داخل حكومة نتنياهو، والذين شاركوا في صياغة المقترح، يصرون على أنه يلزم الحكومة بتطبيقه فعلياً، مشددين على أنهم لن يقبلوا الحديث عن أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية، حالياً أو مستقبلاً.

في هذا الصدد، يشرح المحامي الدولي عبد المجيد مراري تفاصيل القرار، مبرزاً أنه في حال تحول المقترح البرلماني إلى قانون وتم التصويت عليه، من شأنه أن يهدد مستقبل الدولة الفلسطينية ويفرض واقعاً أحادياً.

وأوضح مراري، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن التصويت على مقترح قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن سيُنهي الحديث عما يُعرف بـ”حل الدولتين”، لأن هذه الأراضي “هي جوهر الدولة الفلسطينية المستقبلية”، التي تعتزم فرنسا الاعتراف بها، كما اعترفت بها كل من إسبانيا وإيرلندا ودول أخرى.

وأشار مراري، الذي يشغل منصب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة “أفدي” الدولية لحقوق الإنسان، إلى أن فرض السيادة الإسرائيلية على هذه الأراضي يعني الإجهاز نهائياً على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، معتبراً أن هذا القرار “خطوة خطيرة ومدروسة بعناية، وليست مجرد قرار داخلي للكنيست الإسرائيلي، بل يُعد ضوءاً أخضر من أطراف دولية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية”.

وبيّن أن تمرير مقترح القانون يُعد شرعنةً للاستيطان، كونه يشكل الأساس القانوني للبناء الاستيطاني في مناطق مثل (E1)، التي حُسمت في اتفاق أوسلو وقرارات الشرعية الدولية لصالح فلسطين.

وأوضح أن هذا القانون “يمنح غطاءً قانونياً لضم أكثر من 30% من أراضي الضفة الغربية”، واصفاً إياه بأنه بالغ الخطورة، إذ لا يقتصر فقط على ضم هذه المساحات، “بل يُضعف بشكل كبير السلطة الفلسطينية، ويقضي على دورها”.

ويرى مراري أنه حتى في حال إجراء انتخابات مستقبلية، “فلن يكون أمام الفائز، مهما كان توجهه، أي مجال حقيقي للممارسة السياسية أو السيادية، لأن الأرض ستكون قد سُلبت”.

وأضاف أنه “إذا فُقدت الأرض، فما معنى السلطة؟ وما معنى السيادة؟”، مشيراً إلى أن السلطة ستكون مجرد هيكل إداري تابع للجيش الإسرائيلي، لا أكثر. وحذر من أنه “لن تكون لها قيمة فعلية”، وهو ما يعكس حجم خطورة التصويت على مشروع القانون الذي يهدد مستقبل فلسطين.

ورغم أن المشروع لا يزال في طور الدراسة، فإن إسرائيل “تسارع الخطى لتمرير قرارات متهورة وغير محسوبة العواقب، ستقود المنطقة إلى ما لا يُحمد عقباه”، يضيف المتحدث. ويقول: “ينبغي التعامل معه بالجدية اللازمة”.

ومن جانب آخر، يرى عبد المجيد مراري أن الموقف الفرنسي الأخير، الذي أعلن فيه الرئيس إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف بفلسطين، “جاء نتيجة ضغوط لمنع نتنياهو من تمرير هذا القانون”، لكن من الواضح أن “نتنياهو يُسرع الخطى لقلب الطاولة، وإعادة خلط الأوراق في المنطقة”.

ويعتبر مراري، وهو المتحدث الرسمي باسم الفريق القانوني المكلّف بتمثيل الشعب الفلسطيني أمام المحكمة الجنائية الدولية، أن ما وصفها بـ”الخطوة الاستفزازية” تمثل تصعيداً خطيراً وجريمة صريحة ضد القانون الدولي والإنساني، كما أنها “ضربة قاصمة” لأي آمال في تحقيق سلام عادل ومستدام في الشرق الأوسط.

وشدد على أن فرض السيادة على أراضٍ محتلة يشكل “انتهاكاً فاضحاً” للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة (المادة 2 الفقرة 4).

كما يتناقض هذا الإجراء بشكل مباشر مع اتفاقية جنيف الرابعة، وتحديداً المادة 49، “التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة”. وذكر المتحدث أن هذه الانتهاكات لا تقتصر على الإطار القانوني فحسب، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على حياة المدنيين الفلسطينيين، من خلال هدم المنازل، وانتهاك الحقوق الأساسية، وتهديد مستقبلهم.

وتؤكد القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك قراري مجلس الأمن 242 و338، على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها في عام 1967. ويعتبر المحامي الدولي هذه القرارات الأساس القانوني لحل الدولتين، “الذي يُعد السبيل الوحيد لضمان حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير”.

وقال إن تصويت الكنيست يعكس رفضاً صريحاً لهذه القرارات، ويسعى بوضوح إلى تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.

وشدد المحامي المغربي على أن فرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين، وتصاعد عمليات التهجير القسري، وتدمير البنية التحتية، وتعزيز سياسة الفصل العنصري (الأبارتهايد) التي تمارسها إسرائيل.