story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

محلل: تصعيد الهند وباكستان يدخل ضمن “الحروب الهامشية” ذات التهديد الواسع

ص ص

قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن استمرار التصعيد بين الهند وباكستان يُندرج ضمن ما يُعرف بـ”الحروب الهامشية”، التي وإن بدت بسيطة، إلا أنها تحمل في طياتها تهديدًا واسع النطاق، خاصة مع امتلاك الطرفين للسلاح النووي، مما يجعل من هذه النزاعات أكثر خطورة وتعقيدًا.

وأوضح الشيات، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن العالم اليوم لا يحتمل اندلاع حرب جديدة أو أزمة اقتصادية إضافية، وهو الذي لم يتعافَ بعد من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، محذرًا من أن أي مواجهة مباشرة بين نيودلهي وإسلام آباد ستكون استثنائية في سياقها.

وأكد المتحدث أن السلاح النووي “الذي تمتلكه الدولتان”، رغم كونه عاملًا رادعًا، يمكن أن يشكّل في ذات الوقت عنصر التهديد، وهو ما يعكس هشاشة الاستقرار العالمي، في ظل ترهل فاعلية المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، التي أضحت عاجزة عن ضبط الأزمات واحتواء التصعيدات المتكررة في مناطق متعددة من العالم.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن العالم اليوم يعيش على وقع تحولات جذرية في بنية النظام الدولي، قد تفضي إلى ميلاد منظومة عالمية جديدة، الأمر الذي من شأنه أن يُعيد تفجير عدد من النزاعات الإقليمية القديمة، ذات الخلفيات التاريخية والسياسية المعقّدة، كما هو الحال في جنوب آسيا.

تهديد للاقتصاد العالمي

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية إن اندلاع التوترات أو الحروب بين دول ذات ثقل اقتصادي وحضور دولي فاعل، مثل الهند وباكستان، يُخلّف تداعيات مباشرة ومتعددة الأبعاد على الاقتصاد العالمي، نظرًا لما تمثله هذه الدول من عناصر محورية في سلاسل الإنتاج والتوريد.

وأوضح الشيات، أن الهند تُعد من أبرز الاقتصادات الصاعدة على الساحة الدولية، وقد راكمت على مدى عقود بنية تحتية متطورة ومؤسسات اقتصادية قوية، تجعل من انخراطها في حرب طويلة ومدمّرة أمرًا بعيد الاحتمال، لأن مثل هذا الخيار قد يهدد مكتسباتها التنموية ويُقوّض موقعها الدولي.

وأشار الأكاديمي إلى أن العالم تجاوز مرحلة “الحروب الاستنزافية”، والدول أصبحت أكثر وعيًا بكلفة المغامرات العسكرية، خاصة في ظل الترابط الكبير بين الاقتصاديات، وتحوّل الأمن الاقتصادي إلى أولوية قصوى في العلاقات الدولية.

وأضاف المحلل أن موقع الهند وباكستان على خطوط بحرية وجوية تُعد من الأعمدة الحيوية للتجارة الدولية، يجعل من أي نزاع مسلح بينهما خطرًا مباشرًا على استقرار سلاسل التوريد العالمية، لا سيما في القطاعات ذات الصلة بالصناعات الإلكترونية والتكنولوجية، حيث تلعب الهند دورًا رياديًا ومعرفيًا بارزًا.

كما نبه إلى أن أي تصعيد عسكري في جنوب آسيا ستكون له تداعيات واسعة على الاقتصاد الآسيوي برمّته، مع احتمال استفادة بعض القوى المنافسة من الوضع، وعلى رأسها الصين، الحليف التقليدي لباكستان، التي قد ترى في تراجع الهند فرصة لتعزيز موقعها الجيو-استراتيجي، خاصة في ظل الصراع الجيو-اقتصادي المحتدم بينها وبين الولايات المتحدة.

وختم الشيات بالتحذير من أن مثل هذا النزاع لا يشكّل تهديدًا إقليميًا فقط، بل قد يكون شرارة لأزمة اقتصادية عالمية جديدة، في وقت يسعى فيه العالم لتجاوز تداعيات أزمات متعددة، أبرزها الحرب في أوكرانيا والتوترات بين القوى الكبرى.

حياد إيجابي

وبخصوص موقف المغرب من التوتر بين الهند وباكستان، أوضح الشيات أن الرباط تتعامل مع مثل هذه النزاعات انطلاقًا من إدراك عميق لواقع العلاقات الدولية، وبناءً على توازن دقيق يحفظ مصالحها الاستراتيجية.

وأشار إلى أن المغرب حافظ، رغم وجود نزاعات حادة، كما هو الشأن بين تركيا واليونان أو بين الكوريتين، على علاقات متقدمة ومتوازنة مع جميع الأطراف، في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية.

وأضاف أن هذا النهج لا يقتصر على المغرب وحده، بل يعبّر عن موقف تتبناه غالبية الدول، التي تفضل الحياد الإيجابي والحفاظ على علاقاتها مع مختلف القوى المتنازعة، دون الانخراط في محاور قد تضر بمصالحها الوطنية.

وخلص الشيات إلى التأكيد على أن موقف المغرب من هذه النزاعات يجب أن يظل محكومًا بالحكمة والبراغماتية، مع ترك المجال للجهات الدولية الأكثر تأثيرًا، مثل الولايات المتحدة أو الصين، للتدخل واحتواء التوتر، في أفق إعادة العلاقات الدولية إلى مساراتها الطبيعية.